Разговоры деревни: рассказы и воспоминания
أحاديث القرية: أقاصيص وذكريات
Жанры
فقال أبي: أنا أروح معك خل الصبي ينام.
فنفر جدي وقال: صح فيكم قول الإنجيل يا حنا، أنتم ما دخلتم ومنعتم الذين يدخلون. يا ضيعان تعبي، هيهات أن يكون خوري بعدي في هذا البيت.
فرفعت رأسي إذ ذاك وصبحته ونهضت وقبلت يده، فباركني وضحك لي ضحكة مليئة ما رأيتها منه من قبل، وانفتل يصلي حتى لبست ثياب الأحد والعيد، وسار وتبعته، وظل يردد حتى دخل الكنيسة قطعة سريانية هذه ترجمتها: إن كان العبد بلا خطيئة من أين تعرف رحمة السيد؟ ارحمني يا الله كعظيم رحمتك. وسجد وزميله الخوري يوحنا سجدة الصبح، فقاما وركعا مائة مرة وأكثر. ولما أقبل الناس تحولا إلى كرسي الاعتراف، وظلا يعرفان حتى الضحى، ثم أقاما الذبيحة الإلهية، وبعد الإنجيل ألقى جدي هذه الخطبة:
يا إخوتي المباركين
اجتمعنا اليوم لنعيد عيد أبينا العظيم، فمار مارون هو التاجر الذي حكى عنه الإنجيل أنه وجد درة ثمينة فمضى وباع ماله واشتراها. نعم يا أولادي، إن مار مارون هو العبد الصالح الذي ربح بالخمس وزنات خمسا أخر، وفلح كرم الرب من الصبح حتى المساء، كما سمعتم أمس، وتسمعون الآن من مديحه، فالذي انقطع عن الدنيا كلها وقعد في مغارة يصوم ويصلي ليلا ونهارا، ويدافع عن الإيمان بتقوى وحرارة يستأهل أكثر من هذا المدح. صح فيه قول مار أفرام ملفان البيعة: ويكون لهم بعد موتهم أعظم إكرام. وأي إكرام أعظم من العبادة.
ما كان أبونا ما مارون يعيش كما نعيش نحن، وما كان يفتكر بما نفتكر به نحن، كان يطلب ملكوت الله وبره. ومار مارون ما كان يلبس كما يلبس إكليروس اليوم الغنابيز المزررة، ولم يكن يحمل عصا مذهبة ومفضضة. كان لباسه الشعر ليقهر النفس المتكبرة، وعصاه من الزعرور ليرد بها عنه الكلاب، وصليبه كان في عبه ليخزي به إبليس اللعين، لا للزينة والبهرجة، وهذا التاج الذي على رأسه، والعصا التي بيده نحن الذين يغرنا المجد العالمي حملناه إياهما، ولو كان أبونا غير هكذا ما طلب يوحنا فم الذهب صلاته ودعاه. فمار مارون قس، والقديس يوحنا فم الذهب مطران عظيم ومن ملافنة البيعة.
إن مار مارون غلب الشيطان كما خبرنا السنكسار، ونحن أولاده يغلبنا الشيطان كل ساعة. مار مارون شفى مرضى كثيرين، ونحن المرضى في قلوبنا وليس من يشفينا، نحن كما قال مار أفرام كنار الروح: دبت الآكلة في الجسم وسرت.
يا حسرتي علينا يا أولادي، إذا حجب الرب عنا رحمته؛ فلأننا ما عدنا نفتكر به. تركناه فتركنا، ما عدنا نفتكر إلا بالدنيا، من كبيرنا إلى صغيرنا ، أبونا مار مارون أسس ونحن ما وضعنا حجرا على الحيط، خراب عمومي في الدنيا والدين، الروح الطيبة راحت مع القدماء، وخطايانا الكثيرة ورثت كل هذه الضربات والبلايا والضيق، متى كان ينقطع المطر في كانون وشباط، ومتى كان يخاف الناس من الجوع والعطش في جبل لبنان.
كيف نخاف نحن المسيحيين من الجوع، وإنجيلنا يقول: أبوكم السماوي يقيتكم، ولا تهتموا بما للغد. كيف نخاف الغضب الرباني وعندنا التوبة والاعتراف، والمناولة والصلاة. فإذا كنا نحن البشر يرق قلبنا على من يصرخ حول بيوتنا، وعلى بقرة تعج في القبو، فماذا تراه يفعل ربنا الذي قال: من منكم إذا طلب منه ابنه سمكة يعطيه حية. أما هو الذي جرأنا على الطلب منه بإلحاح، أما هو قال لنا: اطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم. قووا قلبكم واقرعوا بابه ولا تخافوا.
صلوا يا أولادي ولا تملوا، لا تتكلوا علينا وحدنا، فنحن فقراء بالروح. عندما كانت الكاسات والصلبان من خشب، كانت القلوب من ذهب، واليوم بالعكس كاسات وصلبان من ذهب، وقلوب من خشب، ويا ليت، خشب منخور. الويل لنا من تلك الساعة التي يقيم فيها ربنا الخراف من عن يمينه والجداء من عن شماله.
Неизвестная страница