Средство от душевной боли

Ибн Каййим аль-Джаузийя d. 751 AH
83

Средство от душевной боли

الداء والدواء

Издатель

دار المعرفة

Номер издания

الأولى

Год публикации

1418 AH

Место издания

المغرب

Жанры

Суфизм
وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تُجَرِّئُ عَلَى الْعَبْدِ مَا لَمْ يَكُنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينَ بِالْأَذَى وَالْإِغْوَاءِ وَالْوَسْوَسَةِ وَالتَّخْوِيفِ وَالتَّحْزِينِ، وَإِنْسَائِهِ مَا بِهِ مَصْلَحَتُهُ فِي ذِكْرِهِ، وَمَضَرَّتُهُ فِي نِسْيَانِهِ، فَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ حَتَّى تَؤُزَّهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ أَزًّا. وَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ بِمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَذَى فِي غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ، وَيَجْتَرِئُ عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَخَدَمُهُ وَأَوْلَادُهُ وَجِيرَانُهُ حَتَّى الْحَيَوَانُ الْبَهِيمُ. قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنِّي لَأَعْصِي اللَّهَ فَأَعْرِفُ ذَلِكَ فِي خُلُقِ امْرَأَتِي وَدَابَّتِي. وَكَذَلِكَ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ أَوْلِيَاءُ الْأَمْرِ بِالْعُقُوبَةِ الَّتِي إِنْ عَدَلُوا فِيهَا أَقَامُوا عَلَيْهِ حُدُودَ اللَّهِ، وَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فَتَتَأَسَّدُ عَلَيْهِ وَتَصْعُبُ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَرَادَهَا لِخَيْرٍ لَمْ تُطَاوِعْهُ وَلَمْ تَنْقَدْ لَهُ، وَتَسُوقُهُ إِلَى مَا فِيهِ هَلَاكُهُ، شَاءَ أَمْ أَبِي. وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّاعَةَ حِصْنُ الرَّبِّ ﵎ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ مِنَ الْآمِنِينَ، فَإِذَا فَارَقَ الْحِصْنَ اجْتَرَأَ عَلَيْهِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَغَيْرُهُمْ، وَعَلَى حَسَبِ اجْتِرَائِهِ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ يَكُونُ اجْتِرَاءُ هَذِهِ الْآفَاتِ وَالنُّفُوسِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يَرُدُّ عَنْهُ. فَإِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ وَطَاعَتَهُ وَالصَّدَقَةَ وَإِرْشَادَ الْجَاهِلِ، وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ - وِقَايَةٌ تَرُدُّ عَنِ الْعَبْدِ، بِمَنْزِلَةِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَرُدُّ الْمَرَضَ وَتُقَاوِمُهُ، فَإِذَا سَقَطَتِ الْقُوَّةُ غَلَبَ وَارِدُ الْمَرَضِ فَكَانَ الْهَلَاكُ، فَلَابُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ شَيْءٍ يَرُدُّ عَنْهُ، فَإِنَّ مُوجِبَ السَّيِّئَاتِ وَالْحَسَنَاتِ تَتَدَافَعُ وَيَكُونُ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكُلَّمَا قَوِيَ جَانِبُ الْحَسَنَاتِ كَانَ الرَّدُّ أَقْوَى كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، فَبِحَسَبِ قُوَّةِ الْإِيمَانِ يَكُونُ الدَّفْعُ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. [فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُضْعِفُ الْعَبْدَ أَمَامَ نَفْسِهِ] فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُضْعِفُ الْعَبْدَ أَمَامَ نَفْسِهِ وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تَخُونُ الْعَبْدَ أَحْوَجَ مَا يَكُونُ إِلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يَنْفَعُهُ وَمَا يَضُرُّهُ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ أَعْرَفُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَأَقْوَاهُمْ وَأَكْيَسُهُمْ مَنْ قَوِيَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَاسْتَعْمَلَهَا فِيمَا يَنْفَعُهُ وَكَفَّهَا عَمَّا يَضُرُّهُ،

1 / 89