Ахадис аль-Акида, которые кажутся противоречивыми в Сахихах: Изучение и предпочтение
أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين دراسة وترجيح
Издатель
مكتبة دار البيان الحديثة
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Место издания
الطائف - المملكة العربية السعودية
Жанры
سلسلَة الرّسائل الجامِعِيّة (١)
أَحَادِيثُ العَقِيدَة التي يُوهِمُ ظاهِرهَا التّعَارض في الصّحِيحيْن
درَاسَة وترْجيح
تَأليف
سُليمان بن محمّد الدّبيْخي
المحاضر بكليّة المعَلّمين بحَائل
الجزء الأول
مَكْتَبَة دَار البَيَان الحَدِيثَة
1 / 1
أَحَادِيثُ العَقِيدَة التي يُوهِمُ ظاهِرهَا التّعَارض في الصّحِيحيْن
1 / 2
جَميع حُقُوق الطّبْع محْفُوظة للنَّاشِرْ
الطّبعَة الأولى ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
النَّاشِر مَكْتَبَة دَار البَيَان الحَدِيثَة
المملكَة العَرَبيّة السعوديّة - الطّائف - هَاتف: ٧٤٥١٤١٤ - فاكس: ٧٤٥١٤١٤
هاتف: ٧٤٥٤٦٧١ - ٧٤٦٣٧٣٤
1 / 3
أصل هذا الكتاب رسالة علمية تقدم بها المؤلف لنيل درجة الماجستير من قسم العقيدة بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة وقد أجيزت بتقدير ممتاز مع التوصية بطبعها.
٢٦/ ٣/ ١٤٢٠ هـ
1 / 4
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (^١).
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (^٢).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (^٣).
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتُها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فإن السنة لها مكانة كبيرة ومنزلة عظيمة في الإسلام، إذ هي المصدر الثاني له بعد القرآن؛ تفسر مبهمه؛ وتفصل مجمله؛ وتقيد مطلقه؛ وتخصص عامه؛ وتشرح أحكامه وأهدافه، كما جاءت بأحكام لم ينص عليها القرآن الكريم ولكنها تتمشى مع قواعده وأهدافه، ولذلك فقد أحال الله تعالى عباده المؤمنين عليها ليحكّموها في كل خلاف يشجر، وفي كل أمر يحل، وفي
_________
(^١) سورة آل عمران. آية (١٠٢).
(^٢) سورة النساء. آية (١).
(^٣) سورة الأحزاب. آية (٧٠ - ٧١).
1 / 5
كل دعوى ترفع، مع التسليم التام بكل ما تصدره من الأحكام، فقال تعالى:
﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (^١).
وحث النبي ﷺ أمته على التمسك بِها ولزومها بقوله: "عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بِها وعضوا عليها بالنواجذ" (^٢).
هذه المكانة الكبرى والمزية العظمى للسنة جعلت السلف -من الصحابة والتابعين ومن بعدهم- يعتنون بِها أشد العناية؛ فحفظوها وفهموها ونشروها بين الناس؛ وحثوهم على التمسك بِها، واعتقاد ما جاء فيها، والالتزام بأوامرها ونواهيها، والتحلى بآدابها وأخلاقها.
وجعلوا المعول عليه في عقيدتِهم ما صح منها مع كتاب الله تعالى ولم يجعلوا معولهم على العقل المجرد كما هو حال أهل الكلام.
- ولما أُدخل في السنة ما ليس منها انتدب أهلُ العلم والحديث أنفسهم للذود عن حياضها وتمييز صحيحها من سقيمها؛ فتكلموا في الرجال بالجرح والتعديل، وأعلنوا أن الإسناد من الدين، وألفوا الكتب والمصنفات في بيان الأحاديث الصحيحة والضعيفة والموضوعة، كل هذا حفاظًا على هذه السنة التي هي الوحى الثاني بعد القرآن، كما قال تعالى:
_________
(^١) سورة النساء. آية (٦٥).
(^٢) أخرجه من حديث العرباض بن سارية أبو داود (عون ١٢/ ٢٣٤) ح (٤٥٩٤) والترمذى (تحفة ٧/ ٤٣٨) ح (٢٨١٥) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه (١/ ١٥) ح (٤٢) وأحمد في مسنده (٥/ ١٠٩) ح (١٦٦٩٢) وصححه الألباني كما في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٨٧١) ح (٣٨٥١).
1 / 6
﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (^١).
وقال ﷺ: "ألا إني أُوتيت الكتاب ومثله معه" (^٢).
