الذخر الحرير بشرح مختصر التحرير
الذخر الحرير بشرح مختصر التحرير
Исследователь
وائل محمد بكر زهران الشنشوري
Издатель
(المكتبة العمرية - دار الذخائر)
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٤١ هـ - ٢٠٢٠ م
Место издания
القاهرة - مصر
Жанры
مقدمة التحقيق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ الَّذي أيَّدَ مذهبَ الإمامِ أحمدَ، بمَن أَتَى فيه بما عليه مِن مُؤَلَّفٍ يُحمَدُ، مِن فروعٍ فيه لها الأصولُ تَشهَدُ، بلفظٍ مُوجَزٍ مُنَقَّحٍ مُهَذَّبٍ، بَلَغَ فيه مِن الكفايةِ والمَطلبِ، ووَشَّحَ مسائلَه براجحِ المَذهبِ، معَ احتوائِه على ما يَحتاجُ إليه الأمرُ ويَطلُبُ.
وأَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةً تَرفَعُ قائلَها أعلى الدَّرجاتِ، وتُبَلِّغُه أقصى الغاياتِ مِن جميعِ الخيراتِ، وأُصلِّي وأُسلِّم على سيِّدنا مُحمَّدٍ خيرِ البَريَّات.
وبعدُ؛ فإنَّ عِلمَ أصولِ الفقهِ علمٌ عظيمٌ مِن أعظمِ علومِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ وأجلِّها قَدْرًا وأكثرِها فائدةً، فهو عِلْمٌ يُتَعَرَّفُ منه تقريرُ مطالبِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ العلميَّةِ، وطُرُقُ استنباطِها، وموادُّ حُجَجِها، واستخراجُها بالنَّظَرِ، كما قالَ المُناويُّ ﵀.
قالَ الإمامُ الغَزَّاليُّ في «المُستصفى» (ص ٤): وأشرفُ العُلومِ ما ازدُوجَ فيه العقلُ والسَّمْعُ، واصْطُحِبَ فيه الرَّأيُ والشَّرعُ، وعِلْمُ الفقهِ وأصولُه مِن هذا القَبيلِ؛ فإنَّه يَأخُذُ مِن صَفْوِ الشَّرعِ والعقلِ سواءَ السَّبيلِ، فلا هو تَصَرُّفٌ بمَحْضِ العقولِ بحيثُ لا يَتَلَقَّاه الشَّرعُ بالقبولِ، ولا هو مبنيٌّ على مَحضِ التَّقليدِ الَّذي لا يَشْهَدُ له العقلُ بالتَّأييدِ والتَّسديدِ. اهـ
هذا، وقد كانَ ظَهَرَ في زمانِنا هذا بعضُ مَن لا يَرَوْنَ حاجةً إلى تَعَلُّمِ أصولِ الفقهِ، ويُنْكِرُونه، ويَنْتَقِدونَ على مَن يُعَلِّمُه ويَتَعَلَّمُه، مُتَمَسِّكِينَ بالأخذِ بالكتابِ والسُّنَّةِ مُباشرةً.
1 / 11
أقولُ: وهو فهمٌ خاطئٌ، فهذه العلومُ الشَّرعيَّةُ ما هي إلَّا تقريبٌ وتيسيرٌ وتنظيمٌ لِما جاءَ في الكتابِ والسُّنَّةِ النَّبويَّةِ المُطَهَّرةِ، كيف وهذا العِلمُ الشَّريفُ نالَ عنايةً بالغةً مِن أهلِ العِلمِ مِن المذاهبِ الفقهيَّةِ، وتَنَافَسُوا فيه، مِن القديمِ للحديثِ وإلى زمانِنا هذا، حتَّى سُمِّيَ مَن يَشتغلونَ به بالأُصُوليِّين.
قالَ الرَّازيُّ في «تفسيرِه» (٢/ ٣٤٨): وعِلْمُ الفقهِ كلُّه مأخوذٌ مِن القرآنِ، وكذا علمُ أصولِ الفقهِ .. إلخ.
وقالَ الزَّرْكَشِيُّ في «البحر المحيط» (١/ ٤٥٧): وقد تَكَلَّمَ المُفَسِّرون هنا في حقيقةِ النَّسخِ الشَّرعيِّ وأقسامِه، وما اتُّفِقَ عليه منه، وما اختُلِف فيه، وفي جوازِه عقلًا، ووقوعِه شرعًا، وبماذا يُنْسَخُ، وغيرِ ذلك من أحكامِ النَّسخِ ودلائلِ تلك الأحكامِ، وطَوَّلُوا في ذلك، وهذا كلُّه موضوعُه علمُ أصولِ الفقهِ، فيُبْحَثُ في ذلك كلِّه فيه.
وقالَ ابنُ حَمدانَ الحنبليُّ في «صفة المُفتي» (ص: ١٥١): فأمَّا الفقيهُ على الحقيقةِ فهو: مَن له أهليَّةٌ تامَّةٌ، يُمْكِنُه أنْ يَعرِفَ الحُكْمَ بها إذا شاءَ، معَ معرفتِه جملةً كثيرةً عُرفًا مِن أُمَّهاتِ مسائلِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ الفروعيَّةِ العمليَّةِ، بالاجتهادِ والتَّأمُّلِ، وحُضُورِها عندَه .. فلهذا كانَ علمُ أصولِ الفقهِ فَرْضًا على الفقهاءِ.
