النهي، ولئن قلنا كان بعده فهو معفو عنه بدليل قوله تعالى: ﴿ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم﴾ وأما الفرار يوم حنين فبعد تسليم أنه كان فرارا في الحقيقة معاتبا عليه لم يصر عليه المخلصون بل انقلبوا وظفروا بدليل قوله سبحانه: ﴿ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين﴾
وعن الثاني بأن تلك القصة إنما كانت في أول زمان الهجرة قبل التأدب بآداب الشريعة، فما وقع حينئذ كانوا معذورين فيه، ولهذا لم يتوعد عليه ولم يعاتبهم رسول الله ﷺ والآية خارجة مخرج العتاب بطريق الوعظ والنصيحة. على أنه قد أعقب ذلك الفعل أنواع من الطاعات والاستغفار وأن الحسنات يذهبن السيئات.
وعن الثالث بأن الأمر منه ﵊ لم يكن إلا من باب الاستحباب وهو أمر إرشاد وإصلاح ولم يكن لأمر ضروري وإلا لفعله ﷺ بعد مع خاصة أهل بيته كالأمير كرم الله وجهه فإنه بقي ﵊ حيا بعد ذلك خمسة أيام. ويؤيد ذلك كما قال غير واحد قوله سبحانه: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ وهو ظاهر. والتخلف عن الامتثال كان ناشئا عن محض المحبة والوداد دون الشقاق والعناد لما رأوا من شدة مرضه ﵊ ومثل هذه
1 / 26