ولكن أعداء السنة ما فتئوا يكيدون لها؛ فذهبوا يرمونَها بالتناقض والتعارض؛ ويضربون بعض نصوصها ببعض، ويشككون في صحة أحاديثها الصحيحة وما تضمنته من المعاني الفريدة -خاصة ما يتعلق منها بالعقيدة- متذرعين بسيل جارف من الشبهات، وبحر متلاطم من البدع والخرافات، فردوا أخبار الآحاد، وزعموا أن أدلة العقيدة لا بد أن تكون قطعية الثبوت حتى تفيد اليقين؛ فلا يقبل منها إلا ما كان من القرآن أو ما تواتر من السنة، وهذا بلا شك منهج خطير أرادوا أو أراد بعضهم منه إيجاد العراقيل والحواجز بين المسلمين وبين مصادرهم الأصلية، ولكن علماء السنة وفرسان الشريعة وحراس الملّة كانوا لهم بالمرصاد فأبطلوا شبهاتِهم (^٣) وأبانوا زيفها وضلالها، وأزاحوا الستار عن خطرها وكيدها، فأيقظوا بذلك أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
وجملة القول أن القرآن والسنة هما المصدران الأساسيان للإسلام اللذان لا
_________
(^١) سورة النجم. آية (٣، ٤).
(^٢) أخرجه من حديث المقداد بن معد يكرب: أبو داود (عون ١٢/ ٢٣١) ح (٤٥٩١) والترمذى نحوه (تحفة ٧/ ٤٢٦) ح (٢٨٠١) وابن ماجه (١/ ٦) ح (١٢) وصححه الألباني كما في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٨٧٠) ح (٣٨٤٨).
(^٣) انظر: هذه الشبه والرد عليها في كتاب: درء التعارض لشيخ الإسلام ابن تيمية، والروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم للإمام ابن الوزير، والأنوار الكاشفة للعلامة عبد الرحمن المعلمي، والسنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للشيخ مصطفى السباعى، ودفاع عن السنة للدكتور محمد أبو شهبة، وزوابع في وجه السنة لصلاح الدين مقبول، والسنة وحجيتها ومكانتها في الإسلام للدكتور محمد لقمان السلفى، وموقف المدرسة العقلية من السنة النبوية للأمين الصادق الأمين.
1 / 7
غنى للأمة عنهما في معرفة العقائد والأحكام والعبادات والمعاملات وغيرها من أمور المعاش والمعاد.
- ومن هنا تبرز أهمية هذا الموضوع حيث إنه يتعلق بالمصدر الثاني من مصادر الدين الإسلامى في أصح كتبه بعد القرآن وهما صحيحا البخاري ومسلم اللذان تلقتهما الأمة بالقبول (^١)، وفي أهم جانب من جوانب الدين الإسلامى ألا وهو جانب العقيدة، فيبحث في تلك الأحاديث التي توهَّم بعض الناس فيها التعارض والاختلاف -والتي ربما تعلق بِها من رام هدم الدين والتشكيك في مصادره الأصلية- فيسهم في إزالة هذا التعارض المتوهم، وذلك حسب القواعد والأسس التي رسمها أهل العلم لدفع التعارض.
وثَمة أسباب أخرى كانت وراء اختياري لهذا الموضوع ليكون هو بحثى لنيل درجة الماجستير منها: -
١ - أن النظر في الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض -خاصة ما يتعلق منها بالعقيدة- ودفع التعارض عنها له أهمية بالغة عند أهل العلم ولذلك قال النووي: "هذا فن من أهم الأنواع ويضطر إلى معرفته جميع العلماء من الطوائف" (^٢).
٢ - أهمية الصحيحين والعناية بما اشتملا عليه من المباحث العقدية وذلك لاتفاق الأمة على تقديمهما وتلقيهما بالقبول.
_________
(^١) انظر: المبحث السادس من التمهيد ص (٥٦).
(^٢) التقريب مطبوع مع شرحه تدريب الراوى (٢/ ١٨٠).
1 / 8
٣ - أن درء التعارض بين أحاديث الصحيحين له مزيَّة كبيرة لأنَّها أحاديث مجمع على صحتها في الجملة، فالنظر فيها يتجاوز -غالبًا- الترجيح بصحة بعضها على بعض، وعلى هذا فإن إزالة التعارض عنها فيه خدمة لسفري الإسلام بعد القرآن، وفيه خدمة للباحثين وطلاب العلم، وخاصة من أشكل عليه تعارضها مع صحتها إذ لا سبيل إلى الطعن في صحتها -غالبًا- فلا بد إذن من النظر في سبيل آخر لإزالة هذا الإشكال وذلكم التعارض.