وقد ذَكَرَ ابنُ عَقِيلٍ: أنَّه فرضُ عينٍ، والمذهبُ: أنَّه فرضُ كفايةٍ، كالفقهِ. اهـ
وقالَ البَزْدَوِيُّ الحنفيُّ في مُقدِّمَةِ «كشف الأسرارِ» (١/ ٣): .. لا سِيَّمَا عِلمُ أصولِ الفقهِ الَّذي هو أَصعَبُها مداركَ، وأدقُّها مسالكَ، وأعمُّها عوائدَ، وأتمُّها فوائدَ، لولاه لبَقِيَتْ لطائفُ علومِ الدِّينِ كامنةَ الآثارِ، ونجومُ سماءِ الفقهِ والحِكمةِ مَطمُوسةَ الأنوارِ، لا تَدخُلُ ميامنُه تحتَ الإحصاءِ، ولا تُدرَكُ محاسنُه بالاستقصاءِ. اهـ
1 / 12
وها هو ابنُ خلدونَ يُوضِحُ الأمرَ أيَّما إيضاحٍ، فقالَ في «تاريخِه» (١/ ٥٧٥): واعلمْ أنَّ هذا الفنَّ مِن الفنونِ المُستحدَثَةِ في المِلَّةِ، وكانَ السَّلفُ في غُنيَةٍ عنه بما أنَّ استفادةَ المعاني مِن الألفاظِ لا يُحتاجُ فيها إلى أزيدَ ممَّا عندَهم مِن المَلَكَةِ اللِّسانيَّةِ، وأمَّا القوانين الّتي يُحتاج إليها في استفادة الأحكام خصوصًا فمنهم أُخذ معظمها، وأمَّا الأسانيدُ فلم يَكونُوا يَحتاجونَ إلى النَّظرِ فيها؛ لقُربِ العصرِ وممارسةِ النَّقَلَةِ وخِبرَتِهم بهم، فلمَّا انْقَرَضَ السَّلَفُ وذَهَبَ الصَّدرُ الأوَّلُ وانقلبَتِ العلومُ كلُّها صناعةً كما قَرَّرْناه مِن قبلُ؛ احتاجَ الفقهاءُ والمجتهدونَ إلى تحصيلِ هذه القوانينِ والقواعدِ لاستفادةِ الأحكامِ مِن الأدلَّةِ؛ فكَتَبُوها فنًّا قائمًا برأسِه سَمَّوْه «أصولَ الفقهِ». اهـ
وقالَ شيخُ شيوخِنا العلَّامةُ العُثيمينُ ﵀ في «شرحِ الأصولِ»: عِلْمُ أصولِ الفقهِ عِلْمٌ مهمٌّ، لا يَنبغي لطالبِ العِلمِ أن يُفرِّطَ فيه، ومعَ كونِه ثمرةَ الفقهِ فهو أصولٌ أيضًا لغيرِ الفقهِ؛ إذْ يُمكِنُ أنْ تَستخدِمَه في بابِ التَّوحيدِ .. إلخ.
وقالَ شيخي الحبيبُ العَلَّامةُ المُحدِّثُ أبو إسحاقَ الحُوينيُّ حَفِظَه اللهُ ورَعَاه وشفاه وعافاه في مُقدِّمَةِ كتابِه «تنبيه الهاجدِ» (١/ ١٣) وهو يَحكي تَجْرِبَتَه العلميَّةَ وحضورَه مجالسَ شيخِه العلَّامةِ محمَّد نجيب المطيعيِّ ﵀، وكان يَشرَحُ أربعةَ كتبٍ، وهي «صحيحُ البخاريِّ» و«المجموعُ» للنَّوويِّ، و«الأشباهُ والنَّظائرُ» للسُّيُوطِيِّ، و«إحياءُ علومِ الدِّينِ» للغزَّاليِّ، قالَ حَفِظَه اللهُ: أَتاحَتْ لي هذه المجالسُ دراسةَ نُبَذٍ كثيرةٍ مِن علميْ أُصُولِ الحديثِ وأصولِ الفقهِ، وواللهِ لا أَشْتَطُّ إذا قُلْتُ: إنَّني أبْصَرْتُ بعدَ العَمى
1 / 13
لمَّا دَرَسْتُ هذينِ العِلْمينِ الجليلينِ، وأُقَرِّرُ هنا أنَّ الجاهلَ بهذينِ العِلْمَينِ لا يَكونُ عالمًا مهما حَفِظَ مِن كُتُبِ الفروعِ؛ لأنَّ تقريرَ الحقِّ في مَواردِ النِّزاعِ لا يَكونُ إلَّا بِهِما، فعِلْمُ الحديثِ يُصَحِّحُ لك الدَّليلَ، وعِلمُ أُصولِ الفقهِ يُسَدِّدُ لك الفهمَ، فهما كجَناحيِ الطَّائرِ. اهـ
أوَّلُ مَن صَنَّفَ في أُصولِ الفقهِ
ومشهورٌ أنَّ إمامَنا الشَّافعيَّ ﵁ هو أوَّلُ مَن ألَّفَ وجَمَعَ في هذا العِلْمِ الشَّريفِ، وقالَ البعضُ بأنَّ الحنفيَّةَ هم أوَّلُ مَن وَضَعَ قواعدَ هذا العِلْمِ.
قالَ الزَّرْكَشِيُّ في «البرهان» (١/ ١٨): الشَّافعيُّ ﵁ أوَّلُ مَن صَنَّفَ في أُصولِ الفقهِ، صَنَّفَ فيه كتابَ «الرِّسالة»، وكتابَ «أَحكام القرآنِ»، و«اختلاف الحديثِ»، و«إبطال الاستحسانِ»، وكتابَ «جماع العِلمِ»، وكتابَ «القياس» الَّذي ذَكَرَ فيه تضليلَ المُعتزلةِ ورُجوعَه عن قَبولِ شهادتِهم، ثمَّ تَبِعَه المُصَنِّفون في الأُصولِ.
