نتناهض من كل بيننا بعز نفسه، فأصبحت الآن؛ إن ظهرت عليك فبيد السلطان، فمرني الآن بأمرك على شريطة؛ قال: وما هي؟ قال: تكون لي عونًا ترقع ما وهنت، وتصلح ما أفسدت، وإلا فلا حاجة لي بهَذَا؛ قال: فإني لك على ذلك. فقضى عَمْرو بْن عَبْد الرحمن؛ فكتب إليه يشكو بعض من كانا يعلمان أنه كان يقدح بينهما، وكان إِلَى عَمْرو أميل فكتب إليه سعيد:
بلوت إخاء الناس يا عَمْرو كلهم ... وجربت حتى أحكمتني تجاربي
فهونك في حب وبغض فربما ... بدا جانب من صاحب بعد جانب
فخذ صفو ما أحببت لا تنزرنه ... فعند بلوغ الكد رنق المشارب
ثم عزل عَمْرو عَن القضاء، ووليه سعيد؛ فَقَالَ لَهُ سعيد: إنك كأنك لم تعزل، فكان القاضي عُمَرًا، وكان سعيد كأنه تابع له.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير، عَن زبير بْن أبي بكر؛ قال: حَدَّثَنِي موسى بْن طلحة، عَن عمه عُثْمَان بْن طلحة، عَن سعيد بْن سليمان؛ قال: قَالَ لي: يومًا الْحَسَن بْن زيد، وأنا معه على شرطه قولًا كان جوابه على خلاف ما اخترته: والله لهممت أن أفارقك فراقًا لا رجعة بعدها؛ فقلت: أيها الأمير إذًا أقول لك حينئذ:
وفارقت حتى ما أحن من الهوى ... وإن بان جيران عليّ كرام
فقد جعلت نفسي على النّأي تنطوي ... وعيني على هجر الصديق تنام
قال: فسكت عني فما رآني بدءًا حتى فارقني.