Современная английская литература
الأدب الإنجليزي الحديث
Жанры
فإذا نحن درسنا «برنارد شو» أو من جاءوا بعده من الأدباء الاجتماعيين وجدنا شيئا كثيرا جدا من الهدم مع القليل جدا من البناء. وهم من هذه الناحية يشبهون علماء الاقتصاد في الأزمات الحاضرة، فإن هؤلاء يجمعون الآن على فساد عظيم في النظم الاقتصادية الراهنة، ولكنهم عندما يطلب منهم إيجاد مقترحات جديدة للعلاج يعجزون عن اقتراح أي شيء إيجابي يمكن الأخذ به، والاعتماد عليه، غير القليل التافه. وهذا بالطبع باستثناء الاشتراكيين الذين يعتمدون على برنامج إيجابي واضح.
ولست مع ذلك أتعامى عن أشياء ومقترحات كثيرة اقترحها «برنارد شو» على سبيل البناء والعلاج، ولكنها يبدو عليها عند التأمل أنها في مكان الاعتذار عن البناء، لا البناء نفسه. فهو عندما يأخذ في نقد المسيحية ويسير شوطا بعيدا في الهدم ينتهي، في ضعف، إلى التعلق بأن الألوهية كائنة فينا. وعندما يسقط في يده عن قيمة المنافسة بين الأفراد في عصر صناعي وما تجلبه من ضرر بالناس يلتجئ إلى الاشتراكية بتحفظات عدة تجعل كثيرا من المفكرين يتهمونه من أجلها بالفاشية.
وقد يشعر القارئ له أن إيمانه كبير وأنه يعتقد اعتقادا راسخا بالعلم وفائدته. ولكنه لم يستطع مع ذلك أن يصور لنا مجتمعا يعيش على ما يراه إلا بعد أن يتخلص من العقل ويطير بالخيال إلى زمن مجهول في المستقبل يبعد عن زماننا بنحو 30000 سنة حيث تنقطع كل علاقة بين الحاضر والمستقبل.
ومما يجب أن يلاحظ هنا أن جميع الأدباء الذين يمثلون الانحلال ويعملون للهدم يتفاءلون بالمستقبل ويؤمنون أعظم الإيمان بالعلم. وهذا ما نرى من «ولز» و«شو» مثلا. بينما العلماء أنفسهم أمثال «برتراند روسل» يتشاءمون من سلطان العلم ويتنبئون أسوأ النبوءات عن المجتمعات التي تعيش في ظل العلم، ويقولون إن الفئة التي تحتكر الثقافة العلمية ستأخذ في الاستئثار بالسلطان وتتسلط على العامة.
ونظن أن القارئ سينتهي إلى الاعتقاد بأننا نستصغر شأن «شو» بهذا الذي ذكرنا عنه. ولكن الحقيقة أننا نكبره ونعتقد أنه أدى أعظم خدمة للأدب الإنجليزي عامة وللمسرح الإنجليزي خاصة بتوجيهه هذه الوجهة. ثم هو في ظروفه التاريخية لم يكن له مفر من أن يقف معظم مجهوده الأدبي على الهدم، فقد نشأ في وسط اجتماعي ورث تقاليد عتيقة في الأسرة والاقتصاد والحكومة وعلاقات الدول، ورأى ظروفا اقتصادية جديدة في الصناعة تفعل فعلها في الانحلال، فأخذ في شرح النقائص حتى تطابق الحال الاجتماعية الحال الاقتصادية.
وحسبنا من «شو» أنه فتح الأعين إلى الإصلاح بأن وضع الإصبع على أمكنة الداء.
و«برنارد شو» عندما يعالج المسائل الاجتماعية إنما تحدوه إلى هذه المعالجة نزعتان؛ إحداهما: تلك النزعة العلمية التي تجعله يؤلف كتابا في الاقتصاديات لا تقل صفحاته عن 500 يشرح فيها قيمة النقد، ومعنى البدل النقد، والعرض والطلب، وأجر العامل، وأجرة العقار، ونحو ذلك، مما هو أبعد الأشياء في العرف الأدبي عن أديب يحترف القصص أو الدرامات. والأخرى: تلك النزعة الإنسانية التي تعيد إلينا ذكرى «فولتير» و«روسو». وأحيانا تصطدم فيه النزعتان، فإنه يحارب العلماء والأطباء بماله وقلمه ووقته لأنهم يجربون تجاربهم أحيانا في الحيوان الحي. وهم بالطبع يقصدون من هذه التجارب إلى المنفعة البشرية، ولكن إنسانية «برنارد شو» تمنعه من التفكير في هذه المنفعة إذا كان لا بد من إيلام الحيوان لأجل تحقيقها. وهو يكره القسوة بألوانها المختلفة، ودرجاتها المتفاوتة، فهو من ناحية يلعن الأطباء والعلماء لأنهم يؤلمون الحيوان بما يسمونه التجربة العلمية، ويتهمهم بأنهم إنما يمارسون لذة خفية «سادية» بهذا الإيلام لا تختلف من لذة الرجل الذي يصاب بالشذوذ الجنسي حين يضرب المرأة ويؤلمها ولا يتمم علاقته الجنسية إلا بضربها وإيلامها. ومن ناحية أخرى يخاطب الزوج الإنجليزي ويبكته في لهجة لاذعة من التقريع لأنه يلح على اقتضاء حقوقه الزوجية بالنوم في سرير واحد مع زوجته.
وبين هذين الطرفين نجده في معالجته للمسائل الاجتماعية ينزع نزعة كثيرا ما تتفق وأغراضه الاشتراكية. فهو يكره الاستعمار، ويذكر حادثة دنشواي بالتفصيل المؤلم. والحق أنه في هذه النزوات البارة يقف من المجتمع موقف «فولتير» من مجتمعه في القرن الثامن عشر. وليس شك أن «شو» في أيامنا هو السليل الروحي ل «فولتير». وهو يطلب الرفق بالأطفال، ويصرح بأن هناك آباء يسيئون تربية أبنائهم ويجب أن يفصلوا منهم. وقد آمن بنظرية التطور، بل دعا إلى الاستنارة بها في ترقية المجتمع ترقية عضوية حتى ينشأ من الإنسان «سوبرمان» تكون نسبته إلينا كنسبتنا نحن إلى القردة. ولكنه عندما اصطدم بمبدأ «تنازع البقاء» والطبيعة الحمراء بين المخلب والناب، أبت إنسانيته أن يصدق أن في هذا الكون مثل هذه القسوة، فرفض الإيمان بهذا المبدأ وأخذ يحتال على تفسير آخر للتطور، كأنه يريد أن تكون الطبيعة إنسانية أيضا، أو كأنه لا يفهم أنه هو نفسه إنسان لأنه أرقى من الطبيعة.
الطبيعة اخترعت الشهوة، ولكن الإنسان اخترع الحب. والطبيعة اخترعت التنازع، ولكن الإنسان اخترع التعاون.
ومنطق الطبيعة هو الغريزة الوقتية، ولكن منطق الإنسان هو العقل البصير.
Неизвестная страница