187

البرهان في وجوه البيان

البرهان في وجوه البيان

Исследователь

د. حفني محمد شرف (أستاذ البلاغة، والنقد الأدبي المساعد - كلية دار العلوم، جامعة القاهرة)

Издатель

مكتبة الشباب (القاهرة)

Место издания

مطبعة الرسالة

Жанры

ذوي العقول مشكورًا. وقد مدحت [العرب] الاستبداد بالرأي ووصفت نفسها بالاستغناء عن المشاورة فقال بعضهم:
(ليتَ هندًا أنجزتنا ما تعِد ... وشفَت أنفسَنا مما نجِد)
(واستبدَّت مرةً واحدةً ... إنما العاجزُ من لا يستبد)
وقال الآخر:
(إذا هَمَّ ألقى بين عينيه عزمه ... فأعرض عن قول العواذل جانبًا)
(ولم يستشر في رأيه غير نفسهِ ... ولم يرضَ إلا قائم السّيف صاحبًا)
وليس ذلك أخلاق ذوي العلم والأدب، وإنما هو شيء امتدحت به العرب على طريق الوصف لأنفسها بالجرأة والأنفة والإقدام.
ومن أمثالهم في ذلك: من طلب غرر، ومن فكر قصر، وليس العمل عند الحكماء على ذلك.
وأما الاستعتاب: فإن المنفعة به بينة في تلافي من تريد تلافيه واستصلاح من لك رأي فيه، فإنك متى تركت صديقك للذنب بذنبه، أو للجرم بجرمه، ولم تعاقبه على ذنبه، ولم تؤنبه بجرمه بقيت بلا صديق، لأنك لا تجد أحدًا ممن تصاحبه بعده، أو ممن يتعاض به منه إلا ولا بد

1 / 234