Адаб ад-дунья ва-д-дин
أدب الدنيا والدين
Издатель
دار مكتبة الحياة
Номер издания
الأولى
Год публикации
1407 AH
Место издания
بيروت
Жанры
Суфизм
[فَصْلٌ فِي الْهَوَى]
الْهَوَى فَصْلٌ: وَأَمَّا الْهَوَى فَهُوَ عَنْ الْخَيْرِ صَادٌّ، وَلِلْعَقْلِ مُضَادٌّ؛ لِأَنَّهُ يُنْتِجُ مِنْ الْأَخْلَاقِ قَبَائِحَهَا، وَيُظْهِرُ مِنْ الْأَفْعَالِ فَضَائِحَهَا، وَيَجْعَلُ سِتْرَ الْمُرُوءَةِ مَهْتُوكًا، وَمَدْخَلَ الشَّرِّ مَسْلُوكًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ﵄: الْهَوَى إلَهٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ. ثُمَّ تَلَا: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية: ٢٣] وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [الحديد: ١٤] يَعْنِي بِالشَّهَوَاتِ ﴿وَتَرَبَّصْتُمْ﴾ [الحديد: ١٤] يَعْنِي بِالتَّوْبَةِ ﴿وَارْتَبْتُمْ﴾ [الحديد: ١٤] يَعْنِي فِي أَمْرِ اللَّهِ ﴿وَغَرَّتْكُمْ الْأَمَانِيُّ﴾ [الحديد: ١٤] يَعْنِي بِالتَّسْوِيفِ ﴿حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ﴾ [الحديد: ١٤] يَعْنِي الْمَوْتَ ﴿وَغَرَّكُمْ بِاَللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [الحديد: ١٤] يَعْنِي الشَّيْطَانَ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «طَاعَةُ الشَّهْوَةِ دَاءٌ، وَعِصْيَانُهَا دَوَاءٌ» . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: اقْدَعُوا هَذِهِ النُّفُوسَ عَنْ شَهَوَاتِهَا فَإِنَّهَا طَلَّاعَةٌ تَنْزِعُ إلَى شَرِّ غَايَةٍ. إنَّ هَذَا الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِيٌّ، وَإِنَّ الْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِيٌّ، وَتَرْكُ الْخَطِيئَةِ خَيْرٌ مِنْ مُعَالَجَةِ التَّوْبَةِ وَرُبَّ نَظْرَةٍ زَرَعَتْ شَهْوَةً، وَشَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْنًا طَوِيلًا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: أَخَافُ عَلَيْكُمْ اثْنَيْنِ: اتِّبَاعَ الْهَوَى وَطُولَ الْأَمَلِ. فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى يَصُدُّ عَنْ الْحَقِّ وَطُولَ الْأَمَلِ يُنْسِي الْآخِرَةَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إنَّمَا سُمِّيَ الْهَوَى هَوًى؛ لِأَنَّهُ يَهْوِي بِصَاحِبِهِ.
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: الْهَوَى هَوَانٌ وَلَكِنْ غَلِطَ بِاسْمِهِ، فَأَخَذَهُ الشَّاعِرُ وَقَالَ:
إنَّ الْهَوَانَ هُوَ الْهَوَى قُلِبَ اسْمُهُ ... فَإِذَا هَوِيتَ فَقَدْ لَقِيت هَوَانَا
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: مَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ، أَعْطَى عَدُوَّهُ مُنَاهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْعَقْلُ صَدِيقٌ مَقْطُوعٌ، وَالْهَوَى عَدُوٌّ مَتْبُوعٌ.
وَقَالَ بَعْضُ
1 / 29