33

Средство от душевной боли

الداء والدواء

Издатель

دار المعرفة

Номер издания

الأولى

Год публикации

1418 AH

Место издания

المغرب

Жанры

Суфизм
وَلَمْ يَحْرُثْهَا، وَحَسُنَ ظَنُّهُ بِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ مَغْلِهَا مَا يَأْتِي مَنْ حَرَثَ وَبَذَرَ وَسَقَى وَتَعَاهَدَ الْأَرْضَ لَعَدَّهُ النَّاسُ مِنْ أَسْفَهِ السُّفَهَاءِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ حَسُنَ ظَنُّهُ وَقَوِيَ رَجَاؤُهُ بِأَنْ يَجِيئَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ يَصِيرَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْعِلْمِ، وَحِرْصٍ تَامٍّ عَلَيْهِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
فَكَذَلِكَ مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ وَقَوِيَ رَجَاؤُهُ فِي الْفَوْزِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، مِنْ غَيْرِ طَاعَةٍ وَلَا تَقَرُّبٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ﴾ [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢١٨] .
فَتَأَمَّلْ كَيْفَ جَعَلَ رَجَاءَهُمْ إِتْيَانَهُمْ بِهَذِهِ الطَّاعَاتِ؟
وَقَالَ الْمُغْتَرُّونَ: إِنَّ الْمُفَرِّطِينَ الْمُضَيِّعِينَ لِحُقُوقِ اللَّهِ الْمُعَطِّلِينَ لِأَوَامِرِهِ، الْبَاغِينَ عَلَى عِبَادِهِ، الْمُتَجَرِّئِينَ عَلَى مَحَارِمِهِ، أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ.
وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الرَّجَاءَ وَحُسْنَ الظَّنِّ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْإِتْيَانُ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا حِكْمَةُ اللَّهِ فِي شَرْعِهِ وَقَدَرِهِ وَثَوَابِهِ وَكَرَامَتِهِ، فَيَأْتِي الْعَبْدُ بِهَا ثُمَّ يُحْسِنُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ، وَيَرْجُوهُ أَنْ لَا يَكِلَهُ إِلَيْهَا، وَأَنْ يَجْعَلَهَا مُوصِلَةً إِلَى مَا يَنْفَعُهُ، وَيَصْرِفَ مَا يُعَارِضُهَا وَيُبْطِلَ أَثَرَهَا.
[فَصْلٌ الرَّجَاءُ وَالْأَمَانِيُّ]
فَصْلٌ
الرَّجَاءُ وَالْأَمَانِيُّ
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنَّ مَنْ رَجَا شَيْئًا اسْتَلْزَمَ رَجَاؤُهُ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: مَحَبَّةُ مَا يَرْجُوهُ.
الثَّانِي: خَوْفُهُ مِنْ فَوَاتِهِ.
الثَّالِثُ: سَعْيُهُ فِي تَحْصِيلِهِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ.
وَأَمَّا رَجَاءٌ لَا يُقَارِنُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْأَمَانِيِّ، وَالرَّجَاءُ شَيْءٌ وَالْأَمَانِيُّ شَيْءٌ آخَرُ، فَكُلُّ رَاجٍ خَائِفٌ، وَالسَّائِرُ عَلَى الطَّرِيقِ إِذَا خَافَ أَسْرَعَ السَّيْرَ مَخَافَةَ الْفَوَاتِ.
وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ» .

1 / 39