Средство от душевной боли

Ибн Каййим аль-Джаузийя d. 751 AH
93

Средство от душевной боли

الداء والدواء

Издатель

دار المعرفة

Номер издания

الأولى

Год публикации

1418 AH

Место издания

المغرب

Жанры

Суфизм
وَتَعْظِيمِهِ وَأَنَّ هَذَا أَمْرٌ قَدْ حِيلَ بَيْنَ النُّفُوسِ وَبَيْنَهُ فَلَا سَبِيلَ لَهَا إِلَيْهِ، وَهُوَ حِمْلٌ يَثْقُلُ عَلَيْهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِمَّا بِإِرْخَاصِهِ عَلَى النُّفُوسِ، وَأَنَّ الِاشْتِغَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِمَا هُوَ أَعْلَى عِنْدَ النَّاسِ، وَأَعَزُّ عَلَيْهِمْ، وَأَغْرَبُ عِنْدَهُمْ، وَزُبُونُهُ الْقَابِلُونَ لَهُ أَكْثَرُ، وَأَمَّا الْحَقُّ فَهُوَ مَهْجُورٌ، وَقَائِلُهُ مُعَرِّضٌ نَفْسَهُ لِلْعَدَاوَةِ، وَالرَّابِحُ بَيْنَ النَّاسِ أَوْلَى بِالْإِيثَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَتُدْخِلُونَ الْبَاطِلَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ قَالَبٍ يَقْبَلُهُ وَيَخِفُّ عَلَيْهِ، وَتُخْرِجُونَ لَهُ الْحَقَّ فِي كُلِّ قَالَبٍ يَكْرَهُهُ وَيَثْقُلُ عَلَيْهِ. وَإِذَا شِئْتَ أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكَ فَانْظُرْ إِلَى إِخْوَانِهِمْ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ، كَيْفَ يُخْرِجُونَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي قَالَبِ كَثْرَةِ الْفُضُولِ، وَتَتَبُّعِ عَثَرَاتِ النَّاسِ، وَالتَّعَرُّضِ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ، وَإِلْقَاءِ الْفِتَنِ بَيْنَ النَّاسِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيُخْرِجُونَ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ وَوَصْفَ الرَّبِّ تَعَالَى بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ﷺ فِي قَالَبِ التَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ وَالتَّكْيِيفِ، وَيُسَمُّونَ عُلُوَّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ وَمُبَايَنَتَهُ لِمَخْلُوقَاتِهِ، تَحَيُّزًا، وَيُسَمُّونَ نُزُولَهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَقَوْلَهُ: مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، تَحَرُّكًا وَانْتِقَالًا، وَيُسَمُّونَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنَ الْيَدِ وَالْوَجْهِ أَعْضَاءَ وَجَوَارِحَ، وَيُسَمُّونَ مَا يَقُومُ بِهِ مِنْ أَفْعَالِهِ حَوَادِثَ، وَمَا يَقُومُ مِنْ صِفَاتِهِ أَعْرَاضًا، ثُمَّ يَتَوَصَّلُونَ إِلَى نَفْيِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ، وَيُوهِمُونَ الْأَغْمَارَ وَضُعَفَاءَ الْبَصَائِرِ، أَنَّ إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ الَّتِي نَطَقَ بِهَا كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ ﷺ تَسْتَلْزِمُ هَذِهِ الْأُمُورَ، وَيُخْرِجُونَ هَذَا التَّعْطِيلَ فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ وَالتَّعْظِيمِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ ضُعَفَاءُ الْعُقُولِ يَقْبَلُونَ الشَّيْءَ بِلَفْظٍ وَيَرُدُّونَهُ بِعَيْنِهِ بِلَفْظٍ آخَرَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ١١٢] فَسَمَّاهُ زُخْرُفًا، وَهُوَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ صَاحِبَهُ يُزَخْرِفُهُ وَيُزَيِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ، وَيُلْقِيهِ إِلَى سَمْعِ الْمَغْرُورِ فَيَغْتَرُّ بِهِ. وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ لَزِمَ ثَغْرَ الْأُذُنِ، أَنْ يُدْخِلَ فِيهَا مَا يَضُرُّ الْعَبْدَ وَلَا يَنْفَعُهُ، وَيَمْنَعَ أَنْ يَدْخُلَ إِلَيْهَا مَا يَنْفَعُهُ، وَإِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَفْسَدَهُ عَلَيْهِ. [فَصْلٌ ثَغْرُ اللِّسَانِ] فَصْلٌ ثَغْرُ اللِّسَانِ ثُمَّ يَقُولُ: قُومُوا عَلَى ثَغْرِ اللِّسَانِ، فَإِنَّهُ الثَّغْرُ الْأَعْظَمُ، وَهُوَ قُبَالَةُ الْمَلِكِ، فَأَجْرُوا عَلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ، وَامْنَعُوهُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَنْفَعُهُ: مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ

1 / 99