قالَ الإمامُ أحمدُ ابنُ حنبلٍ: لم نَكُنْ نَعرِفُ الخُصوصَ والعمومَ حتَّى وَرَدَ الشَّافعيُّ.
وقالَ الجُوينيُّ في «شرح الرِّسالةِ»: لم يَسبِقِ الشَّافعيَّ أحدٌ في تصانيفِ الأصولِ ومعرفتِها. اهـ
وقالَ ابنُ خلدونَ في «تاريخِه» (١/ ٥٧٦): كانَ أوَّلَ مَن كَتَبَ فيه -أي: علْمِ أُصولِ الفقهِ- الشَّافعيُّ ﵁، أَمْلَى فيه رسالتَه المشهورةَ، تَكَلَّمَ فيها على الأوامرِ والنَّواهي، والبيانِ، والخبرِ، والنَّسخِ، وحُكْمِ العِلَّةِ المَنصوصةِ مِن القياسِ. اهـ
1 / 14
قالَ الشَّنشُوريُّ: وكذا تَبِعَهم على ذلك مِن المُعاصرينَ الشَّيخُ العلَّامةُ عبدُ الوَهَّابِ خلَّاف ﵀ في «علم أُصولِ الفقهِ» (ص: ١٨)، والشَّيخُ العلَّامةُ الدُّكتورُ مُحمَّد سليمان الأشقر ﵀ في «الواضح في أُصولِ الفقهِ» (ص: ١٥)، والشَّيخُ العلَّامةُ الدُّكتورُ عبدُ الكريمِ زيدان ﵀ في «الوجيز في أُصولِ الفقهِ» (ص: ١٦)، والشَّيخُ العَلَّامةُ الدُّكتورُ وهبةُ الزُّحيليُّ ﵀ في «الوجيز في أصولِ الفقهِ»، وغيرُهم.
وقد صَنَّفَ العلماءُ في هذا العِلمِ وغيرِه مُؤلَّفاتٍ صغيرةً تَنفَعُ المُبتدِئينَ وتَأخُذُ بأيديهم للدُّخولِ في رَوضةِ هذا العِلمِ المباركِ، ومُؤَلَّفاتٍ أُخرى للمُتَوسِّطينَ ممَّن تَجاوَزُوا الكتبَ السَّابقةَ، وأُخرى للمُنتهينَ المُتْقِنينَ.
ومِن المُؤلَّفاتِ الصَّغيرةِ التي أُلِّفَتْ في هذا العِلْمِ المختصرُ المشهورُ في أصولِ الفقهِ: «مُختصَر التَّحريرِ» للإمامِ الفُتُوحيِّ ﵀، الَّذي اختَصَرَه مِن كتابِ المَرْدَاوِيِّ «تحريرُ المنقولِ وتهذيبُ عِلْمِ الأصولِ»، وكلاهما مطبوعٌ.
و«مختصرُ التَّحريرِ» مُختصرٌ مهمٌّ نافعٌ مُفيدٌ مِن أفضلِ المختصراتِ في هذا العِلمِ، أهمِّيَّتُه ومكانتُه مُستقِرَّةٌ عندَ أهلِ العلمِ.
قالَ العلَّامةُ العثيمينُ ﵀ في «شرح الأصولِ مِن علْمِ الوُصولِ» (ص ٤٠): إنَّ مِن أحسنِ ما أُلِّفَ في أصولِ الفقهِ بلْ مِن أجمعِه كتابًا صغيرًا يُسَمَّى «مُختصَرُ التَّحريرِ» للفُتُوحِيِّ، وهذا المُختصَرُ في الحقيقةِ خلاصةُ ما قالَه الأُصُولِيُّونَ في أصولِ الفقهِ، ويُمكِنُ للإنسانِ أنْ يَحفَظَه عن ظَهرِ قلبٍ، إلَّا أنَّه يَحتاجُ إلى عالمٍ يُبَيِّنُ مَعناه للطَّالبِ، فالَّذي يَحفَظُه عن ظهرِ قلبٍ
1 / 15
ويَعرِفُ مَعناه سيَكُونُ أُصُوليًّا بالمَعنى الحقيقيِّ، فهذا مِن أجمعِ ما رَأَيْتُ على اختصارِه. اهـ
ولمَّا كانَ هذا المختصَرُ يَحتاجُ إلى شرحٍ كما سَبَقَ، ولمَّا كانَ عادَةُ أهلِ العلمِ أنْ يَشرَحُوا هذه المختصراتِ؛ فقد وَضَعَ الإمامُ البَعْلِيُّ ﵀ شرحًا نفيسًا مُتَوَسِّطًا يَأخُذُ بيدِ مَن أرادَ أن يَرتقيَ في هذا العِلْمِ، وهو شرحٌ عظيمُ النَّفعِ، وهو كتابُنا هذا «الذُّخرُ الحريرُ».
