300

Знаменитости эпохи и помощники победы

أعيان العصر و أعوان النصر

Редактор

الدكتور علي أبو زيد، الدكتور نبيل أبو عشمة، الدكتور محمد موعد، الدكتور محمود سالم محمد

Издатель

دار الفكر المعاصر،بيروت - لبنان،دار الفكر

Издание

الأولى

Год публикации

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

Место издания

دمشق - سوريا

وقال لشهاب الدين: اكتب على يده كتابًا إلى مخدومه واشفع فيه، فكتب شهاب الدين الكتاب وتأنّق فيه، وجاء من جملة ذلك: وإذا خَشُن المقرّ حَسُن المفرّ، وتوهّم شهاب الدين أن ذلك يُعجب الصاحب، فلمّا وقف عليها أنكرها دون ما في الكتاب، وقال: يا شهاب الدين غيِّر هذه فإنها وحشة، فطار عقل شهاب الدين، وضرب بالدواة الأرض، وقال: ما أنا ملزوم بالغُلْف القُلف، وخَرَجَ من عنده وتوجّه إلى الحجاز، ودَخَل من مكّة إلى اليمن، وتلقاه الملك المؤيَّد، وأحسن إليه إحسانًا زائدًا، وجعله كاتبَ سرّه، فلم يَطِبْ له المقام، وهربَ بعد خمسة أو ستة أشهر، وقلّما خرج من مدينة إلاّ وهو مختفٍ.
وكان كاتبًا مترسِّلًا، عارفًا بمقاصد الكتابة متوسِّلًا، يَستحضر من اللغة جانبًا وافرًا، ويُبدي في المنادمة وجهًا بالمحاسن سافرًا، ويُورِدُ من كلام المعرّي قطعة كبيرة قد حفظها غائبًا، ويرمي منها سهمًا في البلاغة صائبًا، خصوصًا من اللُّزوميات، وما له من العِظات والزهديّات. وإذا تكلّم تَفَيْهَق، وتنطَّع في كلامه وتمنطق، ويأتي في ترسُّله بالغريب، والحوشيّ العجيب، وإذا فكّر بشيء فَكَّر، وغاص في المعاني وتذكّر، ووضع شَعْر ذقنه في فيه وقَرَضَه، وقال الشعر وقَرَضَه، ويحوم بكلامه على المعنى المقصود زمانًا، وما يكسوه مع ذلك بيانًا، وكان مَتِع الكلام، بريئًا من النَّقْض والملام، لا يعبأ بملبس ولا مأكل، ولا يتكلّف لشيء سِوى أنه

1 / 335