Ахмед Ураби: клеветнический лидер
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
Жанры
ولو أن رياضا فطن إلى تلك الحال النفسية لأمكنه أن يعمل على تجنب عواقبها، ولكن رياضا على حد تعبير الشيخ محمد عبده كان «لا يخالج فكره ريبة في سكون المصريين إلى إطاعة كل ما يؤمرون به حملا لهم على سوابقهم وسالف عهدهم، فكان في غاية الطمأنينة من ناحيتهم ولم ير أنه يجب أن ينظر فيما عساه أن يثيرهم من جهة المقابلة في تنفيذ السلطة أو من ناحية الساخطين عليه من الوطنيين والأجانب».
أو كما قال عنه أنه كان «صادق النية مخلص السريرة في خدمة البلاد، ولكن لا يبالي في تأدية ما يراه واجبا عليه بما يجرح القلوب ويؤلم النفوس، ويظن أن من الواجب على كل أحد أن يعلم حسن نيته، وإن لم يبينها هو، وأن يرضى بعمله وإن لم تظهر الغاية الصالحة منه».
وزاد الناس نفورا من العهد كله، ضعف شخصية توفيق في ذاته وما لحق منصب الخديو من مهانة بسبب خلع إسماعيل، فقد ألقى في روع الناس وبخاصة حين رفض الدستور قاعدة للحكم أن مثله لا يرجى خير على يديه، وأنه بات صنيعة للأجانب يأتمر بأمرهم من وراء ستار بعد ما رآه من عزل أبيه، وأن رفضه الدستور لم يكن إلا مشايعة للأجانب في نظرتهم إلى المصريين ...
ولم تكن في مصر طبقة راضية عن وزارة رياض أو عن الحال القائمة يومذاك بوجه عام، سواء نسبت إلى رياض أم لم تنسب إليه، فخاصة المصريين، الذين كانوا يدركون حال بلادهم حق الإدراك، والذين أثرت فيهم آراء جمال الدين، كانوا منذ عهد إسماعيل ساخطين على تغلغل نفوذ الأجانب في مصر، وعلى السياسة التي جرت على مصر العسر والدين، ومن هؤلاء سوف يتكون الحزب الوطني في عهد رياض كما سنبينه في هذا الفصل.
وكان أعيان البلاد ينقمون على رياض إلغاء دين المقابلة، ويرون أن هذا أقبح الغبن إذ تلغي وزارة مصرية دينا أخذ من المصريين ولا تجرؤ على إلغاء شيء من أموال الأجانب، تلك الأموال التي شعر الناس جميعا بمبلغ ما كان فيها من مغالطة وسرقة.
وكان رجال الجيش ينقمون على رفقي تعصبه لجنسه، ويشركون رياضا معه في هذا الإثم بالضرورة لأنه أقره ولم يكن يشكو الجند من تعصب رفقي فحسب، بل كان يؤلمهم سوء ما يعاملون به مما يدل على الرغبة في امتهانهم وإذلالهم، فكان يكتفي بمجرد التهمة ليفصل الجندي من الخدمة، أو تنزع منه درجته أو ينفى إلى مكان سحيق في السودان ولو لم يثبت شيء عليه . وكان ذلك خليقا أن يملأ النفوس بالحفيظة ويدفعها إلى الرغبة في الانتقام، فليس الأمر أمر ظلم فحسب، ولكنه بتحيز الحكومة للشراكسة الذين يحتقرون المصريين كان ظلما على ظلم ...
وزاد السخط في نفوس العسكريين إنقاص وزارة رياض عدد الجيش إلى اثني عشر ألفا، أي إلى أقل مما يقضي به الفرمان الذي أرسله السلطان إلى توفيق، والذي يقضي بجعل الجيش ثمانية عشر ألفا. وقد أدى هذا إلى صرف عدد من الضباط والجند إلى مواطنهم؛ فأصابهم العسر، وكانوا من الساخطين، كل ذلك والشراكسة لا يمسهم شيء، بل لا يجدون إلا التقلب في النعمة والتمتع بالرقي.
وكان الناس بوجه عام، ومنهم الفلاحون، يشعرون أن لا عدالة ولا قانون يحمي المظلومين من تجبر الظالمين، الحكام منهم وذوي الجاه والثراء، فالكرباج والسخرة والنفي إلى السودان وأمثالها من العقوبات تقع على الناس في غير رحمة، بل في غير حق، وظل التعذيب والسخرة والإذلال أمورا شائعة في القرى على أيدي المديرين والأغنياء على الرغم من إصدار رياض أوامره بالكف عنها، ولقد كان نهيه عنها مما يحمد له، ولكن قعوده عن إبطالها كان مما يؤخذ عليه لا ريب. ولقد بلغ عدد الذين تقدموا إلى شريف باشا يلتمسون منه رفع الظلم عنهم حين ألف وزارته بعد يوم عابدين نيفا وتسعمائة كان تقرر إبعادهم إلى السودان!
وكان مما يتألم منه الفلاحون اندساس كثيرين من المرابين الأجانب بينهم، والعمل بكافة الحيل على إيقاعهم في الشرك والاستيلاء على أكثر ما يستطيعون الاستيلاء عليه من أموالهم.
كانت الحكمة تقضي أن يأخذ رياض الأمور بالرفق عله يتجنب انبعاث العاصفة، ولكنه عمل بسياسته على ثورانها، ولعل مرد ذلك إلى جهله بحقيقة ما كان يحيط به، واستبعاده الثورة على المصريين ...
Неизвестная страница