قالَ عنه ابنُ بدرانَ في «المدخل إلى مَذهبِ الإمامِ أحمدَ» (ص: ٤٦١): ثمَّ إنَّ مُصنِّفَه شَرَحَه في مجلَّدٍ وسمَّاه: «الكوكبُ المنيرُ في شرحِ مختصرِ التَّحريرِ»، ثمَّ شَرَحَه الشَّيخُ أحمدُ البَعليُّ وسمَّاه: «الذُّخرُ الحريرُ شرحُ مختصرِ التَّحريرِ»، وهذانِ الشَّرحانِ يُفيدانِ المتوسِّطَ في هذا الفنِّ. اهـ
قالَ الشَّنشُورِيُّ: وشَرَحَه جماعةٌ مِن أهلِ العِلمِ في زمانِنا للطَّلبةِ:
- شَرَحَه شيخُ شيوخِنا العلَّامةُ الفقيهُ الأصوليُّ محمَّدُ ابنُ العثيمينِ ﵀ في دروسٍ علميَّةٍ، ثمَّ طُبِعَ الشَّرحُ في مجلَّدٍ مِن إصداراتِ مُؤسَّسةِ الشَّيخِ محمَّدِ بنِ صالِحٍ العثيمينِ الخيريَّةِ.
- وشَرَحَه الشَّيخُ العلَّامةُ عياضٌ السُّلَمِيُّ، والشَّيخُ العلَّامةُ عبدُ المُحسنِ الزَّاملُ، والشَّيخُ العلَّامةُ سعدٌ الشِّثْرِيُّ، والشَّيخُ الدُّكتورُ مُطلِقٌ الجاسرُ، والشَّيخُ الدُّكتورُ حَسَن بُخارِيّ، وغيرُهم، حَفِظَهم اللهُ وبارَكَ فيهم في دروسٍ علميَّةٍ ماتعةٍ.
- ولشيخِ شيوخِنا العلَّامةِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ ناصرٍ السَّعديِّ ﵀
1 / 16
تعليقاتٌ على «مختصر التَّحريرِ» كما ذَكَرَ ذلك الشَّيخُ العلَّامةُ سعدٌ الشِّثريُّ في بحثٍ له بعنوانِ: «العلماءُ الَّذينَ لهم إسهامٌ في علمِ الأُصولِ مِن عامِ ١٣٠٠ - ١٣٧٥ هـ».
- وله رسالةٌ بعنوانِ: «صفوةُ أصولِ الفقهِ المُنتخبةُ مِن مختصرِ التَّحريرِ» وَقَفْتُ على نسخةٍ خطِّيَّةٍ لها بخطِّ شيخِ شيوخِنا الشَّيخِ العلَّامةِ ابنِ عَقِيلٍ ﵀، وقد شَرَحَ هذه الرِّسالةَ الشَّيخُ العلَّامةُ عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ الفوزانُ حَفِظَه اللهُ في دروسٍ علميَّةٍ.
- ونَظَمَ «مختصر التَّحريرِ» الشَّيخُ العلَّامةُ عامِر بهجَتْ حَفِظَه اللهُ، وسَمَّاه: «النَّظم الصَّغير مِن مُختصَرِ التَّحريرِ»، ووَضَعَ عليه تَشجيرًا سَمَّاه: «التَّشجير لمسائلِ النَّظمِ الصَّغيرِ».
وقد بَذَلْتُ ما أَستطيعُ في ضبْطِ نصِّ الكتابِ وإخراجِه في أفضلِ صورةٍ، فاللَّهُمَّ تَقَبَّلْ وبارِكْ وانفَعْ به يا رَبَّ العالمينَ.
وكتب
أبو حبيبة
وائل محمد بكر زهران الشنشوري
قرية شنشور، أشمون، محافظة المنوفية، مصر الحبيبة
في السَّابِعِ مِن صفرٍ، لعامِ ١٤٤١ هـ، ٦/ ١٠/ ٢٠١٩ م
waaelbakr@yahoo.com
1 / 17
التَّعريف بالإمام البَعْلِيِّ (^١)
صاحب الشَّرح «الرَّوض النَّدي»
هو الإمام الفقيه العلَّامة الزَّاهد: شهاب الدِّين أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن مصطفى الحَلَبِيُّ الأصل، البَعْليُّ، الدِّمَشْقِيُّ المولد والسَّكن والوفاة، الحَنْبَلِيُّ.
الشَّهير بالخطيب الحنبلي، كما جاء في نهاية النسخة الخطية (س) من هذا الكتاب المبارك.
مولده:
ولد ﵀ في ثامن رمضان، وقيل: ثامن عشر، سنة ثمان ومائة وألف بدمشق، ونشأ فيها في بيت علمٍ في كنف والده جمال الدين وكان من أهل العلم، وتلا القرآن العظيم، ثمَّ شرع في طلب العلم.
شيوخه وطلبه للعلم
اشتغل ﵀ بطلب العلم، فأخذ عن والده التفسير والحديث والفقه، وأيضًا عن جدِّه الشيخ أحمد كما ذكر في إجازته للشيخ محمد شاكر العمري، وقرأ على جماعة وأخذ عنهم الحديث والتفسيره وغيره منهم:
_________
(^١) ترجمته في: «سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر» للحسيني (١/ ١٣٢)، و«السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة» لابن حميد النجدي (١/ ١٧٣ ترجمة ٨٥)، و«عقود اللآلي» لابن عابدين (ص ٢٢)، و«مختصر ذيل طبقات الحنابلة» لابن شطي (ص ١٤٤)، و«النعت الأكمل» (ص ٣٠٨)، و«الورد الأنسي في مناقب الشيخ عبد الغني النابلسي» (ورقة ٨٤) كلاهما للغزي، و«هدية العارفين» (١/ ١٧٨)، و«إيضاح المكنون» (٣/ ٥٩٠)، و«الأعلام» للزركلي (١/ ١٦٢)، و«تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة» (٢/ ١٨٣).
