حيث يقول في أوله: (أما بعد: فإني لما رأيت أسباب الجهاد قد أهملت، وآلاته قد أغفلت، وليله اعتمّ بعد أنْ كان مقمرًا، ونهاره أظلم بعد أنْ كان نيراء، وغصنه ذوى بعد أن كان مرموقًا ..... ورأيت العدوّ الكافر دمّره الله وأهلكه، وظفر أيدي المسلمين بجميع ما ملكه، وقد استولى على مملكة الجزائر .... حملتني الحميّة الدينية، والغيرة الإسلامية، على أنْ وضعت هذا الكتاب، الجامع لمحاسن اللّباب، المشتمل على صفة الحروب وأسبابها، وموجبات الظفر والهزيمة وآدابها، مع ما توقف عليه من الشورى والعدّة والشجاعة، وأحوال الجند التي بها ينتظم عقد الجماعة ١.
ومنهم: محمد بن إدريس ٢ الوزير الشهير، تمثلت مشاركته في هذا الجانب بقصائده في الدعوة إلى الجهاد لانقاذ الجزائر. من ذلك قوله:
يا أهل مغربنا حق النفير لكم ... إلى الجهاد فما في الحق من غلط
فالشرك من جنبات الشرق جاوركم ... من بعد ما سام أهل الدين بالشطط
فلا يغرنكم من لين جانبه ... ما عاد على الإسلام بالسخط
فعنده من ضروب المكر ما عجزت ... عن دركه فكرة الشبان والشمط
فواتح المكر تبدو من خواتمه ... فعنده المكر والمكروه في نمط
وأنتم القصد لا تبقن في دعة ... ان السكون إلى الاعدا من السقط
من جاوز الشر لا يعدم بوائقه ... كيف الحياة مع الحيات في سفط
_________
١ - أنظر: المنوني- مظاهر يقظة المغرب الحديث: الم ٢٣ - ٢٤.
٢ - محمد بن محمد بن إدريس العمراوي الفاسي، الوزير، الكاتب الشاعر، الأديب الفلكي الرياضي، أخذ العلم بفاس عن عدّة شيوخ منهم: محمد بن الطاهر الحبابي، وحمدون بن الحاج. مات- ﵀ بفاس (سنة ١٢٦٤هـ).
أنظر: التازي- جامع القرويين: ٣/ ٨١٠، المنوني- مظاهر يقظة المغرب الحديث:١/ ٣١، كنون- النبوغ المغربي: ١/ ٣٢٦ - ٣٢٧، الأخضر- الحياة الأدبية في المغرب: ٤٠٩ - ٤٢٠.
1 / 63