حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " اسْتَأْذَنَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَرْضًا أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا لَا أَخَافُ أَحَدًا؟ قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَأَتَى النَّجَاشِيَّ "
قَالَ عُمَيْرٌ: فَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ مَكَانَهُ حَسَدْتُهُ، لَأَسْتَقْبِلَنَّ لِهَذَا وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْتُ النَّجَاشِيَّ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رَجُلًا ابْنُ عَمِّهِ بِأَرْضِنَا، وَإِنَّهُ يَزْعُمُ لَيْسَ لِلنَّاسِ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَقْتُلْهُ وَأَصْحَابَهُ لَمْ أَقْطَعْ إِلَيْكَ هَذِهِ النُّطْفَةَ أَنَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي، قَالَ: ادْعُهُ، قُلْتُ: إِنَّهُ لَا يَجِيءُ مَعَهُ فَأَرْسِلْ مَعِي رَسُولًا، قَالَ: فَجَاءَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْبَابِ، فَنَادَيْتُ فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؟ وَنَادَى هُوَ مِنْ خَلْفِي: أَتَأْذَنُ لِحِزْبِ اللَّهِ؟ فَسَمِعَ صَوْتَهُ فَأَذِنَ لَهُ مِنْ قَبْلُ، فَدَخَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ أَذِنَ لِي فَجَلَسْتُ، فَذَكَرَ أَيْنَ كَانَ مَقْعَدُهُ مِنَ السَّرِيرِ، قَالَ: فَذَهَبْتُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَعَلْتُهُ خَلْفِي، وَجَعَلْتُ بَيْنَ كُلِّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: نَجِّرُوا، قَالَ عُمَيْرٌ: أَيْ تَكَلَّمُوا، فَقُلْتُ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رَجُلًا ابْنُ عَمِّهِ بِأَرْضِنَا وَهُوَ يَزْعُمُ أَنْ لَيْسَ لِلنَّاسِ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَقْتُلْهُ وَأَصْحَابَهُ لَمْ نَقْطَعْ إِلَيْكَ هَذِهِ النُّطْفَةَ أَنَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَبَدًا، فَقَالَ جَعْفَرُ: صَدَقَ ابْنُ عَمِّي وَأَنَا عَلَى دِينِهِ، وَصَاحَ صِيَاحًا وَقَالَ: أُوَّهْ، حَتَّى قُلْتُ: وَمَا لِابْنِ الْحَبَشِيَّةِ لَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ قَالَ: أَنَامُوسِيٌّ مِثْلُ نَامُوسِ مُوسَى؟، قَالَ: مَا يَقُولُ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَ: يَقُولُ: «هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ»، فَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ: مَا أَخْطَأَ فِي أَمْرِهِ مِثْلَ هَذِهِ، فَوَاللَّهِ لَوْلَا مُلْكِي لَاتَّبَعْتُكُمْ، وَقَالَ لِي: مَا كُنْتُ أُبَالِي أَنْ لَا تَأْتِيَنِي أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، يَا هَذَا، أَنْتَ آمِنٌ فِي أَرْضِي، فَمَنْ ضَرَبَكَ قَتَلْتُهُ، وَمَنْ سَبَّكَ عَزَّرْتُهُ، وَقَالَ لِآذِنِهِ: مَتَى اسْتَأْذَنَكَ هَذَا فَائْذَنْ لَهُ، إِلَّا أَنْ أَكُونَ عِنْدَ أَهْلِي، فَأَخْبِرْهُ أَنِّي عِنْدَ أَهْلِي، فَإِنْ أَبَى فَائْذَنْ لَهُ "، فَتَفَرَّقْنَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَلْقَاهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَعْفَرٍ، فَاسْتَقْبَلَنِي فِي طَرِيقٍ مَرَّةً فَنَظَرْتُ خَلْفَهُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: تَعْلَمُ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَقَدْ هَدَاكَ اللَّهُ فَاثْبُتْ، فَتَرَكَنِي وَذَهَبَ، فَأَتَيْتُ أَصْحَابِي وَكَأَنَّمَا شَهِدُوهُ مَعِي، فَأَخَذُوا قَطِيفَةً أَوْ ثَوْبًا فَجَعَلُوهُ عَلَيَّ حَتَّى غَمَّوْنِي بِهَا، قَالَ: وَجَعَلْتُ أُخْرِجُ رَأْسِي مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ مَرَّةً وَمِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ مَرَّةً حَتَّى أَفْلَتُّ وَمَا عَلَيَّ قِشْرَةٌ، فَمَرَرْتُ عَلَى حَبَشِيَّةٍ فَأَخَذْتُ قِنَاعَهَا عَلَى عَوْرَتِي، فَأَتَيْتُ جَعْفَرًا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: أُخِذَ كُلُّ شَيْءٍ لِي، مَا تُرِكَ عَلَيَّ قِشْرَةٌ، فَأَتَيْتُ حَبَشِيَّةً فَأَخَذْتُ قِنَاعَهَا فَجَعَلْتُهُ عَلَى عَوْرَتِي، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَلِكِ، فَقَالَ جَعْفَرٌ لِآذِنِهِ: اسْتَأْذِنْ لِي، فَقَالَ: إِنَّهُ عِنْدَ أَهْلِهِ، قَالَ: اسْتَأْذِنْ لِي، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ عَمْرًا تَابَعَنِي عَلَى دِينِي، فَقَالَ: كَلَّا، قَالَ: بَلَى، فَقَالَ لِإِنْسَانٍ: اذْهَبْ مَعَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَقُولَنَّ شَيْئًا إِلَّا كَتَبْتَهُ، قَالَ: فَجَاءَ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ وَجَعَلَ يَكْتُبُ حَتَّى كَتَبْتُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْقَدَحِ، وَلَوْ شِئْتُ آخُذُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَى مَالِي لَفَعَلْتُ "
حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعِمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ
١٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الدِّيبَاجِيُّ التُّسْتَرِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: ثنا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَدِيَّةٍ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَالُوا لَهُ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: قَدْ بَعَثُوا إِلَيْكَ أُنَاسًا مِنْ سَفَلَتِهِمْ وَسُفَهَائِهِمْ فَادْفَعْهُمْ إِلَيْنَا، قَالَ: لَا، حَتَّى أَسْمَعَ كَلَامَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ؟ قُلْنَا: إِنَّ قَوْمَنَا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، وَإِنَّ اللَّهَ ﷿ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَآمَنَّا بِهِ وَصَدَّقْنَاهُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: عَبِيدٌ هُمْ لَكُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَلَكُمْ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ فِي عِيسَى غَيْرَ مَا تَقُولُونَ، قَالَ: إِنْ لَمْ يَقُولُوا فِي عِيسَى مِثْلَ مَا أَقُولُ لَمْ أَدَعْهُمْ فِي أَرْضِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ الثَّانِيَةُ أَشَدَّ عَلَيْنَا مِنَ الْأُولَى، فَقَالَ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ فَقُلْنَا: يَقُولُ: «هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ»، قَالَ: فَأَرْسَلَ فَقَالَ: ادْعُوا فُلَانًا الْقَسَّ وَفُلَانًا الرَّاهِبَ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُنَا فَمَا تَقُولُ؟ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا عِيسَى، مَا زَادَ عَلَى مَا قَالَ هَؤُلَاءِ مِثْلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُؤْذِيكُمْ أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَأَمَرَ مُنَادِيَا فَنَادَى: مَنْ آذَى أَحَدًا مِنْهُمْ فَأَغْرِمُوهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ: يَكْفِيكُمْ؟ فَقُلْنَا: لَا، فَأَضْعَفَهَا، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ وَظَهَرَ بِهَا قُلْنَا لَهُ: إِنَّ صَاحِبَنَا خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهَاجَرَ وَقَتَلَ الَّذِينَ كُنَّا حَدَّثْنَاكَ عَنْهُمْ، وَقَدْ أَرَدْنَا الرَّحِيلَ فَزَوِّدْنَا، قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَزَوَّدَنَا وَأَعْطَانَا، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ بِمَا صَنَعْتُ إِلَيْكُمْ، وَهَذَا رَسُولِي مَعَكَ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَقُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ فَتَلَقَّانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاعْتَنَقَنِي فَقَالَ: «مَا أَدْرِي أَنَا بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَفْرَحُ أَوْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ» فَسَلْهُ مَا صَنَعَ بِهِ صَاحِبُنَا، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَدْ فَعَلَ بِنَا قَدْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، وَحَمَلَنَا، وَزَوَّدَنَا، وَنَصَرَنَا، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُهُ، وَقَالَ: قُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَعَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلنَّجَاشِيِّ» فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: آمِينَ، قَالَ جَعْفَرٌ: فَقُلْتُ لِلرَّسُولِ: انْطَلِقْ فَأَخْبِرْ صَاحِبَكَ مَا رَأَيْتَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ
