لأنه جل وعز قال في إثرها تعليمًا لذلك القصر الذي علمناه * عند الخوف وأباحه لنا: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ (^١) فوصف لنا الصلاة المقصورة عند الخوف وعلمناها، فأما صلاة السفر فقد كنا عرفناها بقوله: ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ (^٢) فأقام لهم رسول الله صلاة الحضر وصلاة السفر، ... [ولو كان قوله: (لا جناح) (^٣) تخييرًا لكان قوله في الصفا والمروة: ﴿فَلَا جُنَاحَ﴾ (^٤) تخييرًا فمن شاء طاف ومن شاء ترك] (^٥).
قال ابن عمر: بعث رسول الله ﷺ ولا نعلم شيئًا وإنما نفعل ما كان يفعل (^٦)،
(^١) [سورة النساء: الآية ١٠٢]
(^٢) [سورة البقرة: الآية ٤٣]
(^٣) يشير إلى قوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ [النساء: ١٠١].
(^٤) [سورة البقرة: الآية ١٥٨]
(^٥) مابين المعكوفتين، كذا في الأصل وضع بين معكوفتين، وفي الهامش: (ليس في الأم وهو في غيرها صحيح) أي: أن هذا الكلام ليس في الأصل الذي هو أحكام القرآن للقاضي إسماعيل، وهو في كتبه الأخرى؛ لأن الكلام السابق واللاحق للقاضي إسماعيل.
(^٦) سئل ابن عمر فقيل: يا أبا عبدالرحمن: إنا نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن، ولانجد صلاة السفر؟ فقال ابن عمر: يابن أخي إن الله ﷿ بعث محمدًا ﷺ ولانعلم شيئًا، فإنما نفعل كما رأيناه يفعل.
رواه النسائي في سننه: ٣/ ١٣٢ كتاب تقصير الصلاة في السفر، وابن ماجة في سننه: ١/ ١٩١ باب تقصير الصلاة من أبواب إقامة الصلاة، وأحمد في مسنده: ٢/ ٦٥، ٩٤، ١٤٨، والإمام مالك في الموطأ: ١/ ١٣٨ كتاب قصر الصلاة في السفر حديث: ٧، وعبدالرزاق في مصنفه: ٢/ ٥١٨ باب الصلاة في السفر، وابن خزيمة في صحيحه: ٢/ ٧٢، وابن حبان في صحيحه: ٤/ ٣٠١، و٦/ ٤٤٤، والحاكم في المستدرك: ١/ ٣٨٩ وقال: هذا حديث رواته مدنيون ثقات ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.