183

Адаб ат-Талаб

أدب الطلب

Редактор

عبد الله يحيى السريحي

Издатель

دار ابن حزم

Издание

الأولى

Год публикации

١٤١٩هـ - ١٩٩٨م

Место издания

لبنان / بيروت

وَأخذُوا دينهم على الْوَجْه الَّذِي لم يَأْمر الله بِهِ وَلَا ارْتَضَاهُ لَهُم لكِنهمْ لم يخلطوا فِي معنى لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا تلاعبوا بِالتَّوْحِيدِ وَلَا دخلُوا فِي أدوار الشّرك ومضايق الْجُحُود وبلايا الْجَاهِلِيَّة وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ
وَأما هَؤُلَاءِ فعمدوا إِلَى جمَاعَة من الْأَمْوَات الَّذين لَا يَسْتَطِيعُونَ توصية وَلَا إِلَى أهلهم يرجعُونَ فقصدوهم فِي الْمُهِمَّات وعكفوا على قُبُورهم ونذروا لَهُم النذور ونحروا لَهُم النحاير وفزعوا إِلَيْهِم عِنْد الْمُهِمَّات
فَتَارَة يطْلبُونَ مِنْهُم من الْحَاجَات مَا لَا يقدر عَلَيْهِ إِلَّا الله ﷿ وخصوهم بالنداء وأفردوهم بِالطَّلَبِ وَتارَة ينادونهم مَعَ الله ﷿ ويصرخون بِأَسْمَائِهِمْ مَعَ اسْم الله سُبْحَانَهُ فَيَأْتُونَ بِكَلِمَات تقشعر لَهَا جُلُود من يعلم معنى لَا إِلَه إِلَّا الله وَيعرف مَدْلُول قل هُوَ الله أحد وتلاعب بهم الشَّيْطَان فِي ذَلِك ونقلهم من مرتبَة إِلَى مرتبَة وَمن منزلَة إِلَى منزلَة حَتَّى استعظموا من جَانب هَؤُلَاءِ الْأَمْوَات الَّذِي خلقهمْ الله ورزقهم وأحياهم وأماتهم مَا لَا يستعظمونه من جَانب بارئ الْبَريَّة وخالق الْخَالِق يستعظمون جلّ اسْمه وَتَعَالَى قدره وَلَا إِلَه غَيره
وأفضى ذَلِك إِلَى أَن أحدهم يحلف بِاللَّه تَعَالَى فَاجِرًا وَلَا يحلف بِمن يَعْتَقِدهُ من الْأَمْوَات وَيقدم على الْمعْصِيَة فِي الْمَسَاجِد الَّتِي هِيَ بيُوت الله وَلَا يقدم عَلَيْهَا عِنْد قبر من يَعْتَقِدهُ
وتزايد الشَّرّ وعظمت المحنة وتفاقمت الْمُصِيبَة حَتَّى صَار كثير مِنْهُم ينسبون مَا أَصَابَهُم من الْخَيْر فِي الْأَنْفس وَالْأَمْوَال والأهل إِلَى ذَلِك الْمَيِّت وَمَا أَصَابَهُم من الشَّرّ فِي ذَلِك إِلَيْهِ وَقد صَارَت تَحت أطباق الثرى وغيب عَن أعين الْبشر وَصَارَ مَشْغُولًا عَاجِزا عَن جر نفع إِلَيْهِ أَو دفع ضرّ عَنهُ منتظرا لما ينْتَظر لَهُ مثله من الْأَمْوَات لَا يدْرِي مَا نزل بِهِ من هَؤُلَاءِ النوكاء وَلَا يشْعر بِمَا ألصقوه بِهِ وَلَو علم بذلك لجالدهم بِالسَّيْفِ ودفعهم بِمَا يقدر عَلَيْهِ

1 / 213