قَالَ عُمَيْرٌ: فَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ مَكَانَهُ حَسَدْتُهُ، لَأَسْتَقْبِلَنَّ لِهَذَا وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْتُ النَّجَاشِيَّ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رَجُلًا ابْنُ عَمِّهِ بِأَرْضِنَا، وَإِنَّهُ يَزْعُمُ لَيْسَ لِلنَّاسِ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَقْتُلْهُ وَأَصْحَابَهُ لَمْ أَقْطَعْ إِلَيْكَ هَذِهِ النُّطْفَةَ أَنَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي، قَالَ: ادْعُهُ، قُلْتُ: إِنَّهُ لَا يَجِيءُ مَعَهُ فَأَرْسِلْ مَعِي رَسُولًا، قَالَ: فَجَاءَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْبَابِ، فَنَادَيْتُ فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؟ وَنَادَى هُوَ مِنْ خَلْفِي: أَتَأْذَنُ لِحِزْبِ اللَّهِ؟ فَسَمِعَ صَوْتَهُ فَأَذِنَ لَهُ مِنْ قَبْلُ، فَدَخَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ أَذِنَ لِي فَجَلَسْتُ، فَذَكَرَ أَيْنَ كَانَ مَقْعَدُهُ مِنَ السَّرِيرِ، قَالَ: فَذَهَبْتُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَعَلْتُهُ خَلْفِي، وَجَعَلْتُ بَيْنَ كُلِّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: نَجِّرُوا، قَالَ عُمَيْرٌ: أَيْ تَكَلَّمُوا، فَقُلْتُ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رَجُلًا ابْنُ عَمِّهِ بِأَرْضِنَا وَهُوَ يَزْعُمُ أَنْ لَيْسَ لِلنَّاسِ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَقْتُلْهُ وَأَصْحَابَهُ لَمْ نَقْطَعْ إِلَيْكَ هَذِهِ النُّطْفَةَ أَنَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَبَدًا، فَقَالَ جَعْفَرُ: صَدَقَ ابْنُ عَمِّي وَأَنَا عَلَى دِينِهِ، وَصَاحَ صِيَاحًا وَقَالَ: أُوَّهْ، حَتَّى قُلْتُ: وَمَا لِابْنِ الْحَبَشِيَّةِ لَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ قَالَ: أَنَامُوسِيٌّ مِثْلُ نَامُوسِ مُوسَى؟، قَالَ: مَا يَقُولُ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَ: يَقُولُ: «هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ»، فَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ: مَا أَخْطَأَ فِي أَمْرِهِ مِثْلَ هَذِهِ، فَوَاللَّهِ لَوْلَا مُلْكِي لَاتَّبَعْتُكُمْ، وَقَالَ لِي: مَا كُنْتُ أُبَالِي أَنْ لَا تَأْتِيَنِي أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، يَا هَذَا، أَنْتَ آمِنٌ فِي أَرْضِي، فَمَنْ ضَرَبَكَ قَتَلْتُهُ، وَمَنْ سَبَّكَ عَزَّرْتُهُ، وَقَالَ لِآذِنِهِ: مَتَى اسْتَأْذَنَكَ هَذَا فَائْذَنْ لَهُ، إِلَّا أَنْ أَكُونَ عِنْدَ أَهْلِي، فَأَخْبِرْهُ أَنِّي عِنْدَ أَهْلِي، فَإِنْ أَبَى فَائْذَنْ لَهُ "، فَتَفَرَّقْنَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَلْقَاهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَعْفَرٍ، فَاسْتَقْبَلَنِي فِي طَرِيقٍ مَرَّةً فَنَظَرْتُ خَلْفَهُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: تَعْلَمُ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَقَدْ هَدَاكَ اللَّهُ فَاثْبُتْ، فَتَرَكَنِي وَذَهَبَ، فَأَتَيْتُ أَصْحَابِي وَكَأَنَّمَا شَهِدُوهُ مَعِي، فَأَخَذُوا قَطِيفَةً أَوْ ثَوْبًا فَجَعَلُوهُ عَلَيَّ حَتَّى غَمَّوْنِي بِهَا، قَالَ: وَجَعَلْتُ أُخْرِجُ رَأْسِي مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ مَرَّةً وَمِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ مَرَّةً حَتَّى أَفْلَتُّ وَمَا عَلَيَّ قِشْرَةٌ، فَمَرَرْتُ عَلَى حَبَشِيَّةٍ فَأَخَذْتُ قِنَاعَهَا عَلَى عَوْرَتِي، فَأَتَيْتُ جَعْفَرًا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: أُخِذَ كُلُّ شَيْءٍ لِي، مَا تُرِكَ عَلَيَّ قِشْرَةٌ، فَأَتَيْتُ حَبَشِيَّةً فَأَخَذْتُ قِنَاعَهَا فَجَعَلْتُهُ عَلَى عَوْرَتِي، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَلِكِ، فَقَالَ جَعْفَرٌ لِآذِنِهِ: اسْتَأْذِنْ لِي، فَقَالَ: إِنَّهُ عِنْدَ أَهْلِهِ، قَالَ: اسْتَأْذِنْ لِي، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ عَمْرًا تَابَعَنِي عَلَى دِينِي، فَقَالَ: كَلَّا، قَالَ: بَلَى، فَقَالَ لِإِنْسَانٍ: اذْهَبْ مَعَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَقُولَنَّ شَيْئًا إِلَّا كَتَبْتَهُ، قَالَ: فَجَاءَ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ وَجَعَلَ يَكْتُبُ حَتَّى كَتَبْتُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْقَدَحِ، وَلَوْ شِئْتُ آخُذُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَى مَالِي لَفَعَلْتُ "
حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعِمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ
١٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الدِّيبَاجِيُّ التُّسْتَرِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: ثنا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَدِيَّةٍ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَالُوا لَهُ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: قَدْ بَعَثُوا إِلَيْكَ أُنَاسًا مِنْ سَفَلَتِهِمْ وَسُفَهَائِهِمْ فَادْفَعْهُمْ إِلَيْنَا، قَالَ: لَا، حَتَّى أَسْمَعَ كَلَامَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ؟ قُلْنَا: إِنَّ قَوْمَنَا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، وَإِنَّ اللَّهَ ﷿ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَآمَنَّا بِهِ وَصَدَّقْنَاهُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: عَبِيدٌ هُمْ لَكُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَلَكُمْ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ فِي عِيسَى غَيْرَ مَا تَقُولُونَ، قَالَ: إِنْ لَمْ يَقُولُوا فِي عِيسَى مِثْلَ مَا أَقُولُ لَمْ أَدَعْهُمْ فِي أَرْضِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ الثَّانِيَةُ أَشَدَّ عَلَيْنَا مِنَ الْأُولَى، فَقَالَ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ فَقُلْنَا: يَقُولُ: «هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ»، قَالَ: فَأَرْسَلَ فَقَالَ: ادْعُوا فُلَانًا الْقَسَّ وَفُلَانًا الرَّاهِبَ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُنَا فَمَا تَقُولُ؟ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا عِيسَى، مَا زَادَ عَلَى مَا قَالَ هَؤُلَاءِ مِثْلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُؤْذِيكُمْ أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَأَمَرَ مُنَادِيَا فَنَادَى: مَنْ آذَى أَحَدًا مِنْهُمْ فَأَغْرِمُوهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ: يَكْفِيكُمْ؟ فَقُلْنَا: لَا، فَأَضْعَفَهَا، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ وَظَهَرَ بِهَا قُلْنَا لَهُ: إِنَّ صَاحِبَنَا خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهَاجَرَ وَقَتَلَ الَّذِينَ كُنَّا حَدَّثْنَاكَ عَنْهُمْ، وَقَدْ أَرَدْنَا الرَّحِيلَ فَزَوِّدْنَا، قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَزَوَّدَنَا وَأَعْطَانَا، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ بِمَا صَنَعْتُ إِلَيْكُمْ، وَهَذَا رَسُولِي مَعَكَ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَقُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ فَتَلَقَّانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاعْتَنَقَنِي فَقَالَ: «مَا أَدْرِي أَنَا بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَفْرَحُ أَوْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ» فَسَلْهُ مَا صَنَعَ بِهِ صَاحِبُنَا، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَدْ فَعَلَ بِنَا قَدْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، وَحَمَلَنَا، وَزَوَّدَنَا، وَنَصَرَنَا، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُهُ، وَقَالَ: قُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَعَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلنَّجَاشِيِّ» فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: آمِينَ، قَالَ جَعْفَرٌ: فَقُلْتُ لِلرَّسُولِ: انْطَلِقْ فَأَخْبِرْ صَاحِبَكَ مَا رَأَيْتَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ
1 / 220