محمد بن عاصم الأندلسي (ت ٨٢٩هـ)، التي تعتبر من أجل ما ألّف في علم الوثائق، فقد راعى في شرحه لها إبراز ما خفي من معانيها، وإظهار فروع تناسبها، وإعراب كل ألفاظها، وبيان منطوقها ومفهومها مبيّنًا ما به العمل عند المتأخرين من القضاة. حيث قال- في شأنها-: (طلب مني الكثير من طلبة الوقت أن أضع لهم شرحًا عليها يشفي الغليل، ويكمل المرام، ويكشف من خفي معانيها ما وراء اللّثام، ويحتوي على إعراب كل ألفاظها، ليتدرّب المبتدي بعلم النحو الذي عليه المدار في الفهم والافهام، وعلى بيان منطوقها ومفهوم الكلام، وعلى إبراز فرائد الفوائد، وفروع تناسب المقام، مبيّنًا ما به العمل عند المتأخرين من قضاة العدل والأئمة الكرام) ١.
وقد جمع في شرحه هذا العديد من أقوال المتأخرين من فقهاء المالكية، كالشيخ التاودي بن سودة، والإمام الحطاب ٢، والشيخ ميارة ٣ وغيرهم. حيث قال- في مقدمة شرحه-: (فأجبتهم إلى ذلك .... مشيرًا بسورة _خ_ المعجمة إلى الشيخ خليل، وبسورة _ت_ إلى شيخ شيوخنا سيدي محمد التاودي أحد شرّاح هذا الكتاب، وبسورة _م_ إلى الشيخ ميارة ذي العلم الجليل، وبسورة _ح_ المهملة إلى الإمام الحطاب) ٤.
وقد قال في شأن تسمية هذا الشرح بالبهجة: (أخبرني بعض الطلبة الطالبين للشرح المذكور، الصادق في خلوص الطوية والمحبة، أنّه رأي في المنام أنّي وضعت عليها شرحًا فائقًا كبدر التمام، فزادني ذلك انتشاطًا وتثبتًا بالمقصود، واغتباطًا، لعلمي بصدق طويته وعدم كذبه في خبره على الدوام، وكنت ترددت أيامًا في كيفية تسميته فأشار إليّ هاتف في المنام بأنْ نسميه "البهجة في شرح
_________
١ - البهجة في شرح التحفة: ١/ ٢.
٢ - أنظر ترجمته في القسم التحقيقي: ٣٣٦.
٣ - أنظر نرجمته في القسم التحقيقي: ١٦٩.
٤ - البهجة في شرح التحفة: ١/ ٢ - ٣.
1 / 53