ويقول سباعي: أهو قال هذا؟
ويقول أبو سريع: يا سعادة البك، وماذا يجعلني أتقول عليه وأنا لم أخاطبه في حياتي إلا اليوم؟ - هيه! طيب منه إلى الله، روح أنت يا أبو سريع.
والتفت سباعي إلى الرجال وقال: إذا منعته من الزراعة عندي أيلومني أحد.
وقال أكثرهم نفاقا: وهذا قليل عليه.
وقال سباعي في تظاهر بالعفو والرحمة: يكفيه هذا، وإنما أردت فقط أن تكونوا شاهدين.
مر على هذه الواقعة يومان فقط، وإذا بلدة الصالحة تعلو بها أصوات الأعيرة، وما إن تنكتم حتى يعلو الصراخ وتنقلب البلدة كلها إلى بيت متولي. لقد أطلق عليه الرصاص وهو جالس مع زوجته يتناول العشاء وعلى ركبته ابنه الأصغر الذي كان في الخامسة من عمره، وقد أفنى الرصاص ثلاثتهم. وجاءت الشرطة وجاءت النيابة واستقبلهم العمدة والخفراء وجرى التحقيق، ولم يكن أحد في القرية يجهل القاتل والآمر بالقتل جميعا؛ لأن أحدا في القرية لم يكن يجهل تفاصيل ما حدث بين سباعي ومتولي، ولكن من ذلك الذي يريد أن يلقى مصير متولي؟ وازداد سباعي فجورا فأعلن أن مصاريف الدفن والمأتم عليه؛ فهو رجله، وهو مسئول عن دفنه هو وابنه وزوجته، وعن مأتمهم أيضا. وبلغ أقصى القمة حين وقف يستقبل العزاء يحف به عن يمين شاكر الابن الأكبر لمتولي وعن يسار عبد التواب الابن التالي لشاكر.
وعرفت القرية أو المنطقة أن سباعي قد جلس على عرش سيئ الذكر المجحوم عز الدين الخولي بك.
ثنى سباعي بحسن بن عبد الحميد أبو ديدة الذي أوصاه بابنه هذا لقاء نصيحته له أن يتزوج ابنة عز الدين! طلب سباعي إلى حسن أن يبيعه أفدنته الثلاثة فرفض حسن. - ماذا يقول الناس عني؟ باع أرض أبيه! خائب أنا إذن لا أكسب من صنعتي.
ويقول سباعي وكأنه ينصحه: يا بني، أنت في دكانك، ولا تستطيع زراعة الأرض، وهم ينهبونها منك. - كل هذا ولا أني أبيعها. - بل تبيعها. - أهذا تهديد يا سباعي بك؟ - ليكن كذلك. - تقتلني كما قتلت متولي؟ - وهل أنت كبير؟ - كبير جدا. - نشوف.
ويحرق المحصول في أرض حسن وتسرق بهائمه في ليلة واحدة، ويأتي خاضعا وعيناه نيران ولهيب وغيظ وتمرد، ولكنه تمرد المكبل الذي لا يستطيع من كبوله فكاكا. - أبيع يا بك، أبيع وأمري لله. - بنصف الثمن الذي عرضته. - بنصفه؟! - إذا كان يعجبك. - يعجبني؛ فأبنائي صغار ولن يجدوا من يربيهم من بعدي، أبيع، وإن قلت بغير ثمن أبيع أيضا.
Неизвестная страница