فاستغرب الرجل تصرف الفتى، وقال: هل أنجزت الترجمات بهذه السرعة؟
وهم الرجل أن يفض الظرف فأمسك يوسف يده، وقال: لا تفضه يا سيدي فهو معنون باسم المدير شخصيا.
فازداد الرجل حيرة، ولكنه لم يتردد في إرسال الرسالة إلى المدير، فلما فضها المدير قرأ فيها ما يأتي:
مولاي جناب المدير
أرجو أن تعين لامتحاني موظفا أكثر معرفة مني، واقبل فائق احترامي.
كاتبه: يوسف براق
فابتسم المدير واستدعى يوسف إليه، وقال له: لماذا فعلت هكذا؟ أما شعرت أنك تهين من وليته أمر امتحانك؟ - ربما شعرت الآن بذلك، وشعرت أيضا أن هذا الامتحان إهانة لي أعظم من إهانة ممتحني؛ لأن الأمر بيني وبينك الآن والرجل لا يدري ماذا جرى؛ فأرجو أن تمتحنني أنت أو أن تعين لامتحاني شخصا آخر أوسع علما منه. - ليس عندنا أوسع علما منه، والوظائف التي عندنا لا تحتاج إلى معرفة أوفر من معرفته. - إذن أرجو أن تقبلني بلا امتحان، وتجربني في العمل شهرا أو أسبوعا أو يوما، فإذا لم تقنع بأهليتي فاصرفني خائبا.
وكان المدير يعجب بكلامه بالإنكليزية، فسأله بالإفرنسية: هل تعرف العربية كالإنكليزية؟ فأجابه بالإفرنسية أيضا: هي لغة أبي وأمي يا سيدي، وقد درست نحوها وبيانها في أشهر مدارس سوريا، وكتبت بها مقالات في بعض المجلات العربية.
وكان إعجاب المدير بكلامه بالإفرنسية أشد منه بكلامه بالإنكليزية، فقال له: إذن تعال غدا واشتغل، مهلا ...
ثم ضغط المدير على زر، فجاءه خادم فقال : استدع المسيو سرار إلى هنا.
Неизвестная страница