وليترك ما نهي عنه فإن ذلك أساس الدعوة الحقة: أن يعمل أولا بما يدعو إليه فإن لم يكن ذلك في المكنة «١» جنّب الناس شره، ومنع ضره، كما يجنب نفسه موارد الهلكة، ومزالق الفتنة، ومواقف التهمة.
ذلك ما ينبغي للمسلم نحو الناس: أن يكون نفّاعا لهم بقدر ما يستطيع، لا يدخر وسعا في جلب الخير لهم، ودفع الشر عنهم، فلو أمكنه أن يقوم بكل ذلك فيتصدق ويعمل، ويعين وينفع، ويأمر بالخير، ويمسك عن الشر كان مطالبا بالقيام به، بل لو أمكنه إلى ذلك غيره، فعل ما استطاع.
فالحديث يرغب في الصدقة إذ جعلها أول ما يبدأ به المسلم، ويحبب في العمل والكسب، ويقدم حاجة النفس على حاجة الغير «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» ويحث على الإعانة، ويدعو إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويأمر بمنع الأذى عن الناس.
١١- باب: ترك المشتبهات
عن النعمان بن بشير ﵁ قال: قال النبي ﷺ: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهة، فمن ترك ما شبّه عليه من الإثم كان لما استبان أترك، ومن اجترأ على ما يشكّ فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان، والمعاصي حمى الله، من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه» .
وفي رواية أخرى عن النعمان: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشبّهات لا يعلمها كثير من النّاس فمن اتّقى الشّبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشّبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإنّ لكلّ ملك حمى، ألا وإنّ حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا
_________
(١) المكنة: الاستطاعة والامكان.
1 / 28