الأحكام الفقهية التي قيل فيها بالنسخ وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء
الأحكام الفقهية التي قيل فيها بالنسخ وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء
Издатель
عمادة البحث العلمي
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٢ هـ - ٢٠١٠ م
Место издания
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Жанры
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
وتشتمل على:
• الافتتاحية.
• أهمية الموضوع وأسباب اختياره.
• خطة البحث.
• منهج البحث.
• شكر وتقدير.
1 / 7
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله الإله الواحد الأحد، ذي الجلال والإكرام، يمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء، وهو الملك العزيز العلام، يدعو عباده إلى دار السلام، يهدي من يشاء بفضله سبل السلام، ويضل من يشاء بعدله، وهو عزيز ذو انتقام، شرع لنا الشريعة الحنِيْفِيَّة السَّمْحَاء، فنسخ بها الشرائع ما قبل الإسلام (^١)، شريعةً أنزلها متدَرَّجة حسب ما كان يقتضيه واقع الحال والمقام، فحثت على كل يسر وطيب وكرم، وحسن خلق وحب ووئام، ورفعت الحرج والعسر، ونهت عن كل خبيث ومكروه وحرام. وأرسل إلينا أفضل رسله على ممرّ الليالي والأيام، فوضع به الإصر والأغلال التي كانت على من قبلنا بما ارتكبوه من الخطيئة والأثام. وأنزل إلينا أفضل كتبه مهيمنًا على جميع الكتب، لا ينسخه أي دين، أو قانون، أو نظام.
فله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه كل حين ووقت، وكلما شرقت شمس أو دجا الظَّلام. حمدَ عبدٍ مقرٍّ بجزيل العطاء والإفضال والإنعام.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيد الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله، أفضل الرسل وخير الأنام، الذي محى الله به الكفر،
_________
(^١) الإسلام وإن كان يطلق على الشرائع السماوية المسابقة، إلا أنه بعد بعثة النبي محمد ﷺ أصبح لقبا للشريعة التي أنزلها الله عليه ﷺ.
1 / 9
والشرك، والظلم، والظلمات، وغياهب الظَّلام، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين البررة الكرام، وعلى من اتبعهم بإحسان واقتفى أثرهم إلى يوم الحشر والقيام.
أما بعد:
فإن من أكبر نعم الله على الإنسان نعمة الإسلام، وقد أرسل الله تعالى رسوله محمدًا ﷺ لأمته هاديًا وبشيرًا، أرسله بالحنيفيَّة السّمحة، ليلها كنهارها، وأنزل عليه كتابه المبين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، ليكون لهم نورًا وهدى، ليهتدوا به، وشفاء لما في الصدور.
وقد بين الله في كتابه المجيد، منزلة العلم وأهله، فقال ﷾:
﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ (^١).
وقال: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (^٢).
وقال: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (^٣).
وقد خص ﷾ من بين العلوم علم الفقه في الدين؛ حيث ندب عباده المؤمنين لينفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، وأن
_________
(^١) سورة الفاطر، الآية (٢٨).
(^٢) سورة الزمر، الآية (٩).
(^٣) سورة المجادلة، الآية (١١).
1 / 10
ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم، فقال:
﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (^١).
وقد أكد رسول الله ﷺ أهمية التفقه في الدين بقوله: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (^٢).
حيث بين أن التفقه في الدين من أمارات إرادة الخير بالمرء.
ولما كان علم الفقه في دين الله بهذه المثابة المرموقة والدرجة الرفيعة كان من أولى ما اشتغل به المحققون، وأنفع ما استفرغ الوسع في تحصيله المحصلون، وأجدر ما بذل الجهد في إدراكه المجتهدون.
