Ахмед Ураби: клеветнический лидер
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
Жанры
ثم تلوت العريضة المذكورة على مسامع الحاضرين فوافقوا عليها، وأمضيتها بختمي وختم علي بك فهمي وعبد العال بك حلمي، وبعد ذلك صار ترتيب ما يلزم لحفظ الخديو والعائلة الخديوية والوزراء إذا حدث أي حادث من الضباط الشراكسة مع ترتيب ما يلزم لحفظ البنوك وبيوت التجار الأجانب والوطنيين من مطامع الرعاع، وكذلك ما يلزم لحفظنا من بطش الحكومة إذا أرادت الإيقاع بنا، وانتهى الاجتماع على ذلك.»
ويتضح من اجتماع الضباط بمنزل عرابي على هذه الصورة وفيهم من لم ينلهم في أنفسهم شيء من الأذى أن السخط على رفقي كان من كل قلب، وأن المسألة في حقيقتها كانت شعورا قوميا تجاه تعصب هؤلاء الشراكسة وعلى رأسهم كبيرهم الذي يمكن لهم على حساب المصريين أو الفلاحين كما كانوا يسمونهم، وفي هذا أبلغ رد على الذين تشاء لهم أهواؤهم أو يدفعهم جهلهم إلى تشويه ما كان يدفع عرابيا إلى التمرد من نبيل الشعور، وذلك بقولهم: إنه كانت تحركه دوافع شخصية.
ويجدر أن نبين هنا لماذا انضم إليهم رجل مثل علي فهمي وقد كان في حرس الخديو، والواقع أنه فعل ذلك نتيجة لسياسة رفقي كذلك، فقد وشى به رفقي عند الخديو حتى غيره عليه، وأحس فهمي أن مكانته عند توفيق لم تعد كما كانت، فانطوت نفسه على الضغن، وصمم على أن ينتقم من رفقي متى سنحت الفرصة، وما لبث أن أحس مثل ما كان يحسه عرابي من كراهية هؤلاء الشراكسة جميعا، والتعصب للقومية المصرية، وهو بلا ريب نتيجة لتأثره بشخص عرابي بعد مصاحبته وتفطنه إلى ميوله وأفكاره.
يذكر عرابي في مذكراته هذه أنه قد جاء في الشكوى تشكيل مجلس نواب وزيادة عدد الجيش، ويذكر ذلك أيضا في التاريخ الموجز الذي كتبه عن نفسه وأثبته بلنت في آخر كتابه، ولكني لم أقع في مصدر آخر على أن العريضة احتوت المطالبة بتشكيل مجلس نيابي وزيادة عدد الجيش ، ولقد علق بلنت على ذلك قائلا: «أظن أن عرابيا قد وقع هنا في خطأ فخلط بين ما احتوته العريضة وبين هذين المطلبين اللذين جاءا فيما بعد يوم 9 سبتمبر، ولكن عرابيا أصر على أن المطالب الثلاثة جاءت أول ما جاءت في فبراير، وأنها كتبت يومذاك.» وقد عرض بلنت ما كتبه عرابي عن تاريخ حياته على الشيخ محمد عبده سنة 1903 في منزله بعين شمس، فأقر أكثره ولكنه وضع ملاحظاته على بعضه، ومنه محتويات تلك الشكوى. ويؤكد الشيخ محمد عبده أنه لم يكن في تلك الشكوى أية إشارة إلى تشكيل مجلس نواب أو إلى زيادة عدد الجيش.
ويقول كرومر في كتابه «مصر الحديثة»: «لقد جاء في العريضة أن وزير الحرب عثمان باشا رفقي عامل الضباط المصريين في الجيش معاملة غير عادلة فيما يتصل بالترقية، وقد سلك في ذلك مسلكا كما لو كان هؤلاء أعداءه، أو كما لو أن الله قد أرسله ليصب غضبه على المصريين. وقد طرد الضباط من فرقهم بغير تحقيق قانوني، وعلى ذلك فقد طلب الشاكون مطلبين: أولهما أنه يجب إقصاء وزير الحرب لأنه غير كفؤ لهذا المنصب العالي، وثانيهما أنه يجب أن يجري تحقيق يتناول مبلغ كفاءة الذين ظفروا بالرقي.»
