Средство от душевной боли

Ибн Каййим аль-Джаузийя d. 751 AH
91

Средство от душевной боли

الداء والدواء

Издатель

دار المعرفة

Номер издания

الأولى

Год публикации

1418 AH

Место издания

المغرب

Жанры

Суфизм
وَالدِّفَاعَ عَنْهُ بِنَفْسِهِ وَقَالَ: هَؤُلَاءِ حِزْبِي، وَحِزْبُ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: ٢٢] . وَهَؤُلَاءِ جُنْدِي ﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [سُورَةُ الصَّافَّاتِ: ١٧٣] . وَعَلَّمَ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ هَذِهِ الْحَرْبِ وَالْجِهَادِ، فَجَمَعَهَا لَهُمْ فِي أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ٢٠٠] . وَلَا يَتِمُّ أَمْرُ هَذَا الْجِهَادِ إِلَّا بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ، فَلَا يَتِمُّ الصَّبْرُ إِلَّا بِمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ، وَهُوَ مُقَاوَمَتُهُ وَمُنَازَلَتُهُ، فَإِذَا صَابَرَ عَدُوَّهُ احْتَاجَ إِلَى أَمْرٍ آخَرَ وَهِيَ الْمُرَابَطَةُ، وَهِيَ لُزُومُ ثَغْرِ الْقَلْبِ وَحِرَاسَتُهُ لِئَلَّا يَدْخُلَ مِنْهُ الْعَدُوُّ، وَلُزُومُ ثَغْرِ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ وَاللِّسَانِ وَالْبَطْنِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، فَهَذِهِ الثُّغُورُ يَدْخُلُ مِنْهَا الْعَدُوُّ فَيَجُوسُ خِلَالَ الدِّيَارِ وَيُفْسِدُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، فَالْمُرَابَطَةُ لُزُومُ هَذِهِ الثُّغُورِ، وَلَا يُخَلِّي مَكَانَهَا فَيُصَادِفَ الْعَدُوُّ الثَّغْرَ خَالِيًا فَيَدْخُلَ مِنْهُ. فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَعْظَمُهُمْ حِمَايَةً وَحِرَاسَةً مِنَ الشَّيْطَانِ، وَقَدْ أَخْلَوُا الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرُوا بِلُزُومِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَدَخَلَ مِنْهُ الْعَدُوُّ، فَكَانَ مَا كَانَ. وَجِمَاعُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَعَمُودُهَا الَّذِي تَقُومُ بِهِ هُوَ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَنْفَعُ الصَّبْرُ وَلَا الْمُصَابَرَةُ وَلَا الْمُرَابَطَةُ إِلَّا بِالتَّقْوَى، وَلَا تَقُومُ التَّقْوَى إِلَّا عَلَى سَاقِ الصَّبْرِ. الْتِقَاءُ الْجَيْشَيْنِ فَانْظُرِ الْآنَ فِيكَ إِلَى الْتِقَاءِ الْجَيْشَيْنِ، وَاصْطِدَامِ الْعَسْكَرَيْنِ وَكَيْفَ تُدَالُ مَرَّةً، وَيُدَالُ عَلَيْكَ أُخْرَى؟ أَقْبَلَ مَلِكُ الْكَفَرَةِ بِجُنُودِهِ وَعَسَاكِرِهِ، فَوَجَدَ الْقَلْبَ فِي حِصْنِهِ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ مَمْلَكَتِهِ، أَمْرُهُ نَافِذٌ فِي أَعْوَانِهِ، وَجُنْدُهُ قَدْ حَفُّوا بِهِ، يُقَاتِلُونَ عَنْهُ وَيُدَافِعُونَ عَنْ حَوْزَتِهِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْهُجُومُ عَلَيْهِ إِلَّا بِمُخَامَرَةِ بَعْضِ أُمَرَائِهِ وَجُنْدِهِ عَلَيْهِ، فَسَأَلَ عَنْ أَخَصِّ الْجُنْدِ بِهِ وَأَقْرَبِهِمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً، فَقِيلَ لَهُ: هِيَ النَّفْسُ، فَقَالَ لِأَعْوَانِهِ: ادْخُلُوا عَلَيْهَا مِنْ مُرَادِهَا، وَانْظُرُوا مَوَاقِعَ مَحَبَّتِهَا وَمَا هُوَ مَحْبُوبُهَا فَعِدُوهَا بِهِ وَمَنُّوهَا إِيَّاهُ وَانْقُشُوا صُورَةَ الْمَحْبُوبِ فِيهَا فِي يَقَظَتِهَا وَمَنَامِهَا، فَإِذَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ وَسَكَنَتْ عِنْدَهُ فَاطْرَحُوا عَلَيْهَا كَلَالِيبَ الشَّهْوَةِ وَخَطَاطِيفَهَا، ثُمَّ جُرُّوهَا بِهَا إِلَيْكُمْ، فَإِذَا خَامَرَتْ عَلَى الْقَلْبِ وَصَارَتْ مَعَكُمْ عَلَيْهِ مَلَكْتُمْ ثَغْرَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ

1 / 97