وقد عرف علماء الإسلام منزلة هذا العلم العظيم، واحتياج الناس إليه في كل الحالات؛ لما به من معرفة الحلال من الحرام، والتمييز بين الجائز والممنوع من الأحكام، فصرفوا في سبيل تحصيله الغالي والنفيس، واشتغلوا بدراسته وتدريسه وتأليف الكتب فيه، وبيان قواعده وضوابطه، ليلًا ونهارًا، وجِيلًا بعد جِيل، فوصل إلينا من جهودهم الحميدة إنتاج علمي فقهي عظيم، امتاز بالبهاء والصفاء والدقة، شاملًا لجميع نواحي الحياة، وكافة المستويات،
_________
(^١) سورة التوبة، الآية (١٢٢).
(^٢) أخرجه البخاري في صحيحه ص ٢١، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، ح (٧١)، ومسلم في صحيحه ٤/ ٣٦٢، كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، ح (١٠٣٧) (٩٨).
1 / 11
مستمدًا من كتاب الله المحفوظ بحفظ الله، ومستمدًا من السنة النبوية المطهرة، التي نطق بها أعلم الخلق، وأنصحهم، وأرحمهم، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وَحْي يُوْحى.
وكان مما يُعرف به الحلال والحرام، ويميز به بين الجائز والممنوع من الأحكام، معرفة الناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة؛ ولذلك اهتم به علماؤنا الأوائل، وسلفنا الأفاضل، فصنفوا فيه الكتب، وألفوا فيه المؤلفات. وقد كان تأليفهم فيه مشتملًا على نوعين؛ حيث ألف بعضهم في الناسخ والمنسوخ من القرآن، وبعضهم ألف في الناسخ والمنسوخ من السنة، كما أن بعضهم ألف في كلا النوعين تأليفًا مفردًا ومستقلًا.
ويدل كذلك على أهمية معرفة الناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة، أن أهل العلم كانوا لا يحلون لأحد أن يفتي أو يفسر القرآن، ما لم يعرف الناسخ والمنسوخ (^١).
ولما كان العلماء السابقون ألفوا وصنفوا في الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، ولم أجد من ألف وصنف في الأحكام الفقهية التي قيل فيها بالنسخ- وإن كان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة يدل عليه ضمنًا- (^٢) أردت أن
_________
(^١) انظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي ٢/ ٢٨ - ٢٩؛ الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ٢/ ٤٠.
(^٢) إلا أنه يوجد مسائل كثيرة، قد صرح فيها بالنسخ بعض أهل العلم في كتب الفقه وغيرها، وليس لها ذكر في الكتب المؤلفة في الناسخ والمنسوخ من القرآن، أو الناسخ والمنسوخ من الأحاديث، وسيظهر هذا من خلال المسائل التي نقوم بدراستها.
1 / 12
أكتب في هذا الموضوع، مستعينًا بالله، وذلك لأهمية هذا الموضوع، ولما فيه من الفوائد التي يدل على بعضها بعض ما يذكر في أسباب اختياره.
أهمية الموضوع وأسباب اختياره
اخترت أن يكون موضوع بحثي المقدم لنيل درجة العالمية العالية (الدكتواره)، بعنوان: (الأحكام الفقهية التي قيل فيها بالنسخ، وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء، جمعًا ودراسة)، وذلك لأهمية هذا الموضوع، والأسباب الآتية:
أولًا: إن معرفة الناسخ والمنسوخ في الشريعة الإسلامية، من الأهمية بمكان؛ وذلك أن الشريعة الإسلامية، جاءت متَدَرِّجَة حسب المصلحة التي كانت تقتضيه الحال والوقائع، فكان من الضروري أن يوجد فيها الناسخ والمنسوخ تبعًا لاختلاف الأحوال والوقائع.
كما أن في وجود الناسخ والمنسوخ، في الشريعة الإسلامية، عند نزولها، حِكَمًا بالغة، منها: معرفة وتمييز المؤمن من غيره؛ حيث إن المؤمن يُسَلِّمُ ويؤمن بأن كل ذلك من عند الله تعالى. أما الكافر والمنافق فيعترض، وينقلب على عقبيه، قال تعالى: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا
1 / 13
يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (^١).
وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ﴾ (^٢).
كما أن في ذلك إظهار قدرة الله وأن له ملك السموات والأرض، وأنه هو المالك لكل شيء والقادر عليه، فله أن يقرر ويثبت ما يشاء، وينسخ ويزيل ويمحو ما يشاء، قال تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ (^٣).
وإذا كانت الشريعة الإسلامية يوجد فيها الناسخ والمنسوخ كان من اللازم على علمائها وفقهائها معرفة ناسخها ومنسوخها؛ حتى لا يعملوا أو يفتوا بالمنسوخ المتروك؛ ولذلك جاءت آثار عن بعض الصحابة-﵃ في أهمية معرفة الناسخ والمنسوخ في الشريعة، حيث لم يجوزوا
_________
(^١) سورة النحل، الآية (١٠١، ١٠٢).
(^٢) سورة البقرة، الآية (١٤٣).
(^٣) سورة البقرة، الآية (١٠٦، ١٠٧).
1 / 14
الإفتاء إلا لمن يعرف الناسخ والمنسوخ (^١)، ومن تلك الآثار:
أ-عن أبي عبد الرحمن السلمي (^٢)، قال: انتهى علي بن أبي طالب (^٣) ﵁ إلى رجل يعظ الناس، فقال: (أعلمت الناسخ والمنسوخ؟) قال: لا. قال: (هلكت وأهلكت) (^٤).
وفي رواية عنه ﵁ أنه دخل المسجد، فإذا رجل يخوّف الناس، فقال: ما هذا؟ قالوا رجل يذكّر الناس، فقال: (ليس برجل يذكر الناس، ولكنه يقول: أنا فلان بن فلان فاعرفوني، فأرسل إليه، أتعرف الناسخ والمنسوخ؟) فقال: لا.
_________
(^١) انظر: الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم لابن حزم ص ٥ - ٦؛ البرهان في علوم القرآن ٢/ ٢٩؛ الإتقان في علوم القرآن ٢/ ٤٠.
(^٢) هو: عبد الله بن حبيب بن ربيعة- بالتصغير-أبو عبد الرحمن السلمي، الكوفي القاري. ثقة، روى عن: عمر، وعثمان، وعلي، ﵃، وغيرهم، وروى عنه: سعيد بن جبير، والنخعي، وغيرهما، وتوفي بعد السبعين. انظر: تهذيب التهذيب ٥/ ١٦٤؛ التقريب ١/ ٤٨٥.
(^٣) هو: علي بن أبي طالب-عبد مناف-بن عبد المطلب بن هاشم، أبو الحسن الهاشمي، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين، شهد بدرًا والمشاهد إلا غزوة تبوك فقد خلفه رسول الله ﷺ على المدينة، وروى عن النبي ﷺ، وروى عنه: أبناه الحسن والحسين، وغيرهما، وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر، وقتل في رمضان سنة أربعين. انظر: تذكرة الحفاظ ١/ ١٠؛ الإصابة ٢/ ١٢٩٤؛ تهذيب التهذيب ٧/ ٢٨٤.
(^٤) أخرجه أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ص ٩، والحازمي في الاعتبار ص ٤٨، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ١/ ١٥٠.
1 / 15
قال: (فاخرج من مسجدنا، ولا تذكّر فيه) (^١).
ب- عن حذيفة (^٢) ﵁ أنه قال: (إنما يفتي الناسَ أحدُ ثلاثة: رجل علم ناسخ القرآن من منسوخه- قالوا: ومن ذاك؟ قال: عمر بن الخطاب (^٣)، قال: - وأمير لا يخاف، وأحمق متكلف) (^٤).
ج-عن ابن عباس (^٥) ﵄-أنه مرّ بقاص يقصّ، فركضه
_________
(^١) أخرجه أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ص ٩، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ١/ ١٥٢.
