Адаб ад-дунья ва-д-дин

аль-Маварди d. 450 AH
137

Адаб ад-дунья ва-д-дин

أدب الدنيا والدين

Издатель

دار مكتبة الحياة

Номер издания

الأولى

Год публикации

1407 AH

Место издания

بيروت

Жанры

Суфизм
وَلَدٌ بَارٌّ أَوْ عَدُوٌّ ضَارٌّ. وَقَدْ قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: الْعُقُوقُ ثَكْلُ مَنْ لَمْ يُثْكَلْ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: ابْنُك رَيْحَانُك سَبْعًا، وَخَادِمُك سَبْعًا وَوَزِيرُك سَبْعًا، ثُمَّ هُوَ صِدِّيقٌ أَوْ عَدُوٌّ. وَأَمَّا الْمُنَاسِبُونَ فَهُمْ مِنْ عَدَا الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ مِمَّنْ يَرْجِعُ بِتَعْصِيبٍ أَوْ رَحِمٍ. وَاَلَّذِي يَخْتَصُّونَ بِهِ الْحَمِيَّةُ الْبَاعِثَةُ عَلَى النُّصْرَةِ، وَهِيَ أَدْنَى رُتْبَةِ الْأَنَفَةِ؛ لِأَنَّ الْأَنَفَةَ تَمْنَعُ مِنْ التَّهَضُّمِ وَالْخُمُولِ مَعًا، وَالْحَمِيَّةُ تَمْنَعُ مِنْ التَّهَضُّمِ وَلَيْسَ لَهَا فِي كَرَاهَةِ الْخُمُولِ نَصِيبٌ إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا مَا يَبْعَثُ عَلَى الْأُلْفَةِ. وَحَمِيَّةُ الْمُنَاسِبِينَ إنَّمَا تَدْعُو إلَى النُّصْرَةِ عَلَى الْبُعَدَاءِ وَالْأَجَانِبِ، وَهِيَ مُعَرَّضَةٌ لِحَسَدِ الْأَدَانِي وَالْأَقَارِبِ، مَوْكُولَةٌ إلَى مُنَافَسَةِ الصَّاحِبِ بِالصَّاحِبِ، فَإِنْ حُرِسَتْ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّلَاطُفِ تَأَكَّدَتْ أَسْبَابُهَا وَاقْتَرَنَ بِحَمِيَّةِ النَّسَبِ مُصَافَاةُ الْمَوَدَّةِ، وَذَلِكَ أَوْكَدُ أَسْبَابِ الْأُلْفَةِ. وَقَدْ قِيلَ لِبَعْضِ قُرَيْشٍ: أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك أَخُوك أَوْ صَدِيقُك؟ قَالَ: أَخِي إذَا كَانَ صَدِيقًا. وَقَالَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: الْعَيْشُ فِي ثَلَاثٍ: سَعَةُ الْمَنْزِلِ، وَكَثْرَةُ الْخَدَمِ، وَمُوَافَقَةُ الْأَهْلِ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْبَعِيدُ قَرِيبٌ بِمَوَدَّتِهِ، وَالْقَرِيبُ بَعِيدٌ بِعَدَاوَتِهِ. وَإِنْ أُهْمِلَتْ الْحَالُ بَيْنَ الْمُتَنَاسِبِينَ ثِقَةً بِلُحْمَةِ النَّسَبِ، وَاعْتِمَادًا عَلَى حَمِيَّةٍ الْقَرَابَةِ، غَلَبَ عَلَيْهَا مَقْتُ الْحَسَدِ وَمُنَازَعَةُ التَّنَافُسِ، فَصَارَتْ الْمُنَاسَبَةُ عَدَاوَةً وَالْقَرَابَةُ بُعْدًا. وَقَالَ الْكِنْدِيُّ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ: الْأَبُ رَبٌّ، وَالْوَلَدُ كَمَدٌ وَالْأَخُ فَخٌّ، وَالْعَمُّ غَمٌّ وَالْخَالُ وَبَالٌ، وَالْأَقَارِبُ عَقَارِبُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ: لُحُومُهُمْ لَحْمِي وَهُمْ يَأْكُلُونَهُ ... وَمَا دَاهِيَاتُ الْمَرْءِ إلَّا أَقَارِبُهُ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَأَثْنَى عَلَى وَاصِلِهَا

1 / 152