هوامش
الفصل السادس
استطراد حول اليد الخفية
يشتهر سميث بالفكرة التي ابتدعها حول «اليد الخفية»، ومعظم الناس يفهمون من هذا المصطلح أن أفعالنا الناشئة من المصلحة الخاصة تنتج بطريقة ما منفعة اجتماعية شاملة. فعلى سبيل المثال، تؤدي المساومة الشاقة التي نتكبدها إلى خلق منظومة سوق تخصص الموارد بكفاءة عالية.
وفي الحقيقة، وبعيدا عما ورد حول «اليد الخفية لكوكب المشتري» في كتابه «تاريخ علم الفلك»، لم يستخدم سميث هذه العبارة إلا مرتين اثنتين في كتاباته كافة، دون أن يقصد المعنى المفترض بوجه عام. (1) الغني يتيح العمل للفقير
في كتابه «نظرية المشاعر الأخلاقية»، يقترح سميث أن يد «العناية الإلهية» تساوي بين المكافآت الاقتصادية؛ إذ لا يمكن للغني أن يأكل أكثر مما يأكله الفقير، والاستخدام الوحيد لمعظم الطعام الذي ينتجه الغني من أرضه يتمثل في تبادله مع الآخرين الذين يزودونه بما يطلبه من وسائل الرفاهية والحلي والجواهر. إذن، عندما يفكر الغني في نفسه فقط، فهذا يؤدي إلى توفير الوظائف لآلاف الناس:
لا يختار الغني مما هو مكدس أمامه إلا أثمن ما فيه وأكثره إرضاء له، فهو لا يستهلك أكثر من الفقير إلا قليلا. وعلى الرغم مما في طبعه من أنانية وجشع، وانحصار سعيه في تحقيق ما يريحه، وأن غايته الوحيدة التي يقصدها من عمل الآلاف التي تعمل لديه هي إشباع رغباته التافهة التي لا تنقطع، فإنه يتقاسم مع الفقير كل ما تتمخض عنه التحسينات التي يبدعها. إن أمثال هذا الغني يتحركون وفقا لإرشادات يد خفية لتحقيق التوزيع نفسه تقريبا لضروريات الحياة، والذي كان ليتحقق لو كانت الأرض مقسمة إلى حصص متساوية فيما بين كل سكانها، وبهذا فإنهم يعززون مصلحة المجتمع دون نية لفعل ذلك أو دراية بأنهم يعززونها، ويوفرون الوسائل اللازمة لتكاثر بني البشر.
1 (2) الصناعة المحلية والصناعة الأجنبية
ورد الذكر الوحيد لليد الخفية في «ثروة الأمم» عند الحديث عن الاحتكارات الرسمية التي تعزز الصناعات المحلية على حساب التجارة الخارجية، فيلاحظ سميث أن ذلك يدفع الناس إلى تخصيص رأس مال أكبر للصناعات المحلية، ثم ينتقل إلى بيت القصيد فيقول:
في خضم سعي كل فرد ... بأقصى ما يمكنه لتوظيف رأس ماله دعما للصناعة المحلية، ومن ثم لتوجيه هذه الصناعة نحو إنتاجية ذات قيمة أعلى، لا بد أن يكدح كل فرد لجعل العائد السنوي للمجتمع بأعلى قيمة ممكنة. وفي الواقع، لا يبتغي هذا الفرد عموما في سعيه هذا أن يعزز المصلحة العامة، ولا يعلم قدر إسهامه في هذا التعزيز؛ فحينما يفضل دعم الصناعة المحلية على الأجنبية، فإنه لا يبتغي من وراء ذلك إلا حماية نفسه، وعندما يوجه هذه الصناعة على هذا النحو تجاه إنتاجية ذات قيمة أعلى، فإنه لا يبتغي إلا ربحه الشخصي. وهو في سعيه هذا، كما في العديد من الحالات، يتحرك بفعل يد خفية لتعزيز غاية لم تكن جزءا من مبتغاه.
Неизвестная страница