Книга о медицинской этике
كتاب أدب الطبيب
Жанры
[chapter 19]
الباب التاسع عشر
فى العادات المذمومة التى قد اعتادها كثير من الناس، فهى تضر بالمرضى والأطباء
ولما كان الطبع يميل إلى اللذات، وكانت اللذات كثيرة أصنافها، مختلفة أنواعها، صار الطبع يحب اجتماع أصنافها له، ويؤثر ألا يفوته نوع من أنواعها. ولذلك وقعت الألفة بين الناس، والمحبة بين المتصادقين، لأجل ما يجده أحدهما عند صاحبه من اللذة، أو اللذات.
ولما كان أهل المروءة واليسار، وأصحاب الرئاسات، قد وهب 〈الله〉 لهم من سعادات الدنيا ما حرمه من سواهم من الناس، وكانت تلك السعادات أعظم اللذات عند الطبع، وأجلها قدرا، طلبت 〈لهذا السبب〉. لذلك 〈فإن〉 من فاتته تلك السعادات، 〈احتال〉 للوصول إليها بضروب من الحيل والخدع. فسلك كل من التمس المال من أهل اليسار والمرتبة من السلطان طرقا توصلهم إلى ذلك. فمن هؤلاء من التمس تلك السعادات بالعلوم، والآداب، والصنائع الجليلة القدر، العظيمة النفع، وهؤلاء هم الذين يلتمسون سعادة ما بسعادة هى أشرف منها، لأن سعادة العلم والأدب هى للنفس، وسعادة المال وما جانسه للجسم. وكما أن النفس أشرف من الجسم، كذلك سعادة النفس أشرف من سعادة الجسم.
وأما طالبو السعادات الدنياوية بغير العلم والأدب، كطالبى المال، وغيره من المقتنيات الجسمانية، بالمهن، والصنائع، فهم طالبو سعادة بما جانسها. وإذا كان ذلك كذلك، فقد بقى من القسمة طلب شئ شريف، وسعادة نافعة، بما ليس هو شريف، ولا نافع. والطالبون للشئ الشريف بالشئ الحقير هم الذين يداخلون أهل المروءة واليسار، والرؤساء، باللعب، واللهو، والأمور المضحكة، وأصناف الحيل المقدم ذكرها فى الباب الذى قبل هذا، لينالوا من رتبهم وأموالهم ما يحبونه.
ولذلك نجد كثيرا من الأطباء يداخلون المياسير، وكثيرا من السلاطين، بلعب الشطرنج، والنرد. وقوم يداخلون قوادا وأعاجم، بما يعرفونه من لغتهم، لكى يأنسوا بهم. وقوم يساعدون المياسير، والرؤساء، بتبليغهم، وإيصالهم إلى لذاتهم، وشهواتهم، فى ضروب من الأمور الضارة لهم فى حال الصحة، وحال المرض.
Страница 165