(^٢) هو: حذيفة بن اليمان بن جابر، العبسي، حليف بني عبد الأشهل، أسلم قبل بدر، وشهد أحدًا وما بعدها من المشاهد، وروى عن النبي ﷺ، وكان صاحب سره، وروى عنه: جابر، وأبو الطفيل، وغيرهما. وتوفي سنة ست وثلاثين. انظر: الاصابة ١/ ٣٦٢؛ تهذيب التهذيب ٢/ ٢٠٣.
(^٣) هو: عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى، القرشي العدوي، أبوحفص، أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين، أسلم بعد أربعين رجلًا، وشهد بدرًا والمشاهد كلها، وروى عن النبي ﷺ وروى عنه: عثمان، وعلي، وغيرهما، وكانت خلافته عشر سنين وخمسة أشهر، واستشهد يوم الأربعاء في شهر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين. انظر: الاستيعاب ٢/ ٤٥٨؛ تذكرة الحفاظ ١/ ٥؛ الإصابة ٢/ ١٣٠٧.
(^٤) أخرجه الدارمي في سننه ١/ ٧٣، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ في القرآن- وفيه: (ورجل قاض لا يجد من القضاء بدًا) _ص ١٠، والحازمي في الاعتبار ص ٤٩، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ١/ ١٥٥.
(^٥) هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، ابن عم رسول الله ﷺ، ولد قبل الهجرة بثلاث، وروى عن النبي ﷺ، وروى عنه: ابن عمر، والمسور بن مخرمة، وغيرهما، وكان يقال له حبر الأمة، وقد دعا له النبي ﷺ بالحكمة مرتين، وتوفي سنة ثمان وستين. انظر: الاصابة ٢/ ١٠٧٤؛ تهذيب التهذيب ٥/ ٢٤٦.
1 / 16
برجله، فقال: (تدري ما الناسخ من المنسوخ؟) قال: وما الناسخ من المنسوخ؟ قال: (وما تدري ما الناسخ من المنسوخ؟) قال: لا. قال: (هلكت وأهلكت) (^١).
وقد جعل ابن عباس-﵄ معرفة ناسخ القرآن ومنسوخه من الحكمة التي ذكر الله أنّ من أُوتيها فقد أُوتي خيرًا كثيرًا، فقال في تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ (^٢). قال: (المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه، ومتشابهه، ومقدمه، ومؤخره، وحرامه، وحلاله، وأمثاله) (^٣).
كما أن الفقهاء والمجتهدين راعوا هذه الأهمية فجعلوا من شروط الاجتهاد معرفة الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، بحيث لا يخفى عليه شيء من ذلك، وذلك مخافة أن يقع في الحكم المنسوخ (^٤).
_________
(^١) أخرجه الحازمي في الاعتبار ص ٥٠، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ١/ ١٥٥، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ١٥٩: (رواه الطبراني في الكبير، وفيه أبو راشد مولى بني عامر، ولم أر من ذكره).
(^٢) سورة البقرة، الآية (٢٦٩).
(^٣) أخرجه الطبري في تفسيره جامع البيان ٣/ ١١٣، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ص ٩، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ١/ ١٥٦.
(^٤) انظر: البحر المحيط للزركشي ٨/ ٢٣٥؛ إرشاد الفحول للشوكاني ٢/ ٢١٠.
1 / 17
قال يحيى بن أكثم (^١): (ليس من العلوم كلها علم هو واجب على العلماء وعلى المتعلمين وعلى كافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه؛ لأن الأخذ بناسخه واجب فرضًا، والعمل به لازم ديانة، والمنسوخ لا يُعمل به ولا ينتهى إليه، فالواجب على كل عالم علم ذلك؛ لئلا يوجب على نفسه وعلى عباد الله أمرًا لم يوجبه الله، أو يضع عنهم فرضًا أوجبه الله) (^٢).