1 / 18
خاتمة المُسندين الشيخ أبو المَواهب الحنبليُّ مفتي الحنابلة بدمشق، وعن حفيده الشيخ محمد بن عبد الجليل المَوَاهِبِيِّ، والشيخ عبد القادر بن عمر التَّغْلبِيِّ وانتفع به ولازمه، ومنهم الشيخ الشهاب أحمد بن عبد الكريم الغَزِّي العَامِرِيُّ الدِّمشقيُّ مفتي الشافعية بدمشق، ومنهم الشيخ مصطفى بن عبد الحق اللّبدي، والشيخ محمد بن علي الكاملي وولده العز عبد السلام، والشيخ محمد العَجْلُونِي نزيل دمشق، والمنلا إلياس الكُردي نزيل دمشق أيضًا، والشيخ عواد بن عبيد الله الكوري الحنبلي الدمشقي، والمُحدِّث الشيخ إسماعيل العَجْلُونِي، والشيخ محمد بن عيسى الكناني الصالحي، والشمس محمد بن عبد الرحمن الغَزِّي العامري.
وأخذ طريق الخلوتية عن الأستاذ الشيخ محمد بن عيسى الكناني الصالحي الدمشقي، والشيخ محمد عقيلة المكي سمع منه حديث الأولية وأجاز له بما تجوز له روايته، والشيخ عبد الله الخليلي نزيل طرابلس الشام.
وحجَّ سنة ١١٦٥ فأخذ بالمدينة المنورة عن الشيخ الإمام جعفر بن حسن بن عبد الكريم البَرْزَنْجِيِّ.
وكان يأكل من كسب يمينه في حياكة الإلاجة وهي صناعة نسيج لأثواب الرجال معروفة في دمشق، فرضي بما يرزقه الله منها حلالًا، وفي آخر عمره ترك ذلك لعَجزه وحجَّ ودرَّس بالمدينة المنورة، ولازمه جماعة من أهلها، وتولى إفتاء الحنابلة بعد الشيخ إبراهيم المواهبي سنة ثمان وثمانين ومائة وألف.
قال ابن عابدين: وكان يخطب في الجامع المَنْجَكِّيِّ بمحلة الأقصاب بأرض العنابة (^١).
_________
(^١) قاله في «عقود اللآلي» (ص ٢٣) طبعة دار العمري.
1 / 19
تلامذته
درَّس ﵀ بالجامع الأموي، فأفاد وأجاد، وانتفع به الناس طبقة بعد طبقة، وحجَّ ودرَّس بالمدينة المنورة، ولازمه جماعة من أهلها، ومن تلامذته:
* الشيخ إبراهيم بن ناصر بن جَديد الزُّبيري الحَنبليُّ.
قال البكري: أخذ عن البَعْلِيِّ الحديث والتفسير وغير ذلك (^١).
*والشيخ محمد شاكر قرأ عليه شرح الرَّحبيَّة للشَّنْشُورِيِّ (^٢)، كما ذكر ابن عابدين.
* الشيخ مصطفى بن سعد بن عَبْدُه.
قال البَكْرِيُّ: لازم علَّامة المَذهبِ إذ ذاك بدمشق الورع الشيخ أحمد البَعْلِيَّ (^٣).
ثناء العلماء عليه
قال الحسيني في «سلك الدرر»: الإمام الورع الزاهد الفقيه، كان عالمًا فاضلًا عاملًا بعِلمه، ناسكًا، خاشعًا، متواضعًا، بقيَّة العلماء العاملين، عابدًا، فَرَضِيًّا، أُصوليًّا، لم يكن على طريقته أحدٌ ممَّن أدركناه، مع الفضل
_________
(^١) «فيض الملك الوهاب المتعالي» للبكري (ص ٢٨٧).
(^٢) هي «الفوائد الشنشورية» للإمام عبد الله الشنشوري، أنهيت تحقيقها على نسخ خطية منها نسختان بخطِّ المؤلِّف وثالثة مقروءة عليه، وهي قيد الطباعة بدار «الذخائر»، وحقَّقت له من قبل «خلاصة الفكر في مصطلح الحديث» وطبع في مجلدٍ بمؤسسة عِلم لإحياء التُّراث بالقاهرة.
والشنشوري نسبة لقرية شنشور التي أعيش فيها، خرج منها أيضًا: الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي النوبي، والشيخ مناع القطان -رحمهما الله-.
(^٣) «فيض الملك الوهاب المتعالي» (ص ١٤٤٥).
1 / 20
الذي لا يُنكر، وتفوَّق وحاز فضلًا سيِّما بالفقه والفرائض، ودرَّس بالجامع الأموي، وأفاد وانتفع به النَّاس سلفًا وخلفًا.
وأثنى عليه البَكْرِيُّ في ترجمة أحد تلامذته فقال: شيخ المذهب، العلَّامة الورع الزَّاهد الفقيه الأُصوليُّ، أخذ عنه التَّفسير، والقِراءات، والحديث، والفقه، والنَّحو، والأصلين وغيرها، ثمَّ أجازه وغالب علماء دمشق المحروسة من أهل المذاهب (^١).
وقال الغَزِّي في «النَّعت الأكمل»: الشيخ الإمام العالم العامل الفقيه الفَرَضِيُّ الحَيسُوب الصُّوفِي الخَلوتي الخاشع النَّاسك العابد الزَّاهد الصَّالح الكامل المُتقشِّف الأوحد النَّحرير، شيخُنا وأستاذُنا.
