فاستغربت دميانة ما تسمعه منها ولم تفهم مرادها فقالت: «أرشديني يا أماه إلى الصواب.»
قالت: «الصواب يا دميانة في ألا تغضبي أباك؛ لأن الله يوصينا بإكرام الوالدين.»
فكان لكلام الرئيسة وقع شديد في نفسها لعظم تقواها، فقالت: «إني لم أغضب أبي، وبماذا أغضبه؟»
قالت: «علمت شيئا من قرائن الأحوال. علمت أن أباك يريد زواجك بأحد أبناء الخاصة وأنت ترفضين.»
قالت: «أتحسبين الفتاة التي ترفض الزواج عاصية؟»
فقالت الرئيسة: «نعم، تكون عاصية إلا إذا كانت تريد أن تنذر العفة وتنقطع عن العالم.»
قالت: «وما أدراك أني لا أنوي ذلك؟ لا يبعد أن أنويه عن قريب.» ثم تذكرت قول زكريا فاستدركت وقالت: «ومع ذلك فإن هذه الأمور لا تكون إلا بإلهام من الله والسيد المسيح، فإذا أراد الله أمرا فلا مفر من إرادته.»
فتوسمت الرئيسة من كلامها ميلا إلى الخضوع، فأكبت عليها وقبلتها، وقالت: «بارك الله فيك هذا عهدي بتقواك وطيب عنصرك والآن قد أتى أبوك ومعه سيدنا الأسقف، وهما في انتظارك بغرفتي، فقومي معي لتقبلي يد الأسقف ويد أبيك.»
قالت ذلك وأمسكتها بيدها، فأطاعتها ومشت والرئيسة تحسب نفسها أقنعتها.
فلما دخلت عليهما تقدمت توا إلى يد الأسقف فقبلتها، ثم قبلت يد أبيها فقبلها مرقس ورحب بها وبالغ في إكرامها ودعاها إلى جانبه وقد اطمأن خاطره، وقال: «اقعدي هنا يا دميانة يا ولدي.»
Неизвестная страница