Ахкам аль-Куран
أحكام القرآن
Исследователь
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Издатель
دار إحياء التراث العربي
Место издания
بيروت
السَّاحِرُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّ كُفْرَهُ ظَاهِرٌ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْقَتْلِ لِأَجْلِ الْكُفْرِ قِيلَ لَهُ الْكُفْرُ الَّذِي أَقْرَرْنَاهُ عَلَيْهِ هُوَ مَا أَظْهَرَهُ لَنَا وَأَمَّا الْكُفْرُ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ بِسِحْرِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُقَرٍّ عَلَيْهِ وَلَمْ نُعْطِهِ الذِّمَّةَ عَلَى إقْرَارِهِ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَأَلَنَا إقْرَارَهُ عَلَى السِّحْرِ بِالْجِزْيَةِ لَمْ نُجِبْهُ إلَيْهِ وَلَمْ نُجِزْ إقْرَارَهُ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّاحِرِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ وَأَيْضًا فَلَوْ أَنَّ الذِّمِّيَّ السَّاحِرَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْقَتْلَ بِكُفْرِهِ لَاسْتَحَقَّهُ بِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ كَالْمُحَارِبِينَ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَقَوْلُهُمْ فِي تَرْكِ قَبُولِ تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ يُوجِبُ أَنْ لَا يُسْتَتَابَ الْإِسْمَاعِيلِيَّة وَسَائِرُ الْمُلْحِدِينَ الَّذِينَ قَدْ عُلِمَ مِنْهُمْ اعْتِقَادُ الْكُفْرِ كَسَائِرِ الزَّنَادِقَةِ وَأَنْ يَقْتُلُوا مَعَ إظْهَارهمْ التَّوْبَةَ وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ السَّاحِرِ مَا
حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ قَانِعٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مسلم عن الحسن ابن جندب أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ (حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ)
وَقِصَّةُ جُنْدُبٍ فِي قَتْلِهِ السَّاحِرَ بِالْكُوفَةِ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ مَشْهُورَةٌ
وَقَوْلُهُ ﵇ (حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ)
قَدْ دَلَّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا وُجُوبُ قَتْلِهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ حَدٌّ لَا يُزِيلُهُ التَّوْبَةُ كَسَائِرِ الْحُدُودِ إذَا وَجَبَتْ وَلَمَّا ذَكَرْنَا مِنْ قَتْلِهِ عَلَى وَجْهِ قَتْلِ الْمُحَارِبِ قَالُوا فِيمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ إنَّهُ إذَا قَالَ كنت ساحرا وقد ثبت أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ كَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ مُحَارِبًا وَجَاءَ تَائِبًا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْمُحَارِبِينَ [إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] فَاسْتَثْنَى التَّائِبَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ وَيُسْتَدَلُّ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى [إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسادًا] إلَى آخِرِ الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ السَّاحِرِ حَدًّا لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ السَّعْيِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ لِعَمَلِهِ السِّحْرَ وَاسْتِدْعَائِهِ النَّاسَ إلَيْهِ وَإِفْسَادِهِ إيَّاهُمْ مَعَ مَا صَارَ إلَيْهِ مِنْ الْكُفْرِ وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ أَجْرَى السَّاحِرَ مَجْرَى الزِّنْدِيقِ فَلَمْ يَقْبَلْ تَوْبَتَهُ كَمَا لَا يَقْبَلُ تَوْبَةَ الزِّنْدِيقِ وَلَمْ يَقْتُلْ سَاحِرَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْقَتْلِ بِكُفْرِهِ وَقَدْ أَقْرَرْنَاهُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِالْمُسْلِمِينَ فَيَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَهُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ فَيُقْتَلُ كَمَا يُقْتَلُ الْحَرْبِيُّ وَقَدْ بَيَّنَّا مُوَافَقَةَ السَّاحِرِ الذِّمِّيِّ لِلزِّنْدِيقِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ اسْتَحْدَثَ كُفْرًا سِرًّا لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بِجِزْيَةِ وَلَا غَيْرِهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّاحِرِ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ مِلَّةَ الْإِسْلَامِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُحَارِبِ فَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمُنْتَحِلِي الذِّمَّةِ وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ
1 / 66