فصل قَالَ الشَّيْخ ابو الْعَبَّاس بن تَيْمِية لم يُخَالف أحد من طوائف الْمُسلمين فِي وجود الْجِنّ وَجُمْهُور طوائف الْكفَّار على إِثْبَات الْجِنّ أما اهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى فهم مقرون بهم كإقرار الْمُسلمين وَإِن وجد فيهم من يُنكر ذَلِك فَكَمَا يُوجد فِي بعض طوائف الْمُسلمين كالجهمية والمعتزلة من يُنكر ذَلِك وَإِن كَانَ جُمْهُور الطَّائِفَة وأئمتها مقرون بذلك وَهَذَا لِأَن وجود الْجِنّ تَوَاتَرَتْ بِهِ اخبار الانبياء ﵈ تواترا مَعْلُوما بالاضطرار وَمَعْلُوم بالاضطرار أَنهم أَحيَاء عقلاء فاعلون بالإرادة مأمورون منهيون لَيْسُوا صِفَات وأعراضا قَائِمَة بالانسان أَو غَيره كَمَا يزعمه بعض الْمَلَاحِدَة فَلَمَّا كَانَ أَمر الْجِنّ متواترا عَن الانبياء ﵈ تواترا ظَاهرا يعرفهُ الْعَامَّة والخاصة لم يُمكن طَائِفَة من طوائف الْمُؤمنِينَ بالرسل أَن ينكرهم فالمقصود هُنَا ان جَمِيع طوائف الْمُسلمين يقرونَ بِوُجُود الْجِنّ وَكَذَلِكَ جُمْهُور الْكفَّار كعامة أهل الْكتاب وَكَذَلِكَ عَامَّة مشركى الْعَرَب وَغَيرهم من أَوْلَاد سَام والهند وَغَيرهم من أَوْلَاد حام وَكَذَلِكَ جُمْهُور الكنعانيين واليونانيين وَغَيرهم من أَوْلَاد يافث فجماهير الطوائف تقر بِوُجُود الْجِنّ بل يقرونَ بِمَا يستجلبون بِهِ معاونة الْجِنّ من العزائم والطلاسيم سَوَاء كَانَ ذَلِك سائغا عِنْد أهل الْأَيْمَان أَو كَانَ شركا فَإِن الْمُشْركين يقراون من العزائم والطلاسم والرقى مَا فِيهِ عبَادَة للجن وتعظيم لَهُم وَعَامة مَا بأيدي النَّاس من العزائم والطلاسم والرقى الَّتِي لَا تفقه بِالْعَرَبِيَّةِ فِيهَا مَا هُوَ شرك بالجن وَلِهَذَا نهى عُلَمَاء الْمُسلمين عَن الرقى الَّتِى لَا يفقه بِالْعَرَبِيَّةِ مَعْنَاهَا لِأَنَّهَا مَظَنَّة الشّرك وَإِن لم يعرف الراقي أَنَّهَا شرك وَفِي الصَّحِيح عَن النَّبِي ﷺ أَنه رخص فِي الرقى مَا لم تكن شركا وَقَالَ من اسْتَطَاعَ ان ينفع أَخَاهُ فَلْيفْعَل وَقد كَانَ للْعَرَب ولسائر الْأُمَم من ذَلِك أُمُور يطول وصفهَا وَأُمُور وأخبار
1 / 21