عالمٌ ضربَ من الفضل بنصيبٍ وافرٍ، وأحيى من مُندرس العِلم عالي المَآثر، بزُهدٍ يحكي زُهدَ ابن أدهم، وتقشُّفٍ كان لبرده الطّراظ المُعلم، وقوَّة دينٍ كالجبال الرَّواسي، وبديعِ يقينٍ بحلله الشَّريفة كاسي.
وقال ابن عابدين في «عقود اللآلئ»: الشَّيخ الإمام، والحبر الهُمام، النَّاسك العابد، والورع الزَّاهد، الصُّوفِي الفقيه النَّحرير، والعالم العامل الكبير، بقيَّة السَّلف، وقُدوة الخَلف، الأمَّار بالمَعروف والنَّهاء عن المُنكر، المُثابر على العبادات والطَّاعات، مُفتي السَّادة الحنابلة بدمشق (^٢).
وقال ابن شطي في «مختصر ذيل طبقات الحنابلة»: شيخنا وأستاذنا الشيخ الإمام العلَّامة العامل الفقيه الفَرَضِيُّ الصُّوفِي الخَلوتي الخاشع النَّاسك النَّحرير الأوحد.
_________
(^١) «فيض الملك الوهاب المتعالي بأنباء أوائل القرن الثالث عشر والتوالي» (١/ ٢٨٧)، و«هدية العارفين» (١/ ١٧٨).
(^٢) «عقود اللآلي» (ص ٢٢).
1 / 21
وقال أيضًا: إليه ينتهي سندُ الفقهِ في ديارنا الشَّاميَّة الآن، بروايته عن الشيخ أبي المواهب، عن والده الشيخ عبد الباقي الحنبلي صاحب الثَّبت المَشهور جزاهم الله عنَّا خيرًا.
وقال أثناء ذكر شيوخه: وجميع من ذُكر كَتبوا له إجازاتٍ بخُطوطهم وقفتُ عليها فرأيتها مشحونةً بالثَّناء عليه.
وقال ابن حميد في «السُّحب الوابلة»: وذكره الغَزِّي أيضًا في كتابه «معجم الشيوخ» المسمى بـ «إتحاف ذوي الرسوخ» وأثنى عليه ثناءً بليغًا.
قال: وقال تلميذه إبراهيم بن جديد: وكان كثيرَ الخَشية، سريعَ الدَّمعة، عليه أنوارٌ، ينتفع الشَّخص برُؤيته قبل أن يسمع كلامه.
وقال ابن بدران ١٣٤٦ هـ: الورع الفقيه الأصولي الفَرَضِيُّ (^١).
وقال البغدادي في «هدية العارفين»: كان فقيهًا فَرَضِيًّا.
وقال الزِّرِكْلِيُّ: رياضيٌّ عالمٌ بالفَرائضِ، حنبلي.
ورعه وزهده
قال ابن عابدين: كان البَعْلِيُّ ﵀ في الزُّهد والوَرع على جانبٍ عظيمٍ، أخبرني سيدي يعني الشيخ محمد شاكر تلميذ البَعْلِيِّ أنه مرَّة وقع وظيفة تدريس، فأراد مفتي دمشق أن يوجهها عليه وألحَّ عليه بذلك، فأبى وقال له: يا سيدي أنا تكفيني طاسة الشوربة، وترضى مني أم محمد بذلك، ثمَّ لمَّا أيس منه ألحَّ عليه أن يوجّهها على ولده الشيخ محمد فقال: هذا أنا لنفسي لم أقبلها، فكيف أرضى بها لغير مُستحقِّها.
_________
(^١) «المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل» (ص ٤٤٤).
1 / 22
وقال أيضًا: كان البَعْلِيُّ ﵀ لا يأكلُ من مال ولده المذكور؛ لشدَّة ورعِه وعِفَّته، وكان يكتسبُ من عمل يده في حياكة الإلاجة، ولمَّا كبرت سنُّه ترك ذلك ولزم حجرته بالخانقاه الشميصاتية.
مؤلفاته:
«الذُّخر الحَرير بشرح مختصر التَّحرير».
وهو كتابنا هذا ويأتي الكلام عليه بإذن الله تعالى.
* «الروض الندي بشرح كافي المبتدي». وقد حققته بحمد الله تعالى على عدة نسخ خطية، وطُبع في مجلدين بمكتبة أهل الأثر بالكويت، وعليه حاشية «إرشاد المقتدي» لشيخنا العلامة أحمد القُعيمي حفظه الله.
* «منية الرائض لشرح عمدة كل فارض» (^١).
له نسخة خطية بمكتبة برنستون برقم الحفظ: ٣٠٥٠، ٣٧٩٩.
ونسخة أخرى بمكتبة زهير جاويش ببيروت، وحقق في رسالة جامعية.
قال الحسيني: وغير ذلك من التَّعليقات في الحساب والفرائض والفقه.
* * *
_________
(^١) ينظر «سلك الدرر» للحسيني (١/ ٢٨٧)، «الأعلام» للزركلي (١/ ١٦٢)، و«إيضاح المكنون» (٤/ ٥٩٦)، والغزي في «النعت الأكمل» (ص ٣١٠)، و«مختصر ذيل طبقات الحنابلة» لابن شطي (ص ١٤٥).
وقد حُقق في رسالة جامعية بالمملكة.
1 / 23
وفاته
قال ابن شَطِّي: وما زال على أحسن حال وأبدع منوال إلى أن توفي ﵀ في محرم سنة تسع وثمانين ومائة وألف، ودُفن بمَقْبَرة باب الصَّغير.
