وليس شك أن أدبنا يخاطب الآن أبناء الطبقة المتوسطة؛ لأن العامة لم تتعلم، فليس عندنا منها مؤلفون، وإن يكن عندنا منها بعض القارئين، ولكن رويدا رويدا يتعلم الشعب، رويدا رويدا ينزل المؤلفون القصصيون إلى العامة، بل لقد نزلوا أو نزل عدد منهم.
إنهم مؤلفون عاميون؛ أي رومانتيون، قد أخذوا بحرفية الكلمة، أليست رومانتية تعني عامية؟
وهم مضطرون، بحكم نزعتهم الرومانتية، إلى أن يسيروا في أنحائها وإلى أمدائها البعيدة مع الشعب، وعلى الدوام مع الشعب، وهذا هو ما لم يعرفه قط الأدب القديم، كما لا يعرفه دعاة الأدب الاتباعي؛ إذ هم - في صميمهم - قدامى أيضا يدافعون عن القديم. •••
نحن نعالج في أيامنا هذه انتقالا اجتماعيا من المجتمع الإقطاعي إلى مجتمع الطبقة المتوسطة، مجتمع التجاريين والصناعيين والموظفين والمهنيين الأحرار (مثل الأطباء والمحامين والمعلمين ... إلخ)، والنساء العاملات.
وقد ألغينا العرش والباشوات والبكوات والإقطاعيين.
وفي الوقت نفسه اتجه الأدب نحو الشعب اتجاها رومانتيا - أي، كما قلنا، شعبيا - فظهرت القصة ودعت إلى الحب، وهذا أكبر خدمة قام بها نحو المجتمع المصري.
إن التحلل من القيود الاجتماعية الجامدة المتعسفة قد أحدث تحللا أيضا من القيود اللغوية والأدبية الجامدة المتعسفة.
ثم تفاعل الأدب الجديد مع المجتمع الجديد، الأدب يؤيد الثورة، والثورة تحفز الأدب إلى خدمة الشعب، وستقوى هذه النزعة في المستقبل كلما أحس الأدباء برسالتهم إزاء المجتمع.
وهي رسالة الخدمة للمجتمع، أي للإنسانية؛ إذ كيف نخدم الإنسانية إذا لم نخدم المجتمع، وأين نجدها؟
وهذا وضع جديد للأديب الذي لم يعد خادما يهرج ويسلي ويمدح ويقول النكتة؛ إذ هو الآن معلم ومرشد، هو إمام، هو نبي له رسالة.
Неизвестная страница