54

أدب الموعظة

أدب الموعظة

Издатель

مؤسسة الحرمين الخيرية

Номер издания

الأولى ١٤٢٤هـ

Жанры

ولقد جاء النهي الصريح عن أن يحدث المرء بكل ما سمع. قال ﷺ: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع" ١. ويتعين هذا الأدب في وقت الفتن والملمات، فيجب على الواعظ أن يتحرى هذا الأدب؛ حتى يقرب من السلامة، وينأى عن العطب. قال الله - تعالى - ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء:٨٣] . قال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي ﵀ في تفسير هذه الآية: "هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق، وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة، والمصالح العامة مما يتعلق بالأمن، وسرور المؤمنين أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم - أن يتثبتوا، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم: أهل الرأي، والعلم، والنصح، والعقل، والرزانة، الذين يعرفون الأمور، ويعرفون المصالح وضدها. فإذا رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين، وسرورا لهم، وتحرزا من أعدائهم - فعلوا ذلك، وإن رأوا ما ليس فيه مصلحة، أو فيه مصلحة، ولكن مضرته تزيد على مصلحته لم يذيعوه. ولهذا قال: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ . أي يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة، وعلومهم الرشيدة. وفي هذا دليل لقاعدة أدبية، وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولى من هو أهل ذلك، ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم؛

١ رواه مسلم ٥

1 / 56