208

Шарийские правила

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Издатель

عالم الكتب

Номер издания

الأولى

Место издания

القاهرة

Жанры

Суфизм
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي: وَعِلْمُ الْكَلَامِ الْمَذْمُومُ هُوَ أُصُولُ الدِّينِ إذَا تُكُلِّمَ فِيهِ بِالْمَعْقُولِ الْمَحْضِ، أَوْ الْمُخَالِفِ لِلْمَنْقُولِ الصَّرِيحِ الصَّحِيحِ، فَإِنْ تُكُلِّمَ فِيهِ بِالنَّقْلِ فَقَطْ، أَوْ بِالنَّقْلِ وَالْعَقْلِ الْمُوَافِقِ لَهُ فَهُوَ أُصُولُ الدِّينِ، وَطَرِيقَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَمْ يَذُمَّ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ الْكَلَامَ لِمُجَرَّدِ مَا فِيهِ مِنْ الِاصْطِلَاحَاتِ الْمُوَلَّدَةِ كَلَفْظِ الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ وَالْجِسْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ لِأَنَّ الْمَعَانِي الَّتِي يُعَبِّرُونَ عَنْهَا بِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ فِيهَا مِنْ الْبَاطِلِ الْمَذْمُومِ فِي الْأَدِلَّةِ وَالْأَحْكَامِ مَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْهُ لِاشْتِمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى مَعَانٍ مُجْمَلَةٍ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي وَصْفِهِ لِأَهْلِ الْبِدَعِ: هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ، مُتَّفِقُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ يَتَكَلَّمُونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ، وَيُلْبِسُونَ عَلَى جُهَّالِ النَّاسِ بِمَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ مِنْ الْمُتَشَابِهِ. فَإِذَا عَرَفْت الْمَعَانِي الَّتِي يَقْصِدُونَهَا بِأَمْثَالِ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ وُزِنَتْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بِحَيْثُ يُثْبَتُ الْحَقُّ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَيُنْفَى الْبَاطِلُ الَّذِي نَفَاهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِخِلَافِ مَا سَلَكَهُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِنْ التَّكَلُّمِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا فِي الْمَسَائِلِ، وَالْوَسَائِلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ التَّفْصِيلِ وَالتَّقْسِيمِ، الَّذِي هُوَ مِنْ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، فَهَذَا مِنْ مُثَارَاتِ الشُّبْهَةِ.
قَالَ: وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ الْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ إيمَانًا عَامًّا مُجْمَلًا، وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَعْرِفَةَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ عَلَى التَّفْصِيلِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي التَّبْلِيغِ بِمَا بَعَثَ اللَّهُ ﷿ بِهِ رَسُولَهُ ﷺ وَفِي تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَعَقْلِهِ وَفَهْمِهِ وَعِلْمِ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ وَحِفْظِ الذِّكْرِ، وَالدُّعَاءِ إلَى الْخَيْرِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ: يَا أَصْحَابَنَا لَا تَشْتَغِلُوا بِالْكَلَامِ فَلَوْ عَرَفْت أَنَّ الْكَلَامَ يَبْلُغُ بِي إلَى مَا بَلَغَ مَا اشْتَغَلْت بِهِ وَقَالَ نَحْوَ هَذَا الشِّهْرِسْتَانِيّ صَاحِبُ الْمَحْصُولِ وَغَيْرُهُمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

1 / 209