Средство от душевной боли

Ибн Каййим аль-Джаузийя d. 751 AH
68

Средство от душевной боли

الداء والدواء

Издатель

دار المعرفة

Номер издания

الأولى

Год публикации

1418 AH

Место издания

المغرب

Жанры

Суфизм
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الذُّنُوبَ مِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِهَذِهِ الثَّمَانِيَةِ، كَمَا أَنَّهَا مِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِجَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ، وَمِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِزَوَالِ نِعَمِ اللَّهِ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِهِ إِلَى نِقْمَتِهِ وَتَجْلِبُ جَمِيعَ سُخْطِهِ. [فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُزِيلُ النِّعَمَ] فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُزِيلُ النِّعَمَ وَمِنْ عُقُوبَاتِ الذُّنُوبِ: أَنَّهَا تُزِيلُ النِّعَمَ، وَتُحِلُّ النِّقَمَ، فَمَا زَالَتْ عَنِ الْعَبْدِ نِعْمَةٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَا حَلَّتْ بِهِ نِقْمَةٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: مَا نَزَلْ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَا رُفِعَ إِلَّا بِتَوْبَةٍ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [سُورَةُ الشُّورَى: ٣٠] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: ٥٣] . فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ نِعَمَهُ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُغَيِّرُ مَا بِنَفْسِهِ، فَيُغَيِّرُ طَاعَةَ اللَّهِ بِمَعْصِيَتِهِ، وَشُكْرَهُ بِكُفْرِهِ، وَأَسْبَابَ رِضَاهُ بِأَسْبَابِ سُخْطِهِ، فَإِذَا غَيَّرَ غَيَّرَ عَلَيْهِ، جَزَاءً وِفَاقًا، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ. فَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْصِيَةَ بِالطَّاعَةِ، غَيَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ بِالْعَافِيَةِ، وَالذُّلَّ بِالْعِزِّ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [سُورَةُ الرَّعْدِ: ١١] . وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ الْإِلَهِيَّةِ، عَنِ الرَّبِّ ﵎ أَنَّهُ قَالَ: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، لَا يَكُونُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي عَلَى مَا أُحِبُّ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى مَا أَكْرَهُ، إِلَّا انْتَقَلْتُ لَهُ مِمَّا يُحِبُّ إِلَى مَا يَكْرَهُ، وَلَا يَكُونُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي عَلَى مَا أَكْرَهُ، فَيَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى مَا أُحِبُّ، إِلَّا انْتَقَلْتُ لَهُ مِمَّا يَكْرَهُ إِلَى مَا يُحِبُّ» . وَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ: إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا ... فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمْ

1 / 74