هذا ما ذكره كرومر عن محتويات الشكوى، ولو أنه كانت بها إشارة إلى ذينك المطلبين اللذين أشار إليهما عرابي ما أغفلهما كرومر لما يكون لمثلهما من خطر في ذلك التاريخ الذي يكتبه ...
ويقول الأستاذ عبد الرحمن الرافعي في كتابه «الثورة العرابية»: «ويلوح لنا أن ورود هذه المطالب كلها في عريضة الضباط أمر مبالغ فيه ومشكوك في صحته، فالمستر بلنت - وقد قص له عرابي واقعة قصر النيل - يقول: إن العريضة كانت مقصورة على عزل عثمان باشا رفقي من منصبه، والشيخ محمد عبده ينفي رواية عرابي ويقول إن العريضة تتضمن الشكوى من الحيف الذي وقع بالضباط من عثمان رفقي وطلب عزله، وإنه لم يرد بها أية إشارة إلى الدستور أو إلى زيادة الجيش إلى 18000 جندي. وقال علي باشا فهمي في استجوابه إن العريضة مقصورة على طلب عزل عثمان رفقي. وذكر البارون دي رنج قنصل فرنسا العام في مصر في رسالته عن واقعة قصر النيل أن العريضة مقصورة على إعادة قائمقام الفرسان.» ويرى الأستاذ الرافعي أن عرابيا «حين كتب مذكراته بعد وقوع حوادثها بسنين خلط بين مطالب الضباط في واقعة قصر النيل ومطالبهم بعد انتصارهم فيها».
وأنا أميل إلى ما ذهب إليه الرافعي، وأحس أن عرابيا لم يعن بالدقة في بعض تفاصيل هذا الحادث ومنها ما احتوته العريضة، فقد ذكر في ذلك التاريخ الموجز الذي كتبه لبلنت بناء على طلبه أنه علم في بيت نجم الدين باشا أن عثمان رفقي كان ينوي عزله وعزل عبد العال، وهذا يخالف ما جاء في مذكراته، وكذلك جاء في ذلك الموجز أن عبد العال اقترح عليه حينما وافاه ومن معه في منزله الذهاب إلى بيت عثمان رفقي والقبض عليه أو قتله، وأنه رد على عبد العال قائلا: «كلا، بل نشتكي إلى رئيس الوزراء، فإن لم يقبل فإلى الخديو.»، وهذا أيضا يخالف ما جاء في المذكرات، ومنه يحس المرء أن عرابيا كان يكتب من ذاكرته أحيانا، ولذلك كان يختلط عليه الأمر في بعض المسائل.
ومهما يكن من أمر محتويات العريضة، فالذي تكاد تتفق عليه الروايات أن الضباط طالبوا بعزل عثمان رفقي من منصبه، وليس هذا بالأمر الهين، بل إنه لجرأة عظيمة في عهد كذلك العهد ...
يذكر عرابي في مذكراته أنه بين للضابطين خطورة الحركة، ولكنهما أصرا عليها فطلب إليهما أن يقسما أمامه أن يخلصا له النية، ولنا أن نتساءل هنا: لم اختير عرابي قائدا لهذه الحركة دون غيره، وقد كان فهمي في حرس السراي وله صلات برجال الحاشية، ولم يكن عبد العال دون عرابي مرتبة وخبرة؟ لم عقد الضباط اجتماعهم في داره وأرسلوا يطلبونه وقد نمى إليهم مما يدبر رفقي ما نمى؟
Неизвестная страница