وقال أبو محمد ابن حزم الظاهري (^٣): (لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شيء من القرآن والسنة: هذا منسوخ إلا بيقين؛ لأن الله ﷿ يقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (^٤). وقال تعالى: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (^٥). فكل ما أنزل الله
_________
(^١) هو: يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن، التميمي المروزي، أبو محمد، القاضي. فقيه، صدوق، روى عن ابن المبارك، وجرير، وغيرهما، وروى عنه: الترمذي، وأبو حاتم، وغيرهما، وتوفي سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين ومائتين. انظر: تهذيب التهذيب ١١/ ١٦٠؛ التقريب ٢/ ٢٩٧؛ شذرات الذهب ٢/ ١٠١.
(^٢) انظر: جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ٢/ ٢٨.
(^٣) هو: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، القرطبي الظاهري، من شيوخه: يحيى بن مسعود، وأحمد بن محمد الجسور، ومن تلامذته: ابنه أبو رافع، وأبو عبد الله الحميدي، ومن مؤلفاته (المحلى بالآثار) وتوفى سنة ست وخمسين وأربعمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٨٤؛ شذرات الذهب ٣/ ٢٩٩.
(^٤) سورة النساء، الآية (٦٤).
(^٥) سورة الأعراف، الآية (٣).
1 / 18
تعالى في القرآن أو على لسان نبيه ففرض اتباعه، فمن قال في شيء من ذلك إنه منسوخ فقد أوجب ألا يطاع ذلك الأمر، وأسقط لزوم اتباعه، وهذه معصية لله تعالى مجردة، وخلاف مكشوف، إلا أن يقوم برهان على صحة قوله، وإلا فهو مفتر مبطل.
ومن استجاز خلاف ما قلنا فقوله يؤول إلى إبطال الشريعة كلها؛ لأنه لا فرق بين دعواه النسخ في آية مَّا أو حديث مَّا، وبين دعوى غيره النسخ في آية مَّا أو حديث مَّا، وبين دعوى غيره النسخ في آية أخرى، وحديث آخر، فعلى هذا لا يصح شيء من القرآن والسنة، وهذا خروج عن الإسلام، وكل ما ثبت بيقين فلا يبطل بالظنون، ولا يجوز أن تسقط طاعة أمر أمرنا به الله تعالى ورسوله إلا بيقين نسخ لا شك فيه، فإذا قد صح ذلك وثبت، فلنقل في الوجوه التي بها يصح نسخ الآية أو الحديث، فإذا عدم شيء من تلك الوجوه، فقد بطلت دعوى من ادعى النسخ في شيء من الآيات أو الأحاديث) (^١).
وقال القرطبي (^٢): (معرفة هذا الباب أكيدة، وفائدته عظيمة، لا يستغنى عن معرفته العلماء، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء؛ لما يترتَّب عليه
_________
(^١) الإحكام شرح أصول الأحكام ١/ ٤٩٧.
(^٢) هو: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح، الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله القرطبي، من شيوخه: أحمد بن عمر القرطبي صاحب "المفهم في شرح صحيح مسلم"، ومن مؤلفاته" الجامع لأحكام القرآن"، وتوفي سنة إحدى وسبعين وستمائة. انظر: الديباج المذهب لابن فرحون ٢/ ٣٠٨؛ شجرة النور الزكية ص ١٩٧.
1 / 19
من النوازل في الأحكام، ومعرفة الحلال من الحرام) (^١).
ومما يدل كذلك على أهمية هذا العلم وعظمة شأنه: أنه ليس كل أحد يُيَسّرُ له حصوله، أو يتمكن من تحصيله؛ إذ كثير من أهل العلم قد اعتبروا معرفة الناسخ والمنسوخ -وخاصة في السنة- من أصعب العلوم.
فقد قال الزهري (^٢) -وهو القائل: (لم يدون هذا العلم أحد قبلي تدويني) -: (أعيى الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله ﷺ من منسوخه) (^٣).
