29 يوليو
كلا كلا! هذا خير! بل هو أحسن شيء لي، أنا زوجها، لو كانت القوة الإلهية التي منحتني الحياة قد قدرت لي هذه السعادة أيضا، لوقفت بقية حياتي السعيدة على شكر لا ينقطع، بيد أنني لا أتذمر أمام إرادة الله، ولتغفر لي هذه الدموع وهذه المشتهيات العديمة الثمر. آه لو كانت لي! إذا لطوقت بذراعي أجمل بنات جنسها بأي سرور، بل ما أشد تهيجي حين أرى ألبرت يضم هيكلها السموي!
لقد كنت على وشك القول - ولم لا؟ - بأنها تكون أسعد بكثير لو كانت معي عما هي مع ألبرت، إنه لم يخلق لها قط ؛ تنقصه تلك الحساسة الرقيقة التي فيها، التي بها تسر، وينقصه ... وبالإيجاز فإن قلبيهما لا يضربان معا. إيه يا صديقي طالما رأيت، وأنا أقرأ لها قطعة ما ممتعة، أن شعورنا متبادل، وأننا نفكر ونحس معا، وأن كلا منا ينقل إلى الآخر ما يعني بنظرات أفصح من الكلمات، على أن ألبرت يحبها، وهو يتعلم كيف يسرها، أفلا يستحق حبه جزاء؟!
قوطعت بزيارة في غير وقتها؛ وعلى ذلك فقد حاولت تسكين نفسي، وعقلي الآن أهدأ، فالوداع يا أعز الأصدقاء.
الرسالة التاسعة والخمسون
لست وحدي بالتاعس أحبطت آمال سعادته، وإن هذه الحياة هدف للأكدار. كنت أزور المرأة الطيبة التي تسكن الحقول على مقربة من أشجار الزيزفون، فهرع ولدها الأكبر لمقابلتي، وجاءت أمه على صيحات فرحه، يظهر على محياها الحزن، فاستفسرت عن سبب غمها، فأجابت والدموع المنهمرة على وجهها الشاحب تقطع حديثها: «وا حزناه يا سيدي العزيز! إن جوهان الصغير الذي كان سرور قلبي وعزاءه قد مات.» وكان هذا أصغر أطفالها. فوجمت صامتا، واستمرت تقول: «وقد عاد زوجي من هولاندا بلا مال، وأخذته حمى وقشعريرة، ولولا إحسان بعض الناس وهباتهم لتسول في الطريق.» وأحزنتني قصتها، فنفحت الصغير ببعض المال، وقدمت إلي تفاحا فقبلته، وعدت مثقل الفؤاد.
الرسالة الستون
21 أغسطس
ينتقل فكري بسرعة البرق، ويضيء الآن فجأة شعاع من الأمل على روحي الخاملة، فينبثق علي فرح لا يدوم إلا هنيهة، ولكن وا أسفاه! إن ذلك الشعاع فان، وفي مدة بقائه القصيرة آخذ في التفكير: إذا مات ألبرت، فشارلوت تكون إذا ... ثم أظل ذاهبا مع هذا الوهم، حتى أجد نفسي على قمة صخر شاهق، فأتراجع فجأة مرتاعا، حتى لو كانت الصخرة حقيقية، لكنت هالكا لا محالة. وإذا خرجت من نفس الباب، أو سلكت الطريق الذي قادني لأول مرة إلى مسكن شارلوت، وهن فؤادي، وأخذت، بألم عميق، أقارن ما كنت، بما «أنا الآن».
لقد انتهت كل سعادة، وتغيرت الدنيا، وقلبي يدق لا كدقاته في الزمن الماضي، ولست أشعر بنفس بهجة ذلك الحين.
Неизвестная страница