Ахкам аль-Куран
أحكام القرآن
Редактор
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Издатель
دار إحياء التراث العربي
Место издания
بيروت
Жанры
тафсир
إلَى أَوَّلِ الْخِطَابِ كَمَا عَادَ إلَيْهِ حُكْمُ الْإِحْصَارِ وَهُوَ قَوْلُهُ [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ] ثم عطف عليه قوله [فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ] فَبَيَّنَ حُكْمَهُمْ إذَا أُحْصِرُوا ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ [فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا] يعنى أيها الْمُحْرِمُونَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَبَيَّنَ حُكْمَهُمْ إذَا مَرِضُوا قَبْلَ الْإِحْصَارِ كَمَا بَيَّنَ حُكْمَهُمْ عِنْدَ الْإِحْصَارِ فَلَيْسَ إذًا فِي قَوْلِهِ [فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا] دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ لَا يَكُونُ إحْصَارًا فَإِنْ قِيلَ لَمَّا قَالَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ [فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ] دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْعَدُوُّ الْمَخُوفُ لِأَنَّ الْأَمْنَ يَقْتَضِي الْخَوْفَ قِيلَ لَهُ مَا الَّذِي يمنع أن يكون المراد الأمن ضَرَرِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَلِمَ جَعَلْتَهُ مَخْصُوصًا بِالْعَدُوِّ دُونَ الْمَرَضِ وَالْأَمْنُ وَالْخَوْفُ مَوْجُودَانِ فِيهِمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي قَوْلِهِ [فَإِذا أَمِنْتُمْ] يَعْنِي إذَا أَمِنْتَ مِنْ كَسْرِكَ وَوَجَعِكَ فَعَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ الْبَيْتَ فَإِنْ قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَدُوِّ وَالْمَرَضِ أَنَّ الْمُحْصَرَ بِعَدُوٍّ إنْ لَمْ يمكنه أن يتقدم أمكنه الرجوع والمريض لَا يَخْتَلِفُ حَالُهُ فِي التَّقَدُّمِ وَالرُّجُوعِ قِيلَ لَهُ فَهَذَا أَحْرَى أَنْ يَكُونَ مُحْصَرًا لِتَعَذُّرِ الْأَمْرَيْنِ عَلَيْهِ فَهُوَ أَعْذَرُ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ لِلْخَوْفِ وَيُقَالُ أَيْضًا مَا تَقُولُ فِي الْمُحْصَرِ بِالْعَدُوِّ إذَا كَانَ مُحِيطًا بِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ وَلَا التَّقَدُّمُ أَلَيْسَ جَائِزًا لَهُ الْإِحْلَالُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ انْتَقَضَتْ عِلَّتُكَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُحْرِمَةِ إذَا مَنَعَهَا زَوْجُهَا وَالْمَحْبُوسِ إنَّهُمَا مُحْصَرَانِ وَجَائِزٌ لَهُمَا الْإِحْلَالُ وَحَالُ التَّقَدُّمِ وَالرُّجُوعِ لَهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَرِيضِ وَالْخَائِفِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَبَاحَ لِلْخَائِفِ فِي الْقِتَالِ أَنْ يَتَحَيَّزَ إلَى فِئَةٍ فَيَنْتَقِلَ بِذَلِكَ مِنْ الْخَوْفِ إلَى الْأَمْنِ فَيُقَالُ لَهُ وَكَذَلِكَ قَدْ أَبَاحَ لِلْمَرِيضِ تَرْكَ الْقِتَالِ رَأْسًا بِقَوْلِهِ [لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ] فَكَانَتْ رُخْصَةُ الْمَرِيضِ أَوْسَعَ مِنْ رُخْصَةِ الْخَائِفِ لِأَنَّ الْخَائِفَ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِي تَرْكِ حُضُورِ الْقِتَالِ وَالْمَرِيضُ مَعْذُورٌ فِيهِ وَإِنَّمَا عُذِرَ الْخَائِفَ أَنْ يَتَحَيَّزَ إلَى فِئَةٍ وَلَمْ يُعْذَرْ فِي تَرْكِ الْقِتَالِ رَأْسًا فَالْمَرِيضُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ فِي الْإِحْلَالِ مِنْ إحْرَامِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَلَمَّا قَالَ الله تعالى [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ] ثُمَّ قَالَ فِي شَأْنِ الْمُحْصَرِ الْخَائِفِ مَا قَالَ وَجَبَ أَنْ لَا يَزُولَ فَرْضُ تَمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إلَّا عَنْ الْخَائِفِ فَيُقَالُ لَهُ الذي قال [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ] هو الذي قال [فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ] وَهُوَ عُمُومٌ فِي الْخَائِفِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بِدَلَالَةٍ فَمَا الدَّلَالَةُ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْخَائِفِ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ
1 / 337