وقال الحازمي (^٤): (هو علم جليل، ذو غور وغموض، دارت فيه الرؤوس، و
تاهت (^٥) في الكشف عن مكنونه النفوس، وقد توهم بعض من
_________
(^١) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٦١.
(^٢) هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، القرشي الزهري، الفقيه أبو بكر، المدني، متفق على جلالته، روى عن: ابن عمر، وأنس، وغيرهما، وروى عنه: عطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهما، وتوفي سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقيل غير ذلك. انظر: سير أعلام النبلاء ٥/ ٣٢٦؛ تهذيب التهذيب ٩/ ٣٨٥.
(^٣) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد ٢/ ١١٦، والحازمي في الاعتبار ص ٤٤.
(^٤) هو: محمد بن موسى بن عثمان الحازمي الهمذاني، الحافظ أبو بكر، سمع من أبي الوقت السجزي، وغيره، وجمع وصنف، وبرع في فن الحديث، ومن أشهر مؤلفاته (الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار) وتوفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ٢١/ ١٦٧؛ البداية والنهاية ١٢/ ٣٥٧.
(^٥) تاهت من تَيَهَ، وهو التحير، والضلال. انظر: مختار الصحاح ص ٧١؛ المصباح المنير ص ٧٥.
1 / 20
لم يحظ من معرفة الآثار إلا بآثار، ولم يحصل من طرائق الأخبار إلا أخبارًا، أن الخطب فيه جليل يسير، والمحصول منه قليل غير كثير.
ومن أمعن النظر في اختلاف الصحابة في الأحكام المنقولة عن النبي ﷺ اتضح له ما قلناه.) -ثم استشهد لقوله بقول الزهري السابق- (^١).
ثانيًا: إن الفقهاء والمجتهدين-رحمهم الله تعالى-اختلفوا في مسائل كثيرة، وكان أحد أسباب اختلافهم، الاختلاف في الناسخ والمنسوخ (^٢).
فجمع هذه المسائل، وتحقيق القول فيها، ودراستها دراسة علمية، يحقق فائدة عظيمة للباحث والقارئ؛ وذلك بأنه سيتمكّن من معرفة من قال بالنسخ في المسألة ممن لم يقل به، وما هو دليل كل واحد، وبالتالي سيتمكن من معرفة سبب اختلافهم، وهل المسألة منسوخة في الحقيقة أم لا.
كما أن في ذلك رفعًا للملامة عن من خالف بعض الأحاديث الصحيحة، وذلك ببيان أن مخالفته للحديث وعدم قوله به إنما حصل؛ لأنه اعتبر ذلك الحديث منسوخًا.
ثالثًا: يوجد بعض من تعصب للمذاهب، فردُّوا أحاديث صحيحة، بدعوى أنها منسوخة، من غير أن يعرفوا نسخها وناسخها. كما قال شيخ الإسلام (^٣) ﵀: (ونجد كثيرًا من الناس ممن يخالف الحديث الصحيح
_________
(^١) الاعتبار ص ٤٤.
(^٢) انظر: رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام ص ٣٣؛ الإيقاف على سبب الاختلاف للسندي ص ٣٦.
(^٣) هو: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله، الحراني، شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس، سمع الحديث من ابن عبد الله الدائم، وغيره، وقل أن سمع شيئا إلا حفظه، وكان إمامًا في التفسير عارفًا بالفقه، وباختلاف العلماء وعالمًا بالأصول والفروع وسائر العلوم، وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. انظر: البداية والنهاية ١٤/ ١٥٤؛ شذرات الذهب ٦/ ٨٠.
1 / 21
من أصحاب أبي حنيفة (^١)، أو غيرهم يقول: هذا منسوخ. وقد اتخذوا هذا محنة كل حديث لا يوافق مذهبهم، يقولون: هو منسوخ، من غير أن يعلموا أنه منسوخ، ولا يثبت ما الذي نسخه، وكذلك كثير ممن يحتج بالعمل من أهل المدينة أصحاب مالك (^٢)، وغيرهم، يقولون: هذا منسوخ) (^٣).
