قالت: «ما لي وللأبهة والزخارف. إن هذا لا يهمني كثيرا.»
قال: «أنا أعلم أنه لا يهمك ولكني أحببت أن أريك شيئا جديدا.»
قالت: «أوثر الرجوع إلى البيت.»
قال: «سترجعين قريبا. ولكن صديقي إسطفانوس دعانا إلى قضاء بضعة أيام في منزل أبيه بمحلة بابلون قرب الفسطاط، فإذا كنت لا تحبين المرور بالفسطاط سرنا توا إلى بابلون.»
ولما سمعت قوله استعاذت بالله وقالت: «أين نحن من دير المعلقة الآن؟»
قال: «هو في طريقنا بين الفسطاط وبابلون.»
قالت: «إذا لم يكن بد من الذهاب إلى غير بيتنا فإني أحب زيارة هذا الدير؛ لأني نذرت أن أزوره متى سنحت لي الفرصة وفي عنقي صليب من صلبانه.»
فسر مرقس لرغبتها في تلك الزيارة فقال : «ننزل في الدير إذا شئت.» •••
وكانت السفينة قد أقلعت ونشرت أشرعتها وأخذت تخترق عباب الماء، ولم تمض بضع ساعات حتى أطلوا على قصر الشمع - ودير المعلقة جزء منه - فمرت السفينة بين الروضة وقصر الشمع حتى رست بباب القصر وهو يومئذ قريب من النيل، فأخذت تنظر إليه وهو أشبه بالحصون منه بالقصور، ووقفت السفينة بجانب بابه الغربي وهو باب عظيم الارتفاع قائم بين برجين عظيمين مستديري الشكل وفوق الباب نقش عليه صورة النسر الروماني. فأراد إسطفانوس مخاطبتها فقال: «إن دير المعلقة يا دميانة في أحد هذه البرجين.»
فسكتت ولم تجبه فلما رست السفينة هناك اشتغل البحارة بوضع السلم للنزول. فنزل مرقس ونزلت دميانة في أثره ودخل بها الباب، ثم صعد إلى الدير وفيه بعض الراهبات، فلما علمن بقدوم الضيوف خرجن للقائهم. ودعا إسطفانوس الرئيسة كي ترحب بدميانة، فخرجت لاستقبالها ورحبت بها وسارت معها إلى الكنيسة وأرتها ما فيها من الأعمدة على اختلاف أشكالها والأيقونات الثمينة، فخشعت دميانة من تلك المشاهد وظهر السرور في وجهها على عكس أبيها. ولكنه أراد مسايرتها ليسهل عليه بقاؤها حتى ينتقل بها إلى بابلون.
Неизвестная страница