قال ابن عابدين: وكانت وفاته رحمه الله تعالى ونفعنا به وهو ساجدٌ في سُنَّة الفجر نهار السبت سادس عشر محرم الحرام سنة ١١٨٩، وصُلِّي عليه بعد صلاة الظُّهر يوم السَّبت المذكور بالجامع الأموي المعمور، ودُفن بتُربة الباب الصَّغير.
* * *
1 / 24
التعريف بكتاب الذخر الحرير
هو تصنيفٌ رائقٌ بديعٌ، وَضَعَه مُؤَلِّفُه ﵀ على كتابِ «مُختصر التَّحريرِ» بعباراتٍ متوسِّطةٍ لا طويلةٍ ولا قصيرةٍ، وأسلوبٍ سهلٍ بسيطٍ يَصِلُ إلى الطَّالبِ بيُسْرٍ، ظَهَرَتْ فيه مكانةُ الإمامِ البعليِّ ﵀ ورُسوخُ قَدَمِه في هذا الفنِّ البديعِ.
وقد أبانَ ﵀ في مُقَدِّمَةِ كتابِه «الذُّخرُ الحريرُ» عن منهجِه، فقالَ: لَمَّا رَأَيْتُ الكتابَ الموسومَ بـ «مُختصَر التَّحريرِ» -للشَّيخِ الإمامِ العالمِ تقيِّ الدِّينِ محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ النَّجَّارِ الفُتُوحِيِّ، اختَصَرَه مِن «تحريرُ المنقولِ وتَهذيبُ عِلْمِ الأصولِ» للشَّيخِ الإمامِ المُنقِّحِ علاءِ الدِّينِ المَرْدَاوِيِّ رَحِمَهما اللهُ تَعالى- مُشتملًا على قواعدَ كثيرةٍ، وفوائدَ عظيمةٍ، ومعَ ذلك شَرَحَه مُصَنِّفُه شرحًا عظيمًا، لكنَّه أطالَ في بعضِ المواضعِ، وتَرَكَ أُخْرى بلا حلٍّ لمَعانيها رَغِبْتُ أنْ أَشْرَحَه شرحًا مختصَرًا تَسْهُلُ قِراءتُه، لكونِ بعضِ أسيادي سَأَلَني ذلك، ولا يَسَعُني مُخالفتُه؛ فأَجَبْتُه لذلك مُسْتَثنيًا؛ لقولِه تَعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ (^١) معَ عَجزي واعتِرافِي بالقُصورِ مِن رُتبةِ الخوضِ في تلك المسالكِ، واسْتَخَرْتُ اللهَ تعالى وطَلَبْتُ منه المعونةَ والتَّدبيرَ، وسَمَّيْتُه: «الذُّخْرُ الحَرِيرُ بِشَرْحِ مُخْتَصَرِ التَّحريرِ»، وأَسْأَلُ اللهَ النَّفعَ به، كما نَفَعَ بأصْلِه، إنَّه على ما يَشاءُ قديرٌ. اهـ
_________
(^١) الكهف: ٢٣ - ٢٤.
1 / 25
قُلْتُ: وقد استفادَ ﵀ مِن كتبِ أهلِ العِلمِ ممَّن سَبَقُوه في شرحِ «مختصر التَّحريرِ» أو ألَّفوا وكَتَبُوا وأَبْدَعُوا عامَّةً في عِلمِ الأصولِ، وممَّن استفادَ منهم:
المَردَاوِيُّ صاحبُ المختصرِ نفسِه في شرحِه «التَّحبيرُ في شرحِ التَّحريرِ» وهو العمدة في كتابه، وابنُ مفلحٍ في «أصولِه»، وابنُ حمدانَ في «مُقنعِه»، والآمِدِيُّ في «الإحكامُ في أصولِ الأحكامِ»، والطُّوفِيُّ في «شرحُ مُختصَرِ الرَّوضةِ»، وابنُ قاضي الجبلِ في مصنَّفِه في الأصولِ، والقَرافيُّ في «شرحُ التَّنقيحِ»، والشَّمسُ البِرْمَاوِيُّ في «الفوائدُ السَّنِيَّةُ في شرحِ الألفيَّةِ»، والغَزَّالِيُّ، والكُورانِيُّ، والأرمويُّ، وغيرُهم مِن أهلِ العِلمِ، كما ستَجِدُه فيه بإذنِ اللهِ تَعالى.
وبعضُ هذه المواردِ الَّتي نَقَلَ عنه الإمامُ البَعْلِيُّ ﵀ واستفادَ مِنها لم يَصِلْنا ولم نَقِفْ عليه، وهو مِن ميزاتِ كتابِه.
والكتابُ مُهمٌّ مفيدٌ لكلِّ طالبِ عِلمٍ، جَزَى اللهُ مُؤلِّفَه خيرَ الجزاءِ، ونَفَعَنا جميعًا به.
أثنى عليه ابنُ بدرانَ في «المدخلُ إلى مذهبِ الإمامِ أَحمد» (ص: ٤٦١) فقالَ: ثمَّ إنَّ مُصنِّفَه (يَعني مصنفَ مختصرِ التَّحريرِ) شَرَحَه في مجلَّدٍ، وسَمَّاه «الكوكبُ المنيرُ في شرحِ مختصرِ التَّحريرِ»، ثمَّ شَرَحَه الشَّيخُ أحمدُ البَعليُّ وسَمَّاه «الذُّخرُ الحريرُ شرحُ مختصرِ التَّحريرِ»، وهذانِ الشَّرحانِ يُفيدانِ المُتوسِّطَ في هذا الفنِّ. اهـ
وقالَ العلَّامةُ ابنُ شطِّيٍّ ﵀ في «مختصر طبقات الحنابلة» (ص: ١٤٥): وقد ألَّف شيخُنا مُؤلَّفاتٍ نافعةً؛ مِنها «ذُخرُ الحريرِ بشرحِ مختصرِ التَّحريرِ».
