إخْوَانًا كتب إِلَى أَبُو عَليّ الْحسن بن أَحْمد الْحداد من أَصْبَهَان أَخْبرنِي أَبُو نعيم أَحْمد بن عبد الله الْحَافِظ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن التسترِي حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب العلاف سَمِعت بعض اصحابنا قَالَ التسترِي أَظُنهُ حَرْمَلَه سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول من زعم أَنه يرى الْجِنّ أبطلنا شَهَادَته لقَوْل الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْكَرِيم ﴿إِنَّه يراكم هُوَ وقبيله من حَيْثُ لَا ترونهم﴾ وأنبأني مُحَمَّد بن الْفضل الْفَقِيه عَن أَحْمد بن الْحسن الْحَافِظ أَنا أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَنبأَنَا الْحسن بن رَشِيق إجَازَة قَالَ أَنا عبد الرَّحْمَن بن احْمَد الْهَرَوِيّ سَمِعت الرّبيع بن سُلَيْمَان يَقُول سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول من زعم من أهل الْعَدَالَة أَنه يرى الْجِنّ أبطلت شَهَادَته لِأَن الله تَعَالَى يَقُول ﴿إِنَّه يراكم هُوَ وقبيله من حَيْثُ لَا ترونهم﴾ إِلَّا أَن يكون نَبيا
فصل قَالَ ابو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ فِي الْمقنع فِي شرح الْإِرْشَاد وَاعْلَم أَن الله تَعَالَى باين بَين الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ وَالْإِنْس فِي الصُّور والأشكال كَمَا باين بَينهمَا فِي الصِّفَات فَمن حصل على بنية الْإِنْسَان ظَاهرا أَو بَاطِنا فَهُوَ إِنْسَان وَالْإِنْسَان اسْم لهَذِهِ الْجُمْلَة الَّتِي نشاهدها كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ ﴿وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة﴾ الْآيَة قَالَ أهل التَّفْسِير خلقنَا فِيهِ الرّوح والحياة وَقَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّا خلقنَا الْإِنْسَان من نُطْفَة أمشاج نبتليه﴾ الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى ﴿قتل الْإِنْسَان مَا أكفره من أَي شَيْء خلقه من نُطْفَة خلقه فقدره ثمَّ السَّبِيل يسره ثمَّ أَمَاتَهُ فأقبره ثمَّ إِذا شَاءَ أنشره﴾ وَهَذِه الْآيَات وأمثالها تدل على بطلَان قَول من قَالَ الْإِنْسَان هُوَ الرّوح بِأَن الرّوح لم تخلق من الطين وَلَا بُد من النُّطْفَة وَأَنَّهَا لَا تَمُوت على زعم قَائِله وَلَا تقبر وَلَا تنشر فَإِن قلب الله تَعَالَى الْملك إِلَى بنية الْإِنْسَان ظَاهرا وَبَاطنا خرج عَن كَونه ملكا وَكَذَلِكَ لَو قلب الشَّيْطَان إِلَى بنية الْإِنْسَان لخرج بذلك عَن كَونه شَيْطَانا وَمن النَّاس من قَالَ لَو قلب الشَّيْطَان أَو الْملك إِلَى صُورَة الْإِنْسَان ظَاهرا صَار إنْسَانا
1 / 43