توفيرها لطلبة العلم الشرعي عن طريق التحقيق أو الشرح أو المساهمة في النشر؛ نظراً لحاجة الدارسين وبالأخصِّ الحنابلة منهم.
ويقول في ذلك متحدِّثاً عن نفسه: ((ولولا أملَي بنفع سكّان جزيرة العرب من الحنابلة لما حرَّكتُ قلماً ... نعم إنَّ كثيراً من سكان الجزيرة يبذلون الآن النَّفس والنَّفيس بطبع كتب هذا المذهب ويحيون رفاة الكُتُب المندرسة منه؛ فأحببتُ مشاركتهم في هذا الأجر، وأقدمتُ على ذكر الكتب المشهورة؛ ليتنَبَّه أهلُ الخير إليها فيبرزونها مطبوعةً طبعاً حسناً لينتفع بها أهل هذا المذهب وغيرهم كما هي عادتهم في عمل الخير))(١).
٢ - اطلاعه الجيِّد على خزائن المخطوطات له أثرٌ ظاهرٌ في عنايته بنشر الكتاب الإسلامي والاهتمام بطبعه ونشره. وفي سياق حديثه عن الكواكب الدراري لابن عروة الحنبلي؛ يقول: وقد رأيتُ من هذا الكتاب أربعةً وأربعين مجلداً، فرأيتُ مجلداته تارة مفتتحة بتفسير القرآن فإذا جاءت آية فيها أو إشارة إلى مؤلّفٍ وضعه بتمامه ... وغالبُ مصنَّفات شيخ الإسلام ابن تيمية نُسخت من هذا الكتاب وطبعت، حيث فيه كثير من كتبه ورسائله والناس يظنون أن ما فيه من التفسير لابن تيمية وهذا غلط واضح))(٢).
وأوضح أنَّ ندرة بعض كتب الإسلام المهمة سببٌ في عدم خدمتها، كمسند الإمام أحمد بن حنبل؛ فقال: ((ولقد كنتُ سمعتُ من بعض مشايخنا الحنابلة ممن لهم إلمامٌ بالحديث يزعمون: أنَّ المسند قد غرقَ في دجلة بغداد! وينكر وجوده؛ فكنت أفّد مزاعمه، وأقول له: إني اطلعتُ على معظمه في خزانة الكتب العمومية بدمشق، فيصرُّ على ما زعمه، ويقول هذا مسند عبد الكريم، ثم إن الكتاب طبع وتجلّى للعيان ... إنَّ عزة وجوده كانت سبباً لعدم خدمته كما
(١) انظر: المدخل (٤٢٣ - ٤٢٤)، ومثله كتابنا البدرانية صـ٧٧.
(٢) المدخل (٤٧٤).