Ахмед Ураби: клеветнический лидер
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
Жанры
علق اللورد رندلف تشرشل على ذلك بقوله: «وهكذا نرى أن الاضطغان المتعمق في نفس اللورد جرانفل على الحزب الوطني، وأن الاعتقاد القائم على غير أساس منه ومن السير إدوارد مالت بأن المذابح كانت من صنع الحزب العسكري، وبأن عرابي وأصحابه أرادوا أن يطمسوا الحق بأي ثمن، وقد كانوا في الواقع يعملون على إبرازه ... نرى أن ذلك كان سببا في صد التحقيق عن وجهه، ذلك التحقيق الذي أجري عقب الفتنة مباشرة، وكان صنيعا فذا من عرابي باشا، وفضلا عن ذلك فإنه كان من الأهمية بمكان عظيم أن يعقب التحقيق الفتنة مباشرة لا ابتغاء الوصول إلى معرفة مدبري الفتنة فحسب، ولكن لمنع ما قد يعقبها من ظلم، وكان التحقيق عقب الحادث هو الوسيلة في ذلك الوقت فقط التي بها يمكن الوصول إلى أدلة يوثق بها، وليس من ريب في أنه بناء على تعطيل التحقيق على يد اللورد جرانفل قد عوقب كثير من الأبرياء ومن سيئي الحظ بالموت والنفي والسجن.»
وثمة حقيقة أخرى جديرة بكل اعتبار في صدد الكلام عن سياسة الإنجليز في المأساة، وهي خليقة بأن تثير أكبر الشبهات، وذلك أنه ما من برقية أو رسالة بين الخديو ومالت أو بين مالت وسيمور أو بين عمر لطفي والخديو، عما كان يحدث أثناء الفتنة، ما من شيء من ذلك أثبت في مجموعة الكتاب الأزرق، ولا يعقل بأية حال أن المخابرات انقطعت بين هذه الجهات أثناء وقوع الاضطرابات.
وحقيقة أخرى جديرة بالنظر، وقد سبق الإشارة إليها في موضع آخر، وتلك هي إطلاق النار من النوافذ على الوطنيين بمجرد مقتل السيد العجان على يد ذلك المالطي الذي هو شقيق خادم كوكسن، فكأن الأجانب أعدوا هذا الحادث إيذانا ببدء ما سبق به الاتفاق ...
ويتصل بذلك ما ذكره جون نينيه في قوله: «وفي طريقي قابلت مستر كوكسن في عربة، وأخبرني أحد الواقفين بجانبي أنه كان في بيت أحد المالطيين أثناء إطلاق النار، وأنه اعتدي عليه عند خروجه من ذلك البيت؛ لأن الدهماء عدوه مسئولا عن إطلاق النار.»
ولا يفوتنا كذلك أن نشير إلى مساعي مالت وكوكسن بوجه عام ضد وزارة البارودي وضد عرابي منذ قامت هذه الوزارة، ومزاعمهما عن تسلط الحزب العسكري، ورغبتهما الملحة في إسقاط تلك الوزارة التي أعلنت الدستور وقضت على نفوذ الرقيبين الأجنبيين، والتي زادت روح الوطنية تأصلا في نفوس المصريين بحيث بات يخشى الأجانب استعصاءها على المقاومة لو تركت وشأنها. ولقد ازداد غضب مالت وكوكسن بصفة خاصة منذ عودة عرابي إلى الوزارة بعد سقوطها والتجاء الأجانب والوطنيين إليه لحفظ الأمن، وإعلانه أنه يأخذ ذلك على عاتقه، وواضح أن نجاحه فيما تعهد به إسقاط لحجتهما من أساسها، وقضاء على محاولتهما الشيطانية لتنفيذ السياسة المرسومة، سياسة احتلال مصر ...
والآن بعد أن أثبتنا أن المأساة مدبرة، وبعد الذي عرضناه من مسلك عمر لطفي ومن ورائه الخديو، ومسلك الإنجليز قبل المأساة وبعدها، يمكننا القول في غير أدنى شعور بالحرج إن المأساة كانت من تدبير مالت وكوكسن وقبيلهما من شياطين الاستعمار، وإن عمر لطفي كان شريكا لهما فيما دبرا، إن لم يكن بالتواطؤ الصريح فبالموافقة الضمنية، كمن يعلم سلفا أن نارا سيشعلها بعض الجناة فيظل يرتقبها لأن له مصلحة في إشعالها، حتى إذا اندلعت ألسنتها تركها تأكل كل شيء، ويزيد في تبعته أنه كان بحكم منصبه المسئول الأول عن الأمن في المدينة.
والحق عندي أن كوكسن ولطفي كانا في الشر سواء، ولا يقل أحدهما تبعة عن صاحبه في تدبير هذه المأساة.
ولا يستطيع منصف أن يبرئ عمر لطفي إلا إذا استطاع أن يبرئ كوكسن ومالت، ولن يبرأ هذان إلا إذا أدين عرابي وأصحابه، وهو ما لم يستطع أعداء عرابي بكل ما وسعهم من جهد أن يصلوا إليه ...
قال الشيخ محمد عبده: «وفي يوم هذه الحادثة توجهت إلى السراي فرأيت موظفيها في جدل عظيم مما حدث، وكانوا يبالغون في رواية الأخبار، ويضحكون من عهد عرابي بالمحافظة على الأمن العام، ومن المعلوم أن موظفي السراي لا يقولون إلا ما يسر الخديو، فإذا كانت الأخبار سارة تكلموا وضحكوا، وإلا تظاهروا بالحزن والكآبة جهدهم.
15
Неизвестная страница