Книга о медицинской этике
كتاب أدب الطبيب
Жанры
[chapter 15]
الباب الخامس عشر
فى أن صناعة الطب لا يصلح أن يعملها كل من التمسها، لكن اللائقة بهم فى خلقهم وأخلاقهم
وكما أن الخمرة الفائقة فى الجودة، أيها الحبيب، لا يصلح أن تحفظ فى أى إناء اتفق، لكن الحافظ عليها لذيذ مذاقها، وصفاء لونها، وطيب رائحتها، وبالجملة سائر حالاتها المحمودة، إنما هو إناء موافق محمود، فكذلك الحال فى سائر العلوم، وأصناف الحكم. فإنه ليس يصلح أن تودع فى سائر النفوس، لكن فى النفوس الموافقة لها.
ولأن النفوس فى قواها، وأفعالها، تتبع أمزجة أبدانها، فلذلك ينبغى للمعلم، أن يختبر من المتعلم، حالات نفسه، قبل أن يعلمه. فإن وجدها موافقة للتعليم، أخذ فى تعليمه. وإن وجدها غير موافقة، رام إصلاحها. فإن تهيأ صلاحها، وإلا صان العلم، كالذى يعمله الزراع الحاذق، المشفق على الحب، فإنه متى لم يجد الأرض نقية، ولم يطمع فى تنقيتها، حفظ حبه، ولم يضيعه.
ولأن الأسباب التى تعوق المعلم عن التعليم، خاصة لصناعة الطب، هى عدة أسباب، والعلم بها ضرورى، فلذلك ينبغى أن تضم إلى الأصول التى هى ضامة لها، لكى تسهل معرفتها، وهذه الأصول هى ثلاثة: أحدها خروج مزاج البدن عن الاعتدال، وأعنى بخروج المزاج عن الاعتدال، الخروج الذى معه تتغير أفعال النفس وأخلاقها. والثانى الف العادات المذمومة، فى مصاحبة الأشرار، ومؤانسة الجهال، واتباع أفعالهم، واستحسان أخلاقهم. والثالث هو اجتماع الأمرين جميعا، وذلك هو أعظم فسادا، وأعسر صلاحا، وأن ينضاف إلى ذلك، أن يكون طالب تعلم صناعة الطب خاصة ليس قصده تعلمها، لشرفها فى نفسها، ولا لحلاوة منافعها لذاته، ولجسمه، ولأجسام أبناء نوعه، لكن قصده ليتعلمها، إنما هو لأسباب دنياوية من مال، وسلطان، أو غير ذلك. فإنه من الأحرى، ألا ينال منها كثير منال، ولا يحظى بما رجاه، بل لا يؤمن عليه ضد ذلك، مما أمل، لأنه دائما يخجل بين العلماء، ويفتضح فى أعماله عند الأدباء، والرؤساء. وإذا علم منه أنه معرض لما لا يقوم به تيقن علمه، كان تحت أخطار تقوده إلى الهلاك.
Страница 137