خطة البحث:
بعد أن استقر رأيي على الكتابة في هذا الموضوع -أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين دراسة وترجيح (^١) - وضعت له الخطة التالية:
* المقدمة: وفيها بينت أهمية الموضوع وخطة البحث ومنهج البحث.
* التمهيد وفيه ستة مباحث:
- المبحث الأول: تعريف التعارض ومختلف الحديث.
- المبحث الثاني: أشهر الكتب المؤلفة في مختلف الحديث.
- المبحث الثالث: بيان أن التعارض بين النصوص الصحيحة إنما هو في نظر المجتهد وأما في الحقيقة فليس ثمة تعارض.
- المبحث الرابع: مسالك العلماء عند التعارض.
_________
(^١) كنت قد عزمت على تغيير العنوان لطوله واستبداله بعنوان آخر وهو: "مختلف أحاديث العقيدة في الصحيحين -دراسة وترجيح-"، ثم عدلت عن ذلك وأبقيت العنوان الأول كما هو لأنه أوضح في الدلالة على المراد، والخطب في هذا يسير.
1 / 9
- المبحث الخامس: ترجمة موجزة للإمامين البخاري ومسلم عليهما رحمة الله.
- المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة.
* الباب الأول: الإيمان بالله، وتحته ثلاثة فصول:
* الفصل الأول: ما يتعلق بتوحيد الألوهية، وفيه سبعة مباحث:
- المبحث الأول: العدوى
- المبحث الثاني: الطيرة
- المبحث الثالث: الرقى
- المبحث الرابع: الكى
- المبحث الخامس: الحلف بغير الله تعالى
- المبحث السادس: ما جاء في بعض الألفاظ الموهمة للتشريك في الربوبية.
- المبحث السابع: في قوله ﷺ: "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب".
* الفصل الثاني: ما يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات، وفيه أربعة مباحث: -
- المبحث الأول: ما جاء في قوله ﷺ: "كلتا يديه يمين".
- المبحث الثاني: ما جاء في صفة الرحمة لله ﷿.
- المبحث الثالث: ما جاء في علو الله تعالى وفوقيته مع ورود نصوص المعية والقرب.
1 / 10
المبحث الرابع: ما جاء في رؤية النبي ﷺ لربه ﷿.
* الفصل الثالث: مسائل تتعلق بالإيمان، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: ما جاء في مؤاخذة من أساء في الإسلام بعمله في الجاهلية والإسلام.
المبحث الثاني: أحاديث الوعد والوعيد.
المبحث الثالث: ما جاء في مكان سدرة المنتهى.
* الباب الثاني: اليوم الآخر، وتحته فصلان:
* الفصل الأول: أشراط الساعة، وفيه مبحثان:
- المبحث الأول: ما جاء في ابن صياد، هل هو المسيح الدجال أم غيره؟
- المبحث الثاني: ما جاء في الدخان، هل مضى أم لم يأت بعد؟
* الفصل الثاني: مسائل تتعلق باليوم الآخر، وفيه مبحثان:
- المبحث الأول: ما جاء في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه.
- المبحث الثاني: ما جاء في قلة النساء وكثرتهن في الجنة.
* الباب الثالث: القدر، ومسائل متعلقة بالنبوة، وتحته فصلان:
* الفصل الأول: القدر، وفيه ستة مباحث: -
- المبحث الأول: زيادة العمر بصلة الرحم.
- المبحث الثاني: ما جاء في أن الشقي من شقى في بطن أمه، مع ورود ما يدل على أن كل مولود يولد على الفطرة.
- المبحث الثالث: "والشر ليس إليك".
- المبحث الرابع: حكم أولاد المشركين في الآخرة.
1 / 11
- المبحث الخامس: ما جاء في (اللَّو).
- المبحث السادس: وقت كتابة الملَك ما قُدِّر للعبد في بطن أُمه.
* الفصل الثاني: مسائل متعلقة بالنبوة (^١)، وفيه مبحثان:
- المبحث الأول: حكم التفضيل بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
- المبحث الثاني: عدد أجزاء النبوة التى منها الرؤيا.
