وفي يوم نبتت في ذهن عبد الشكور فكرة سارع إلى تنفيذها.
ولماذا لا؟ ألم نصبح في عصر الانفتاح، فلماذا لا أصيب منه من المال ما أطيق أن أصيب؟! وليست قوة المال بأقل شأنا من سطوة النفوذ.
الفصل السادس عشر
سافر عبد الشكور إلى ألمانيا؛ فإن صلته بمارك وهوفمان ظلت ممتدة، وكان يعلم تمام العلم أين سيجد كلا منهما.
ولم يخب مسعاه؛ فسرعان ما التقى بمارك، ووجده في أحسن حال في عائلته وماله معا.
تزوج مارك، وأصبح لديه ولدان قريبان من عمر راشد؛ وهما أندرسن وستيفان. وفي نفس الوقت أنشأ مارك مصنعا ضخما لصنع الأثاث الخشبي عاد عليه بالغنى الوفير.
أما هوفمان فقد تزوج هو أيضا، وأنجب ابنا قارب سن الشباب وابنة تصغره بعامين. والولد اسمه رالف والبنت كريستين، وقد حقق هوفمان نجاحا باهرا، وأنشأ بيتا تجاريا عملاقا للأدوات الكهربية مثل التليفزيون والثلاجة والغسالة وسائر الأدوات المنزلية الكهربية، وكلها تحمل ماركة هوفمان، وقد صارت ماركة شهيرة في ألمانيا جميعها.
وأدرك عبد الشكور في دربة الخبير أن عمله سيكون مع هوفمان، ولكنه مع ذلك دعا كلا من مارك وهوفمان إلى غداء يرد به على دعوتيهما له حين وصل ألمانيا.
وعرف الصديقان كل أنباء صديقهما المصري منذ تركهما حتى مقدم راشد ثم ما كان بعد ذلك من إقصائه عن البنك.
وفي اليوم التالي ذهب إلى هوفمان في مكتبه وسأله: من المؤكد أنه ليس لك وكيل في مصر. - فعلا ليس لي وكيل في مصر. - فما رأيك أن أكون أنا وكيلك؟ - لا بأس، وإن كنت قد فهمت أنك لست مقربا للسلطة في مصر. - الأمر اليوم مختلف تماما في مصر. وما دمت لا أعمل بالسياسة فهم لا شأن لهم بي على الإطلاق. - ليست السياسة بعيدة عن الاقتصاد. - إنهم يريدون أن يقلبوا النظام الاقتصادي في مصر إلى نظام حر، ولولا وثوقي من أنني سأنجح بهذا التوكيل الذي سأحصل عليه منك ما غامرت. - من ناحيتي لا أرى بأسا. - فلتجهز العقود. - ليكن توكيلك أول الأمر مقصورا على عنصر واحد من عناصر الأجهزة. - وأنا أيضا أفكر في ذلك، وليكن التوكيل في بيع التليفزيونات. - لا بأس. - لا تنس أن اسم هوفمان ليس معروفا في مصر، وسوف أنفق أموالا طائلة لأروج للاسم. - أقدر ذلك. - أرجو أن يمتد تقديرك إلى النسبة التي سأحصل عليها. - عبد الشكور، أنا في غير حاجة إلى السوق المصري؛ فما أبيعه الآن في ألمانيا وأوروبا يكفيني وزيادة، بل إنني سأضطر إلى توسعة في مصانعي لأواجه المطلوب من منتجاتي. - لماذا تقول هذا؟ - أنت تفهم تماما لماذا أقوله. - أن الفائدة التي تعود علي من التوكيل أكثر بكثير من الفائدة التي تعود عليك؟ - أرى أنك سريع الفهم كعادتك دائما. - وكيف تريدني أن أشكرك؟ - إنها ليست معرفة يوم، إنها السنوات الطوال. - وهذا ما أطمعني فيك.
Неизвестная страница