254

Ахкам аль-Куран

أحكام القرآن

Редактор

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Издатель

دار إحياء التراث العربي

Место издания

بيروت

Жанры

тафсир
وَلَا يَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ وَمَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ مُوَافِقَةٌ لِدَلَالَةِ قَوْله تَعَالَى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] وَلَا يَرَى أَصْحَابُنَا بَأْسًا بِأَنْ يَصُومَهُ تَطَوُّعًا لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا حَكَمَ بِأَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ فَقَدْ أَبَاحَ صَوْمَهُ تَطَوُّعًا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْهِلَالِ يُرَى نَهَارًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إذَا رَأَى الْهِلَالَ نَهَارًا فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ رُؤْيَتِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي وَائِلٍ وسعيد ابن الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ إذَا رَأَى الْهِلَالَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَإِذَا رَآهُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَالثَّوْرِيُّ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ ببلنجر فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ ضُحًى فَأَخْبَرْتُهُ فَجَاءَ فَقَامَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَنَظَرَ إلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ الله تعالى [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ] وَقَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مُخَاطَبًا بِفِعْلِ الصَّوْمِ فِي آخِرِ رَمَضَانَ مُرَادًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ] فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي خِطَابِ قَوْلِهِ [ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ] لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ حَالًا مِنْ حَالٍ فَهُوَ عَلَى سَائِرِ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ رَأَى الْهِلَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ رُؤْيَتَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يَزَلْ عَنْهُ الْخِطَابُ بِإِتْمَامِ الصَّوْم بَلْ كَانَ دَاخِلًا فِي حُكْمِ اللَّفْظِ فَكَذَلِكَ رُؤْيَتُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لَدُخُولِهِ فِي عُمُومِ اللَّفْظِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا
قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَهُ صَوْمٌ يَسْتَقْبِلُهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَالدَّلَالَةُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا اسْتِحَالَةُ الْأَمْرِ بِصَوْمِ يَوْمٍ مَاضٍ وَالْآخَرُ اتِّفَاقُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ إذَا رَأَى الْهِلَالَ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ عَلَيْهِ صِيَامُ مَا يستقبل من الأيام فثبت أن
قوله ﷺ صوموا لرؤيته
إنَّمَا هُوَ صَوْمٌ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ فَمَنْ رَأَى الْهِلَالَ نَهَارًا قَبْلَ الزَّوَالِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ لَزِمَهُ صَوْمُ مَا يَسْتَقْبِلُ دُونَ مَا مَضَى لِقُصُورِ مُرَادِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى صَوْمٍ يَفْعَلُهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَأَيْضًا
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ)
فَأَوْجَبَ بِذَلِكَ اعْتِبَارَ الثَّلَاثِينَ لِكُلِّ شَهْرٍ يَخْفَى عَلَيْنَا رُؤْيَةُ الْهِلَالِ فِيهِ فَلَوْ احتمل

1 / 256