منهج البحث:
١ - قمت بتتبع الأحاديث التي ظاهرها التعارض في الصحيحين مما يتعلق بالعقيدة، ثم تمييز كل أحاديث مسألة على حدة، مستعينًا -بعد الله تعالى- بجرد الصحيحين، وبجرد طائفة من الكتب المتناولة للأحاديث التى ظاهرها التعارض كتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، ومشكل الآثار للطحاوي وغيرهما.
٢ - قسَّمت الأحاديث بحسب المسائل التي تعارضت فيها تلك الأحاديث ظاهرًا إلى أبواب العقيدة المعروفة على ترتيب حديث جبريل ﷺ.
ثم قسمت الأبواب إلى فصول، والفصول إلى مباحث، هي عبارة عن تلك المسائل المشار إليها.
٣ - أما في عرض المسائل ذاتِها فقد اجتهدت في أن يكون بطريقة تتناسب مع الأصل الذي قام عليه البحث، ألا وهو كون تلك المسائل مما قد يوهم ظاهر أحاديثها التعارض وهذه الطريقة تتلخص في أمور: -
_________
(^١) جعلت هذا الفصل في آخر الرسالة -وإن كان حقه التقديم على اليوم الآخر كما هو الحال في حديث جبريل ﷺ- لأنه مما استدركته فيما بعد ولم يكن ضمن الخطة المقدمة لمجلس القسم عند عرض الموضوع.
1 / 12
أولًا: ذكر الأحاديث التي قد يوهم ظاهرها التعارض في المسألة.
ثانيًا: بيان وجه التعارض.
ثالثًا: مذاهب العلماء تجاه هذا التعارض، على النحو التالي:
أ) مذهب الجمع: أي الجمع بين هذه الأحاديث، وذلك بإيراد وجوه الجمع والقائلين بها وأدلتهم على ذلك.
ب) مذهب النسخ (^١): أي نسخ بعضها ببعض ببيان ذلك ومن قال به، وأدلته عليه.
ج) مذهب الترجيح: أي ترجيح بعض الأحاديث على بعض، بمعنى الأخذ ببعضها وترك العمل بالبعض الآخر، ومن قال به وأدلته عليه.
د) مذهب التوقف: أي عدم التعرض للأحاديث بشىء من المذاهب السابقة، وإنما يتوقف حتى يتبين له الحق ومن قال به (^٢).
٤ - التزمت في مسائل هذا البحث أن تكون الأحاديث المتعارضة فيها من قبيل الأحاديث المرفوعة إلا في ثلاث مسائل (الرؤية، ومكان سدرة المنتهى، والدخان) فإن الحديث المعارض فيها من قبيل الموقوف وقد ذكرت هذه المسائل لأمرين:
١ - أن بعض أهل العلم -خاصة المحتجين بِها- جعلوها من قبيل
_________
(^١) النسخ كما هو معلوم لا يدخل على الأخبار والعقائد، وإنما جعلته هنا ضمن مذاهب العلماء تجاه التعارض لأني وجدت من سلكه في بعض المسائل كما سترى إن شاء الله تعالى.
(^٢) هذه المذاهب: الجمع - النسخ - الترجيح - التوقف. الأصل هو ذكرها في كل مسألة لكن قد تكون بعض المسائل لا قائل فيها ببعض تلك المذاهب فيكتفى فيها بما قيل به، ثم إني سلكت في ترتيب هذه المذاهب رأى الجمهور وهو الترتيب السابق.
1 / 13
المرفوع حكمًا.
٢ - أن هذه المسائل كانت ضمن الخطة المقدمة لمجلس القسم عند عرض الموضوع.
٥ - أعزو الآيات إلى سورها بذكر اسم السورة ورقم الآية.
٦ - أخرج الأحاديث من مصادرها الأصلية.
- فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فإني أكتفى به لأن المقصود ثبوت الصحة.
- وقد اعتمدت لفظ البخاري في الحديث المتفق عليه، فإذا اعتمدت لفظ مسلم -لفائدة معينة- بينت ذلك في التخريج بقولي مثلًا: أخرجه مسلم واللفظ له، وإذا كانت الفائدة بذكر اللفظين معًا -لفظ البخارى ولفظ مسلم- ذكرتُهما معًا.
- وإذا كان للحديث -الذي في الصحيحين- طرقٌ فإني أذكرها إن كان لذكرها فائدة كأن يكون في بعضها ما ليس في البعض الآخر، فإن لم يكن لذكرها فائدة فإني لا ألتزم بذكرها.
- إذا أحلت على مسلم في تخريج الحديث فإنما أعني طبعة مسلم بشرح النووي.
- إذا كان الحديث في غير الصحيحين فإني أخرجه من الكتب الستة وغيرها حسب الوسع والطاقة.
