Ахкам аль-Куран
أحكام القرآن لابن العربي
Издатель
دار الكتب العلمية
Номер издания
الثالثة
Год публикации
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Место издания
بيروت - لبنان
فِيهَا سَبْعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى ﴿حَافِظُوا﴾ [البقرة: ٢٣٨] الْمُحَافَظَةُ: هِيَ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْمُوَاظَبَةُ، وَذَلِكَ بِالتَّمَادِي عَلَى فِعْلِهَا، وَالِاحْتِرَاسُ مِنْ تَضْيِيعِهَا، أَوْ تَضْيِيعِ بَعْضِهَا. وَحِفْظُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ مُرَاعَاةُ أَجْزَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَمِنْهُ كِتَابُ عُمَرَ: مَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ، فَيَجِبُ أَوَّلًا حِفْظُهَا ثُمَّ الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا، بِذَلِكَ يَتِمُّ الدِّينُ.
[مَسْأَلَةٌ تَخْصِيص الصَّلَاةِ الْوُسْطَى]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَا شَكَّ فِي انْتِظَامِ قَوْله تَعَالَى " الصَّلَوَاتِ " لِلصَّلَاةِ الْوُسْطَى لَكِنَّهُ خَصَّصَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِالذِّكْرِ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهَا فِي جِنْسِهَا وَمِقْدَارِهَا فِي أَخَوَاتِهَا.
كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ [البقرة: ٩٨] تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِ الْمَلَكَيْنِ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: ٦٨] تَنْبِيهًا عَلَى وَجْهِ الزِّيَادَةِ فِي مِقْدَارِهِمَا بَيْنَ الْفَاكِهَةِ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى تَسْمِيَتِهَا بِالصَّلَاةِ الْوُسْطَى]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي مَعْنَى تَسْمِيَتِهَا وُسْطَى: وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا وُسْطَى مِنْ الْوَسَطِ، وَهُوَ الْعَدْلُ وَالْخِيَارُ وَالْفَضْلُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣] وقَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ﴾ [القلم: ٢٨] يَعْنِي: الْأَفْضَلَ فِي الْآيَتَيْنِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا وَسَطٌ فِي الْعَدَدِ؛ لِأَنَّهَا خَمْسُ صَلَوَاتٍ تَكْتَنِفُهَا اثْنَتَانِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.
الثَّالِثُ: أَنَّهَا وَسَطٌ مِنْ الْوَقْتِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: الصُّبْحُ هِيَ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي النَّهَارِ، وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فِي اللَّيْلِ، وَالصُّبْحُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَهِيَ أَقَلُّ الصَّلَوَاتِ قَدْرًا. وَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ تُجْمَعَانِ، وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ تُجْمَعَانِ، وَلَا تُجْمَعُ الصُّبْحُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَهِيَ كَثِيرًا مَا تَفُوتُ النَّاسَ وَيَنَامُونَ عَنْهَا، وَقَالَ نَحْوَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي تَوَسُّطِ الْوَقْتِ.
1 / 298