Ахмед Ураби: клеветнический лидер
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
Жанры
5
وأي كلام يمكن أن نعلق به على هذا الذي يقول مالت، وبخاصة تلك الحكمة التي يشير إليها؟ أهكذا تطغى المطامع على القول والقلوب حتى تجعل من الحكمة استعجال الارتباكات؟ ولكن خرافة الذئب والحمل لن تزال أبدا الأساس الذي يقوم عليه منطق الكلام بين القوي والضعيف في هذا الوجود!
وأي دليل أبلغ من هذا على صحة ما ذكرناه وما يذكره كل منصف عن السياسة الإنجليزية تجاه مصر منذ كان لها في هذا الوادي أطماع؟ ألا إنا لنقرر تلقاء هذا في غير تردد أن هذه السياسة اللئيمة كانت خليقة بأن تقابل من جانب الوطنيين بكل مقاومة، بل إنها لسياسة كان يغتفر في مقاومتها يومئذ كل عنف، ويجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك فنقول إنها سياسة كان لا يغتفر معها الاعتدال ولا تمتدح الحكمة، إن كان الاعتدال والحكمة معناهما إقرار المذلة ومقابلة الغدر واللؤم بالصفح والمغفرة!
ولكن بعض الناس لا يزالون يأخذون على عرابي وحزبه تشددهم وعدم مصانعتهم خصومهم، ويعدون إباءهم الوطني من السيئات التي لا تغتفر ولا تنسى، وما نظن أن هؤلاء الناس يعلمون ما كانت تبيته السياسة الإنجليزية لوطنهم من غدر وإذلال، فمن أصعب الأمور أن يتصور المرء قبولهم الذلة على أوطانهم حتى ينكروا على الوزارة ما فعلت ...
ورأى جرانفل أن يشايع فرسنيه في هذه المسألة، وكان يرى فرسنيه أن يخفف توفيق الحكم كما ترى الوزارة فتنتهي الأزمة، ولكن كيف يدع مالت الفرصة تمر وهي من صنع يديه؟ وكيف يطيق أن تخرج الوزارة من الأزمة ظافرة فيكون ظفرها في الواقع هزيمة له؟ لذلك لم يزل بتوفيق حتى وقع على أوراق الحكم بنفي المتآمرين إلى خارج البلاد لا إلى السودان مع عدم استبعاد أسمائهم من سجلات الجيش، ومعنى ذلك أن النفي مؤقت ...
وتلقت الوزارة اللطمة وتلقتها معها البلاد، وآلم عرابيا وضباط الجيش من الوطنيين هذا الترفق بالمتآمرين، وقد كان عرابي ومن شايعه على وشك أن يفقدوا رؤوسهم بالأمس أو ينفوا إلى أقصى السودان لأنهم شكوا من سوء ما صنع بهم رفقي ...
وأعلنت الوزارة على لسان رئيسها أن لابد من قرار يلغي هذا القرار حتى تمحى الإهانة التي وجهت إلى الوزارة وإلى البلاد في شخصها، ولكن مالت حذر الخديو أن يجيب وزراءه إلى ما طلبوا، ويستطيع القارئ أن يدرك خطورة هذا الموقف، فلقد تأكدت القطيعة بين الخديو ووزرائه، وانعدمت الصلة وتفاقم البلاء ...
وصل كل من الطرفين إلى الموقف الذي يفسر فيه كل عمل حسب ما يجري في أطواء النفوس، ففي كل حركة ريبة، وفي كل بادرة إهانة، وكل نية لن تكون إلا نية سوء، وكل جنوح إلى السلم لن يؤخذ إلا على أنه ضرب من الهزيمة والتسليم، وكل كلمة نابية أو شديدة لن تفهم إلا على أنها نوع من التحدي يراد به إعنات القلوب وإحراج الصدور ...
وفي هذا الموقف راح مالت يجني ثمار غرسه وإنه ليطفر من الفرح كما يطفر الشيطان. كتب إلى جرانفل في اليوم الثامن عشر من شهر مايو سنة 1882، أي بعد قرار الخديو بتسعة أيام يقول: «لقد انقطعت الصلة بين الخديو ووزرائه، ووصل الموقف إلى أقصى الخطورة ...»
وتقدمت الوزارة لترد على الخديو فخطت خطوة جريئة بالغة الجرأة، فدعت مجلس النواب من عطلته دون الرجوع إلى الخديو لتعرض عليه الأمر، فازدادت الأمور حرجا على حرج، فلقد عد أعداء البلاد هذا العمل من الوزارة بمثابة خروج على الحاكم الشرعي لا يقل في مغزاه عن خلعه عن عرشه، ونسوا أو تناسوا أن الخديو باتباع مشورتهم هو الذي دفع الوزارة حتى أوقعها في مأزق ضيق بحيث لم يبق أمامها إلا أن تقر الخديو على خروجه على الدستور ومشايعة أعداء البلاد أو تستقيل، وفي كلا الأمرين تفريط منها في حقوق البلاد فضلا عن كرامة رجالها ...
Неизвестная страница