Книга о медицинской этике
كتاب أدب الطبيب
Жанры
وأما وجه العدل من الموسر، فهو أن يستعمل النصفة مع طبيبه، وإذا كان يعلم أن اجتهاده فى إصابة المال، وسائر مصالحه، إنما هو لأجل حاجته، وحاجة عائلته إليه، ويعلم أيضا أن الطبيب محتاج إلى مثل ذلك، وقد انتفع الموسر بما يملكه الطبيب من صناعته، فى نفسه، ونفوس أهله، فمن الواجب إذا، أن يقوم الموسر للطبيب بمصالحه، من قوته، وكسوته، ودراهمه التى بها يصل إلى مصالح نفسه، وجسمه. ومتى لم يستعمل الموسر ماذكرناه من العدل، اضطر الأمر الطبيب إلى أن يستعين على إصابته مصالحه من أوجه أخر. فإن تشاغل بصناعة أخرى، ليكتسب منها وبها الدراهم، عدل عن صناعة الطب، فقل فهمه وعلمه بها، ودخل الضرر على الموسر، والضعيف، فى نفوسهما، وأجسامهما. وإن التمس كسب الدراهم من الضعفاء، وتعذر ذلك من جهتهم لفقرهم، ثم امتنع عليهم، كان فى ذلك إضرار بهم. فتأمل، أيها الموسر، ما يدخل على الضعيف، والطبيب، وعليك فى نفسك، من الضرر الذى لا يتلافى، من استعمال الشح، والجور، واحذره! فإن هلاك النفوس مقرون به! فاحذر، أيها الطبيب، من الشح بصناعتك، إن شح ذوو اليسار بمالهم عليك، وعلى ضعفائهم! فإن مالهم ينفد، ومالك باق ما بقيت. فلذلك يكون يسارك، وعزك، والحاجة إليك، مبقين دائما عليك.
فاحذر من استعمال الجور! فإنه عن جنبتى العدل. فإن أصبت المال ومصالحك، فلا تفرط فى ذلك، فتستعمل التبذير، بل صن الدرهم، واحفظه لوقت حاجتك إليه، إذ كنت إنما تصل إلى مصالحك به! فإنك إن احتجت فى وقت الشيخوخة، أو وقت المرض، إليه، ولم تجده مذخورا عندك، ثم التمسته من الناس، وخاصة من أشحائهم، حل بك ما هو أعظم من ألم الشيخوخة، والمرض. ففى الخروج عن الاعتدال إلى التبذير من المضار ما ذكرته، وحسبك به بلاء!
وأما الخروج عن العدل إلى الضبط، والشح على النفس، والأهل، بما كسبته، أيها الطبيب، من الدراهم، ففيه من المضار ما لا يحصى كثرة. فأولها أنك تكون فقيرا من مصالحك أنت، وأهلك، وولدك، مدة حياتك. ومن تخلف له مالك، وما تعبت فيه، فإنه يصفك بشحك، ويذمك دائما.
وأيضا فإنك متى كنت للمال جامعا، عرضت نفسك للمكاره، بل للتلف، إذ كان طالبوه كثيرا، فلعلمهم بشحك عليه، يهلكونك، مع أخذه. فصن نفسك، وجسمك، بلزوم العدل، واستعمال الاعتدال فى تكسبك للمال، وفى نفقته، بل فى سائر أفعالك، تنج بذلك من الآثام، وتكون منزلتك منزلة الكرام!
والله بجوده وكرمه يبلغنا، وإياك، أفضل الرتب الشريفة عنده، وهو حسبنا وحده.
تم الكتاب بمعونة الله تعالى، وحسن توفيقه، وله الحمد دائما سرمدا.
كتبه لنفسه، ولمن شاء الله بعده، العبد الراجى رحمة ربه، وغفرانه، عبد الله بن المكين عبد الله بن عبد السلم بن ربيع اللاوى، عفا الله عنه، وعن والديه، وعمن ترحم عليه. وذلك فى مدة عشرين يوما، فى ساعات مفردة منها، آخرهن ليلة الجمعة، ثانى عشر شعبان، سنة ثمان وأربعين وسبع مائة.
Страница 173