وكذا قال الغزِّيُّ في «النَّعتُ الأكملُ» (ص: ٣١٠).
1 / 26
منهج العمل في التحقيق
اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على نسختين خطيتين لم أظفر بغيرهما بعد البحث الشديد، وكان عملنا في تحقيق الكتاب ملخَّصًا فيما يلي:
* نسخت الكتابَ من النسخة الخطية «د» بمساعدة الباحث بكر رزق.
* جعلت آيات كتاب الله تعالى بالرَّسم العُثماني المعروف مع تخريجها.
* قابلت الكتاب على النُّسختين الخطِّيتين مقابلة مُتقنة بمساعدة الباحث: محمد فاروق رشاد.
* قابلت متن «مختصر التحرير» على طبعة فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن المطيري، ووضعت فروق المقابلة بالهامش، إذ طبعته تعد أفضل طبعات الكتاب، لما تتميز من ضبط النص وتفقيره وعنونته، وقد استفدت منه في ذلك وراسلته فقال: «العلم رحم بين أهله» جزاه الله خيرًا، ونفع به، وللكتاب أيضًا طبعة جيدة بتحقيق الشيخ مبارك الحثلان حفظه الله، إلا أني اعتمدت الأولى؛ لما تميزت به من تفقير وعنونة.
* نسَّقت فقرات الكتاب، ووضعت علامات التَّرقيم المناسبة، وميَّزت متن «مختصر التحرير» بين قوسين () وجعلته باللَّون الأحمر؛ ليتميَّز عن شرحه «الذخر الحرير».
* ضبطت الكتاب كاملًا بمساعدة الباحثين محمد علي شعراوي، ومحمد طه العطار، فضبطنا متنَ «مختصر التحرير» ضبطًا كاملًا، وشرحه «الذخر الحرير» ضبط إعراب وما أشكل منها.
1 / 27
* ضبطت الأبيات الشعرية الواردة في الكتاب مع بيان بحرها وتخريجها، وكانت قليلة جدًّا.
* خرَّجت الأحاديث والآثار التي ذكرها المؤلف أو أشار إليها تخريجًا موجزًا، مع بيان حكمها من كلام أهل العلم.
* عزوت الأقول الواردة في الكتاب التي نقلها المؤلف من كتب المذهب لقائليها، وهذا ساعدني في ضبط النَّصِّ.
* وضعت مقدمة علميَّة يسيرة للكتاب.
* وضعت فهارس علمية للكتاب اشتملت على:
- فهرس الآيات.
- فهرس الأحاديث والآثار.
- فهرس الأعلام.
- فهرس الكتب الواردة.
- فهرس الأشعار.
- فهرس الأماكن والبلدان.
- فهرس الموضوعات.
نسأل الله تعالى أن يجعله في ميزان حسنات
كل من ساهم فيه، وأن يرزقنا الإخلاص،
وأن يغفر لنا ما قصرنا فيه.
* * *
1 / 28
توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه
* نُسِبَ له على طُرَّةِ النُّسختينِ الخَطِّيَّتَينِ، وفي مقدِّمةِ الكتابِ.
* كما نَسَبَه له:
(١) الحسينيُّ في «سلك الدُّرَرِ» (١/ ٢٨٧).
(٢) والغَزِّيُّ في «النَّعت الأكمل» (ص: ٣١٠).
(٣) وابنُ شَطِّيٍّ في «مختصر ذيلِ طبقاتِ الحنابلةِ» (ص: ١٤٥).
(٤) والبغداديُّ في «هديَّة العارفينَ» (١/ ١٧٨).
(٥) وابنُ حُمَيْدٍ في «السُّحُب الوابلة» (١/ ١٧٤).
(٦) والعلَّامةُ ابنُ بدرانَ في «المدخل إلى مذهبِ الإمامِ أحمدَ» (ص: ٤٦١).
(٧) والعلَّامةُ بَكرُ بنُ عبدِ اللهِ أبو زيدٍ في «المَدخل المُفَصَّل لمذهبِ الإمامِ أحمدَ» (٢/ ٧٩٩).
* نَقَلَ عنه أخوه عبدُ الرَّحمنِ البعليُّ في كتابِه «الرِّياض النَّضرات شرح أخصرِ المختصراتِ» في مُقدِّمَتِه أثناءَ شرحِه (للصَّلاةِ)، فقالَ: وهي مِن اللهِ تَعالى الرَّحمةُ، ومِن الملائكةِ الاستغفارُ، ومِن غيرِهم التَّضرُّعُ والدُّعاءُ. وتَجوزُ على غيرِ الأنبياءِ مُنفرِدًا على الصَّحيحِ عندَنا، نصَّ عليه. قالَه في «شَرحِ مُختَصرِ التَّحريرِ». وهو بتمامِه في مقدِّمَةِ «الذُّخر الحرير» (ص ٤٧).
1 / 29
وكتابُ «الرِّياضُ النَّضِرَاتُ» قيدَ الطِّباعةِ بتحقيقي، وعليه حاشيةُ العلَّامةِ القُعيميِّ حَفِظَه اللهُ، وطُبِعَ مِن قبلُ بتحقيقِ الشَّيخِ العلامة ناصر العجميِّ حَفِظَه اللهُ باسمِ «كَشْف المُخَدَّراتِ» (١/ ٣٦).
1 / 30