- في أحاديث الصحيحين الأصول -التى تكون في المطلب الأول من كل مبحث- ألتزم في تخريجها بذكر الكتاب والباب والجزء والصفحة ورقم الحديث، وفي غيرها لا ألتزم بذلك، بل أكتفى بذكر رقم الجزء والصفحة
1 / 14
ورقم الحديث.
- اعتمدت في مسند الإمام أحمد على طبعتين: إحداهما كاملة والأخرى ناقصة وهي التى عليها تحقيق الشيخ أحمد شاكر، فإذا ذكرت حكم أحمد شاكر على الحديث فمعنى ذلك أن الإحالة على طبعته، وإذا لم أذكر حكمه فمعنى ذلك أن الإحالة على الطبعة الأخرى.
- إذا قلت في بعض الإحالات: الفتح أو فتح الباري، فإنما أعني بذلك فتح الباري لابن حجر، فإن أردت فتح الباري لابن رجب بينته.
٧ - بالنسبة لتراجم الأعلام التزمت الترجمة لكل علم له رأي أو قول معتبر -بغض النظر عن الشهرة أو عدمها لأنها غير منضبطة- عدا الصحابة رضى الله عنهم فإني لا أترجم لهم وقد جعلت هذه التراجم في ملحق خاص في آخر الرسالة وآثرت هذه الطريقة -المتبعة في عدد كبير من الجامعات منها جامعة أم القرى- لئلا أخرج عن المقصود ولئلا تترهل الرسالة بكثرة تراجم الأعلام ولأن الأعلام لا تعني القارئ كعناية صلب الرسالة فمن أراد معرفة علم فليرجع إليه في الملحق وقد رتبتهم في الملحق على حروف المعجم مراعيًا بذلك الإسم الذي ورد به في الرسالة وذلك حتى يسهل العثور عليه.
٨ - عرفت بالفرق.
٩ - ذكرت معاني بعض الألفاظ الغريبة.
١٠ - عزوت الأقوال إلى قائليها:
- فإن كان نصًّا وضعته بين قوسين ثم أحلته في الهامش إلى مصدره.
- فإن تصرفت فيه قلت بعد ذكر الإحالة في الهامش: بتصرف.
- فإن كان النقل بالمعنى، أو أردت الإشارة إلى وجود هذا القول أو هذا
1 / 15
الكلام في مصدر معين قلت في الهامش قبل ذكر الإحالة: انظر.
١١ - وضعت خاتمة في آخر الرسالة بينت فيها أهم نتائج هذا البحث.
١٢ - وضعت عدة فهارس في آخر الرسالة تسهيلًا للوصول إلى ما حوته من مسائل وغيرها، وهى كالتالي:
- فهرس للآيات القرآنية.
- فهرس للأحاديث النبوية.
- فهرس للآثار.
- فهرس للأعلام المترجمين.
- فهرس للفرق.
- فهرس للمصادر والمراجع.
- فهرس عام للمحتويات.
وأخيرًا فإني لا أزعم في هذا البحث -المتواضع- أنني قد بلغت فيه الكمال أو أنه خال من الخطأ والنقصان، ولكن الذي أزعمه أنني قد بذلت جهدي ووسع طاقتى، فإن وفقت فمن الله وحده، وإن زلت بي القدم فمن نفسي والشيطان، ورجائي من كل قارئٍ له أو مطلع عليه ألا يبخل عليّ بالنصح والتوجيه والتصويب والتسديد، وأنا له شاكر مقدر، فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.
ولا يفوتني في ختام هذه المقدمة أن أشكر الله تعالى على نعمته وعظيم امتنانه إذ وفقنى لإتْمام هذه الرسالة، التي لولاه لما تم شىء منها.
ثم إني أشكر للوالدين الكريمين تشجيعهما ودعائهما، وأسأل الله تعالى أن يبارك في أعمارهما وأن يصلح لهما شأنهما وأن يكتب لهما السعادة في الدارين،
1 / 16
إنه وليّ ذلك والقادر عليه.
كما أشكر فضيلة شيخي الأستاذ الدكتور علي بن نفيع العلياني حفظه الله المشرف على هذه الرسالة على ما أولاني به من نصح وإرشاد وتوجيه وتسديد، وعلى مبادرته بقراءة هذه الرسالة من أولها إلى آخرها أولًا بأول رغم كثرة مشاغله، فجزاه الله عني خير ما جزى شيخًا عن تلميذه.