وإذا كان الأمر كذلك، فجمع هذه المسائل ودراستها دراسة علمية، أمر مهم جدا، حتى تتبين وتظهر المسائل المنسوخة حقيقة، من
_________
(^١) هو: النعمان بن ثابت بن زوطى، أبو حنيفة الكوفي، مولى تيم الله بن ثعلبة، وقيل: إنه من أبناء فارس الأحرار، إمام فقيه مشهور، روى عن عطاء بن أبي رباح، وحماد بن سليمان، وغيرهما، وروى عنه: ابنه حماد، وأبو يوسف القاضي، وغيرهما، وثقه ابن معين، وضعفه النسائي من قبل حفظه، وتوفي سنة خمسين ومائة. انظر: الجواهر المضية ١/ ٥١ - ٥٧؛ سير أعلام النبلاء ٦/ ٣٩٠؛ ميزان الاعتدال ٥/ ٣٩٠؛ التهذيب ١٠/ ٤٠١.
(^٢) هو: مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبد الله، إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة، وروى عن نافع، والزهري، وغيرهما. وروى عنه الإمام الشافعي، وابن المبارك، وغيرهما، ومن مؤلفاته (الموطأ) وتوفي سنة تسع وسبعين ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء ٨/ ٤٨؛ تهذيب التهذيب ١٠/ ٥.
(^٣) مجموع الفتاوى ٢١/ ١٥٠ - ١٥١.
1 / 22
التي ادعي فيها النسخ وتكلف فيها تكلفات وتأويلات بعيدة، لرد الأحاديث الصحيحة، لمجرد التعصب المذهبي.
رابعًا: سيستفيد الباحث من الكتابة في هذا الموضوع فوائد كثيرة، من أهمها: دراسة أحاديث كثيرة، من ناحية التخريج، والحكم عليها، وما تدل عليه من ناسخ أو منسوخ.
خامسًا: ولأن هذه المسائل الفقهية التي قيل فيها بالنسخ، متناثرة، ومتفرقة في الكتب الفقهية، وكتب فقه السنة، وشروح كتب الأحاديث، والكتب المؤلفة في الآثار، فأردت جمعها، ودراستها في مؤلف واحد؛ لتكون قريبة التناول سهلة المأخذ، لمن يريدها أو يحتاج إليها.
خطة البحث
تشتمل خطة البحث على: مقدمة، وتمهيد، وخمسة أبواب، وخاتمة، وفهارس علمية.
المقدمة: وتحتوي على: الافتتاحية، وأهمية الموضوع وأسباب اختياره، وخطة البحث، ومنهجه، وشكر وتقدير.
التمهيد: تعريف النسخ، والفرق بينه وبين التخصيص، وبينه وبين البداء، ومشروعيته، والحكمة من وقوعه، وشروطه، وفضيلة علم الناسخ والمنسوخ، وأنواع النسخ وأقسامه، وزمنه، وما يدخله النسخ وما لا يدخله، وطرق معرفته، وبعض من ألف فيه. وفيه مبحثان:
1 / 23
المبحث الأول: تعريف النسخ، والفرق بينه وبين التخصيص، وبينه وبين البداء، ومشروعيته، والحكمة من وقوعه، وشروطه، وفضيلة علم الناسخ والمنسوخ. وفيه سبعة مطالب:
المطلب الأول: تعريف النسخ لغة وشرعًا.
المطلب الثاني: الفرق بين النسخ والتخصيص.
المطلب الثالث: الفرق بين النسخ والبداء.
المطلب الرابع: مشروعية النسخ.
المطلب الخامس: الحكمة من وقوع النسخ.
المطلب السادس: شروط النسخ.
المطلب السابع: فضيلة علم الناسخ والمنسوخ.
