Адаб ад-дунья ва-д-дин
أدب الدنيا والدين
Издатель
دار مكتبة الحياة
Номер издания
الأولى
Год публикации
1407 AH
Место издания
بيروت
Жанры
Суфизм
كَمَا يَكْتَسِي خَدُّهُ حُمْرَةً ... وَعِلَّتُهُ وَرَمٌ فِي الرِّيَهْ
فَلَا يَرَى أَنْ يَتَدَنَّسَ بِمَطَالِبِ الشُّؤْمِ، وَمَطَامِعِ اللُّؤْمِ، فَإِنَّ الْبَهَائِمَ الْوَحْشِيَّةَ تَأْبَى ذَلِكَ وَتَأْنَفُ مِنْهُ، قَالَ الشَّاعِر:
وَلَيْسَ اللَّيْثُ مِنْ جُوعٍ بِغَادٍ ... عَلَى جِيَفٍ تُطِيفُ بِهَا الْكِلَابُ
فَكَيْفَ بِالْإِنْسَانِ الْفَاضِلِ الَّذِي هُوَ أَكْرَمُ الْحَيَوَانِ جِنْسًا، وَأَشْرَفُهُ نَفْسًا، هَلْ يَحْسُنُ بِهِ أَنْ يَرَى لِوَحْشِ الْبَهَائِمِ عَلَيْهِ فَضْلًا، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَلَى كُلِّ حَالٍ يَأْكُلُ الْمَرْءُ زَادَهُ ... عَلَى الْبُؤْسِ وَالضَّرَّاءِ وَالْحَدَثَانِ
وَالْفَضْلُ فِي مِثْلِ مَا قِيلَ لِبَعْضِ الزُّهَّادِ: لَوْ سَأَلْتَ جَارَك أَعْطَاك؟ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَسْأَلُ الدُّنْيَا مِمَّنْ يَمْلِكُهَا فَكَيْفَ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُهَا. وَوَصَفَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ قَوْمًا فَقَالَ:
إذَا افْتَرَقُوا أَغَضُّوا عَلَى الضُّرِّ خَشْيَةً ... وَإِنْ أَيْسَرُوا عَادُوا سِرَاعًا إلَى الْفَقْرِ
فَأَمَّا مَنْ يَسْأَلُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مَسَّتْ، وَلَا حَاجَةٍ دَعَتْ، فَذَلِكَ صَرِيحُ اللُّؤْمِ وَمَحْضُ الدَّنَاءَةِ.
وَقَلَّمَا تَجِدُ مِثْلَهُ مَلْحُوظًا أَوْ مُمَوَّلًا مَحْظُوظًا؛ لِأَنَّ الْحِرْمَانَ قَادَهُ إلَى أَضْيَقِ الْأَرْزَاقِ، وَاللُّؤْمَ سَاقَهُ إلَى أَخْبَثِ الْمَطَاعِمِ، فَلَمْ يَبْقَ لِوَجْهِهِ مَاءٌ إلَّا أَرَاقَهُ، وَلَا ذُلٌّ إلَّا ذَاقَهُ، كَمَا قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْمُعَدَّلِ لِأَبِي تَمَّامٍ الطَّائِيِّ:
أَنْتَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ تَبْرُزُ لِلنَّاسِ ... وَكِلْتَاهُمَا بِوَجْهٍ مُذَالِ
لَسْت تَنْفَكُّ طَالِبًا لِوِصَالٍ ... مِنْ حَبِيبٍ أَوْ طَالِبًا لِنَوَالِ
أَيُّ مَاءٍ لِحُرِّ وَجْهِك يَبْقَى ... بَيْنَ ذُلِّ الْهَوَى وَذُلِّ السُّؤَالِ
وَلَوْ اسْتَقْبَحَ الْعَارَ وَأَنِفَ مِنْ الذُّلِّ لَوَجَدَ غَيْرَ السُّؤَالِ مُكْتَسِبًا يُمَوِّنُهُ، وَلَقَدِرَ عَلَى مَا يَصُونَهُ، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَطْلُبَنَّ مَعِيشَةً بِتَذَلُّلٍ ... فَلَيَأْتِيَنَّكَ رِزْقُك الْمَقْدُورُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّك آخِذٌ كُلَّ الَّذِي ... لَك فِي الْكِتَابِ مُقَدَّرٌ مَسْطُورُ
1 / 193