وأشكر أخيرًا كل من ساعدني بنصح أو توجيه أو إرشاد، أو إعارة كتاب، من المشايخ والزملاء، وأسأل الله تعالى أن يوفقني لصالح العمل، وأن يعصمني من فتنة القول والعمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
سليمان بن محمد الدبيخي
1 / 17
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم
التمهيد
وفيه ستة مباحث:
* المبحث الأول: تعريف التعارض ومختلف الحديث.
* المبحث الثاني: أشهر الكتب المؤلفة في مختلف الحديث.
* المبحث الثالث: بيان أن التعارض بين النصوص الصحيحة إنما هو في نظر المجتهد وأما في الحقيقة فليس ثمة تعارض.
* المبحث الرابع: مسالك العلماء عند التعارض.
* المبحث الخامس: ترجمة موجزة للإمامين: البخاري ومسلم عليهما رحمة الله.
* المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة.
* * *
1 / 19
المبحث الأول تعريف التعارض ومختلف الحديث
* أولًا: تعريف التعارض:
أ - التعارض لغة: مصدر (تعارض) فهو يقتضي فاعلين فأكثر فإذا قلنا: تعارض الدليلان: كان المعنى: تشارك الدليلان في التعارض الذي وقع بينهما. وهو يُطلق في اللغة ويُستعمل لعدة معان من أهمها:
١ - المنع قال الأزهري: "والأصل فيه أن الطريق إذا اعترض فيه بناءٌ أو غيره منع السابلة من سلوكه .. وكل ما يمنعك من شغل وغيره من الأمراض فهو عارض، وقد عرض عارض أي حال حائل ومنع مانع" (^١) ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا﴾ (^٢) أي: لا تجعلوا الحلف بالله معترضًا مانعًا لكم، أي بينكم وبين ما يقربكم إلى الله تعالى (^٣).
٢ - المقابلة:
قال في لسان العرب: "عارض الشيء بالشيء معارضة: قابله، وعارضت كتابي بكتابه أي قابلته" (^٤).
ومنه قوله ﷺ: "إن جبريل كان يعارض القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي" (^٥).
_________
(^١) تَهذيب اللغة (١/ ٤٥٤، ٤٥٥) وانظر لسان العرب (٧/ ١٧٩) كلاهما مادة (عرض).
(^٢) سورة البقرة. آية (٢٢٤).
(^٣) انظر القاموس المحيط (٢/ ٥١٣) مادة (العروض)، لسان العرب (٧/ ١٧٨) مادة (عرض).
(^٤) لسان العرب (٧/ ١٦٧) مادة (عرض).
(^٥) متفق عليه من حديث عائشة: البخاري (٣/ ١٣٢٦) ح (٣٤٢٦) ومسلم (١٦/ ٢٣٩) ح (٢٤٥٠).
1 / 21
قال ابن الأثير: "أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن، من المعارضة: المقابلة" (^٦).
٣ - الظهور:
قال في لسان العرب: "عرض له أمر كذا: أي ظهر، وعرضت عليه أمر كذا: أي أظهرته له وأبرزته إليه" (^٧).
ومنه قوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ (^٨).
قال أبو عبد الله القرطبي: "تقول العرب: عرضت الشىء فأعرض، أي أظهرته فظهر، ومنه: عرضت الشىء للبيع" (^٩).
ومنه أيضًا قوله تعالى: ﴿وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا﴾ (^١٠).
أي: أبرزناها وأظهرناها للكافرين (^١١).
ب - التعارض اصطلاحًا:
أكثر من تناول تعريف التعارض -بِهذا الإسم- الأصوليون، وأما المحدثون فإنَّهم لم يتناولوه بِهذا الإسم، وإنما تناولوه تحت اسم (مختلف الحديث) (^١٢).
وقد تعددت تعريفات الأصوليين للتعارض واختلفت عباراتُهم فيها، لكن هذا الاختلاف لا ينبني عليه اختلاف في حقيقة التعارض عندهم، لأن هذه
_________
(^٦) النهاية في غريب الحديث (٣/ ٢١٢).
(^٧) لسان العرب (٧/ ١٦٨) مادة (عرض).
(^٨) سورة البقرة. آية (٣١).
(^٩) الجامع لأحكام القرآن (١/ ٢٨٣).
(^١٠) سورة الكهف. آية (١٠٠).
(^١١) انظر جامع البيان في تأويل القرآن للطبرى (٨/ ٢٩١).
(^١٢) سيأتي تعريفه ص (٢٤).
1 / 22