Адаб ад-дунья ва-д-дин

аль-Маварди d. 450 AH
87

Адаб ад-дунья ва-д-дин

أدب الدنيا والدين

Издатель

دار مكتبة الحياة

Номер издания

الأولى

Год публикации

1407 AH

Место издания

بيروت

Жанры

Суфизм
عَلَيْك بِأَوْسَاطِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ... نَجَاةٌ وَلَا تَرْكَبْ ذَلُولًا وَلَا صَعْبًا وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ: وَهُوَ أَنْ يُقَصِّرَ فِيهَا. فَلَا يَخْلُو حَالَ تَقْصِيرِهِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ: إحْدَاهُنَّ: أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ أَعْجَزَهُ عَنْهُ، أَوْ مَرَضٍ أَضْعَفَهُ عَنْ أَدَاءِ مَا كُلِّفَ بِهِ. فَهَذَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الْمُقَصِّرِينَ، وَيَلْحَقُ بِأَحْوَالِ الْعَامِلِينَ، لِاسْتِقْرَارِ الشَّرْعِ عَلَى سُقُوطِ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْعَجْزِ. وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ عَامِلٍ كَانَ يَعْمَلُ عَمَلًا فَيَقْطَعُهُ عَنْهُ مَرَضٌ إلَّا وَكَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مَنْ يَكْتُبُ لَهُ ثَوَابَ عَمَلِهِ.» وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ تَقْصِيرُهُ فِيهِ اغْتِرَارًا بِالْمُسَامَحَةِ فِيهِ، وَرَجَاءَ الْعَفْوِ عَنْهُ. فَهَذَا مَخْدُوعُ الْعَقْلِ مَغْرُورٌ بِالْجَهْلِ، فَقَدْ جَعَلَ الظَّنَّ ذُخْرًا وَالرَّجَاءَ عُدَّةٌ. فَهُوَ كَمَنْ قَطَعَ سَفَرًا بِغَيْرِ زَادٍ ظَنًّا بِأَنَّهُ سَيَجِدُهُ فِي الْمَفَاوِزِ الْجَدْبَةِ فَيُفْضِي بِهِ الظَّنُّ إلَى الْهَلَكَةِ، وَهَلَّا كَانَ الْحَذَرُ أَغْلَبَ عَلَيْهِ وَقَدْ نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ. وَحُكِيَ أَنَّ إسْرَائِيلَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي قَالَ: لَقِيَنِي مَجْنُونٌ كَانَ فِي الْخَرَابَاتِ فَقَالَ: يَا إسْرَائِيلُ خَفْ اللَّهَ خَوْفًا يَشْغَلُك عَنْ الرَّجَاءِ فَإِنَّ الرَّجَاءَ يَشْغَلُك عَنْ الْخَوْفِ، وَفِرَّ إلَى اللَّهِ وَلَا تَفِرَّ مِنْهُ. وَقِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ ﵀: أَلَا تَبْكِي؟ فَقَالَ: تِلْكَ حِلْيَةُ الْآمَنِينَ. وَحُكِيَ أَنَّ أَبَا حَازِمٍ الْأَعْرَجَ أَخْبَرَ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بِوَعِيدِ اللَّهِ لِلْمُذْنِبَيْنِ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَيْنَ رَحْمَةُ اللَّهِ؟ قَالَ: قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ﵄: مَا انْتَفَعْت وَلَا اتَّعَظْت بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِمِثْلِ كِتَابٍ كَتَبَهُ إلَيَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَسُرُّهُ دَرَكُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ وَيَسُوءُهُ فَوْتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ، فَلَا تَكُنْ بِمَا نِلْته مِنْ دُنْيَاك فَرِحًا، وَلَا لِمَا فَاتَك مِنْهَا تَرِحًا، وَلَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ، وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ بِطُولِ الْأَمَلِ، فَكَأَنْ قَدْ وَالسَّلَامُ. وَقَالَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ ﵀: أَخَافُ عَلَى الْمُحْسِنِ الْمُتَّقِي ... وَأَرْجُو لِذِي الْهَفَوَاتِ اُلْمُسِي فَذَلِكَ خَوْفِي عَلَى مُحْسِنٍ ... فَكَيْفَ عَلَى الظَّالِمِ الْمُعْتَدِي عَلَى أَنَّ ذَا الزَّيْغِ قَدْ يَسْتَفِيقُ ... وَيَسْتَأْنِفُ الزَّيْغَ قَلْبُ التَّقِيّ

1 / 101