117

Ахкам аль-сиям

أحكام الصيام

Редактор

محمد عبد القادر عطا

Издатель

دار الكتب العلمية

Год публикации

1406 AH

Место издания

بيروت

فإن مجاري الشياطين الذي هو الدم ضاقت، وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات التي بها تفتح أبواب الجنة، وإلى ترك المنكرات التي بها تفتح أبواب النار، وصفدت الشياطين فضعفت قوتهم وعملهم بتصفيدهم فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلونه في غيره، ولم يقل أنهم قتلوا ولا ماتوا. بل قال: ((صفدت)) والمصفد من الشياطين قد يؤذي، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون في غير رمضان، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه، فمن كان صومه كاملاً دفع الشيطان دفعاً لا يدفعه دفع الصوم الناقص، فهذه المناسبة ظاهرة في منع الصائم من الأكل والشرب، والحكم ثابت على وفقه، وكلام الشارع قد دل على اعتبار هذا الوصف وتأثيره، وهذا المنع منتف في الحقنة والكحل وغير ذلك.

(فإن قيل): بل الكحل قد ينزل إلى الجوف ويستحيل دماً.

قيل: هذا كما قد يقال في البخار الذي يصعد من الأنف إلى الدماغ فيستحيل دماً، وكالدهن الذي يشربه الجسم. والممنوع منه إنما هو ما يصل إلى المعدة فيستحيل دماً ويتوزع على البدن.

ونجعل هذا (وجهاً سادساً) فنقيس الكحل والحقنة ونحو ذلك على البخور والدهن ونحو ذلك لجامع ما يشتركان فيه من أن ذلك ليس مما يتغذى به البدن ويستحيل في المعدة دماً، وهذا الوصف هو الذي أوجب أن لا تكون هذه الأمور مفطرة، وهذا موجود في محل النزاع. والفرع قد يتجاذبه أصلان فيلحق كلاً منهما بما يشبهه من الصفات.

فإن قيل: هذا تطبخه المعدة ويستحيل دماً ينمي عنه البدن لكنه غذاء ناقص فهو كما لو أكل سماً أو نحوه مما يضره، وهو بمنزلة من أكل أكلاً كثيراً أورثه تخمة ومرضاً، فكان منعه في الصوم عن هذا أوكد؛ لأنه ممنوع عنه في الإفطار وبقي الصوم أوكد، وهذا كمنعه من الزنا فإنه إذا منع من الوطء المباح فالمحظور أولى.

117