المبحث الثاني: أنواع النسخ وأقسامه، وزمنه، وما يدخله النسخ وما لا يدخله، وطرق معرفته، وبعض من ألف فيه. وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: أنواع النسخ وأقسامه. وفيه أربعة فروع:
الفرع الأول: أنواع النسخ في القرآن.
الفرع الثاني: أنواع نسخ القرآن والسنة.
الفرع الثالث: أنواع النسخ باعتبار الحكم الشرعي التكليفي.
الفرع الرابع: أنواع النسخ باعتبار البدل.
1 / 24
المطلب الثاني: زمن النسخ.
المطلب الثالث: ما يدخله النسخ وما لا يدخله.
المطلب الرابع: طرق معرفة النسخ.
المطلب الخامس: بعض من ألف في النسخ.
الباب الأول: الطهارة والصلاة، وفيه فصلان:
الفصل الأول: الطهارة. وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: المياه والأواني، وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعًا.
المطلب الثاني: الانتباذ في الحنتم والدباء والمزفت، والنقير، والشرب منها.
المطلب الثالث: الانتفاع بجلود الميتة.
المطلب الرابع: سؤر الهرة.
المبحث الثاني: آداب قضاء الحاجة، والوضوء، ونواقضه، وفيه أحد عشر مطلبًا:
المطلب الأول: البول قائمًا.
المطلب الثاني: استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة.
المطلب الثالث: الوضوء بفضل وضوء المرأة.
1 / 25
المطلب الرابع: الوضوء بنبيذ التمر.
المطلب الخامس: الوضوء لكل صلاة.
المطلب السادس: ذكر الله تعالى بغير وضوء.
المطلب السابع: الوضوء للجنب إذا أراد النوم.
المطلب الثامن: الوضوء للجنب إذا أراد أن يعود إلى الجماع.
المطلب التاسع: الوضوء مما مست النار.
المطلب العاشر: الوضوء من مس الذكر.
المطلب الحادي عشر: الوضوء من مس المرأة.
المبحث الثالث: المسح، والتيمم، والغسل والاستحاضة، وفيه ثمانية مطالب:
المطلب الأول: المسح على الرجلين.
المطلب الثاني: المسح على الخفين.
المطلب الثالث: التوقيت في المسح على الخفين.
المطلب الرابع: مسح اليدين إلى المناكب في التيمم.
المطلب الخامس: الغسل إذا جامع ولم ينزل.
المطلب السادس: الغسل للجمعة.
المطلب السابع: الغسل من غسل الميت.
المطلب الثامن: غسل المستحاضة لكل صلاة، أو لتجمع به بين الصلاتين.
1 / 26
الفصل الثاني: الصلاة. وفيه تسعة مباحث:
المبحث الأول: فرضية الصلاة، والأوقات، والأذان، والإقامة. وفيه اثنا عشر مطلبًا:
المطلب الأول: عدد المفروض من الصلوات.
المطلب الثاني: ضرب الصبي على الصلاة إذا بلغ عشرًا.
المطلب الثالث: تفضيل الإسفار على التغليس في صلاة الفجر.
المطلب الرابع: تعجيل الظهر في شدة الحر.
المطلب الخامس: صلاة المغرب هل لها وقت واحد أو وقتان.
المطلب السادس: آخر وقت صلاة العشاء الآخرة.
المطلب السابع: صلاة الفريضة الواحدة في اليوم مرتين.
المطلب الثامن: إدراك الصبح بإدراك الركعة قبل طلوع الشمس، والعصر بإدراك الركعة قبل غروبها.
المطلب التاسع: الصلاة عند انتصاف النهار.
المطلب العاشر: الصلاة بعد العصر.
المطلب الحادي عشر: أن يؤذن أحد ويقيم آخر.
المطلب الثاني عشر: إفراد الإقامة.
المبحث الثاني: طهارة ما يصلي فيه وعليه، واستقبال القبلة. وفيه خمسة مطالب:
1 / 27