Ахкам аль-Куран
أحكام القرآن
Редактор
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Издатель
دار إحياء التراث العربي
Место издания
بيروت
Жанры
тафсир
أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ حُجَّةٌ فِيمَا قَالَ مِنْهَا فَقَالَ:
دَعْ الْخَمْرَ تَشْرَبْهَا الْغُوَاةُ فَإِنَّنِي ... رَأَيْتُ أَخَاهَا مُغْنِيًا لِمَكَانِهَا
فَإِنْ لَا تَكُنْهُ أَوْ يَكُنْهَا فَإِنَّهُ ... أَخُوهَا غَذَتْهُ أُمُّهُ بِلِبَانِهَا
فَجَعَلَ غَيْرَهَا مِنْ الْأَشْرِبَةِ أَخًا لَهَا بِقَوْلِهِ رَأَيْتُ أَخَاهَا مُغْنِيًا لِمَكَانِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُسَمَّى خَمْرًا لَمَا سَمَّاهُ أَخًا لَهَا ثُمَّ أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَا تَكُنْهُ أَوْ يَكُنْهَا فَإِنَّهُ أَخُوهَا فَأَخْبَرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ هُوَ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَنْ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ اسْمَ الْخَمْرِ مَخْصُوصٌ بِمَا وَصَفْنَا وَمَقْصُورٌ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَا بَلْوَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِشُرْبِ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ كَانَتْ أَعَمَّ مِنْهَا بِالْخَمْرِ وَإِنَّمَا كَانَتْ بَلْوَاهُمْ بِالْخَمْرِ خَاصَّةً قَلِيلَةً لِقِلَّتِهَا عِنْدَهُمْ فَلَمَّا عَرَفَ الْكُلُّ مِنْ الصَّحَابَةِ تَحْرِيمَ النِّيّ الْمُشْتَدِّ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا وَرُوِيَ عَنْ عُظَمَاءِ الصَّحَابَةِ مِثْلُ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِمْ شُرْبُ النَّبِيذِ الشَّدِيدِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَخْلَافِهِمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَعْرِفُونَ تَحْرِيمَ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ وَلَا يُسَمُّونَهَا بِاسْمِ الْخَمْرِ بَلْ يَنْفُونَهُ عَنْهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ اسْمَ الْخَمْرِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَلَا يَتَنَاوَلُهَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَمِّ شَارِبِ الْخَمْرِ وَأَنَّ جَمِيعَهَا مُحَرَّمٌ مَحْظُورٌ وَالثَّانِي أَنَّ النَّبِيذَ غَيْرُ محرم لأنه لو كان محرما لعرفوا تحريمهم كمعرفتهم بتحريم الخمر إذا كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى مَعْرِفَةِ تَحْرِيمِهَا أَمَسَّ مِنْهَا إلَى مَعْرِفَةِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ لِعُمُومِ بَلْوَاهُمْ بِهَا دُونَهَا وَمَا عَمَّتْ الْبَلْوَى مِنْ الْأَحْكَامِ فَسَبِيلُ وُرُودِهِ نَقْلُ التَّوَاتُرِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ لَمْ يُعْقَلْ بِهِ تَحْرِيمُ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ وَلَا عُقِلَ الْخَمْرُ اسْمًا لَهَا وَاحْتَجَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ سَائِرَ الْأَشْرِبَةِ الَّتِي يُسْكِرُ كَثِيرُهَا خَمْرٌ بِمَا
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ)
وَبِمَا
رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ الْخَمْرُ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ (التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ)
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ نَحْوُهُ وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ الْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَبِمَا
رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قال (كل خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)
وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ حَيْثُ حُرِّمَتْ الْخَمْرُ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ وَمَا كَانَ خمرنا يومئذ إلا الفضيح فَحِينَ سَمِعُوا تَحْرِيمَ الْخَمْرِ أَهْرَاقُوا الْأَوَانِيَ وَكَسَرُوهَا وَقَالُوا فَقَدْ سَمَّى النَّبِيُّ ﷺ هَذِهِ الْأَشْرِبَةَ خَمْرًا وَكَذَلِكَ عُمَرُ وَأَنَسٌ وعقلت الأنصار من تحريم الخمر تحريم الفضيح وَهُوَ نَقِيعُ الْبُسْرِ وَلِذَلِكَ
2 / 8